رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


في ذكراها المئوية.. «ثورة 1919» يوم انتفض الشعب المصري طالبا الاستقلال.. ومؤرخون: أول حركة جماهيرية عامة جمعت كل الطبقات ضد فظائع الاحتلال.. وجسدت قوة الوحدة الوطنية

22-2-2019 | 17:42


جسدت ثورة 1919 قوة الوحدة الوطنية وتماسك الشعب المصري فكانت أول تحرك جماهيري عام شارك فيه جموع الشعب المصري من كل الطبقات والمحافظات تحت هدف واحد وهو القضية الوطنية، ممثلة في المطالبة بالاستقلال، ومع اقتراب ذكراها المئوية، أكد مؤرخون أن فظائع الاحتلال والظروف التي عاش فيها الشعب المصري خلال فترة الحرب العالمية الأولى دفعته للثورة.

وأوضحوا أن الثورة رفعت شعار وحدة الهلال والصليب رغم محاولات الاحتلال إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، لكنهم فشلوا ووقف المصريون جميعا ضد الاحتلال في ثورة 1919، وخطب الشيوخ في الكنائس وخطب القساوسة في المساجد، فضلا عن مشاركة الطلبة والسيدات وبينهم زوجات الزعماء في دور بارز في الحراك الوطني.

 

أول حركة جماهيرية عامة

الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان، قال إن أهمية ثورة 1919 وقيمتها في تاريخ مصر تنبع من كونها أول حركة جماهيرية عامة جمعت كل المصريين ابتدءا من القاهرة إلى كل أقاليم مصر من كل الفئات والطبقات، مضيفا أن المصريين أضربوا عن العمل وخرجوا يتظاهرون مطالبين بجلاء الإنجليز والاستقلال، احتجاجا على اعتقال سعد زغلول الذي طالب بحق مصر في تقرير مصيرها.

وأوضح الدسوقي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أنه بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى سبتمبر 1914 فرضت إنجلترا الأحكام العرفية وعطلت الجمعية التشريعية ثم أعلنت الحماية على مصر، مضيفا أن المصريين أيدوا تحرك سعد زغلول وكيل الجمعية التشريعية وزميليه عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي لمقابلة المندوب السامي البريطاني السير ريجنالد ونجت في 13 نوفمبر 1918 للسماح لهم بالسفر إلى باريس استعدادا لحضور مؤتمر الحلفاء لتسوية نتائج الحرب، ومطالبة المؤتمر بتطبيق حق تقرير المصير.

وأضاف أن المندوب السامي اعترض على تلك المقابلة بأن هذا الوفد ليس له صفة رسمية، وهنا أسرع سعد زغلول إلى صياغة توكيل يوقع عليه المصريون بشأن إنابته وزملائه للتحدث باسم المصريين والسعي لتحقيق الاستقلال وإقامة اجتماعات، موضحا أن ونجت حذر زغلول من تلك الاجتماعات فلم يتوقف، فكان اعتقاله يوم الجمعة 8 مارس وترحيله صباح السبت 9 مارس إلى جزيرة مالطة في البحر المتوسط وهي إحدى مستعمرات بريطانيا.

ولفت إلى أنه بعدما شاع خبر اعتقال ونفي سعد زغلول ورفاقه، اندلعت الثورة وبدأها طلاب مدرسة الحقوق، وتوسعت بين كل الأوساط من القاهرة إلى الأقاليم للتنفيث عن غيظ مكتوم من فظائع الاحتلال، مؤكدا أن الثورة تجلت فيها روح الوحدة الوطنية، خاصة وأن الإنجليز منذ احتلوا البلاد كانوا يحاولون إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط لشغل المصريين عن المطالبة بالجلاء.

وأكد الدسوقي أن عقلاء الأمة كانوا يحذرون من الفتنة حيث قال الشيخ علي يوسف وهو رجل أزهري: وما المسلمون المصريون إلا أقباط غيروا عقيدتهم، وأكمل مصطفى كامل هذه العبارة بقوله: وهل تغيير العقيدة يغير الدم، مضيفا أنه على هذا تم تصميم شعار وحدة الهلال والصليب رمزا للثورة حيث كان شيوخ الأزهر والقساوسة يتبادلون الخطب في المساجد والكنائس.

وأشار أستاذ التاريخ الحديث إلى أن الثورة لم تحقق أهدافها في الاستقلال، ذلك أن قياداتها كانت معتدلة وقانونية وليست ثورية بالمعنى الاصطلاحي، وتتصور أنه يمكن تحقيق استقلال وطن من براثن محتل غاصب عن طريق إقناعه بالحق من خلال المبادئ الأخلاقية والنداءات والاتصالات الدولية.

وأوضح أن صياغة التوكيل التي عرضها سعد زغلول على المجتمعين بمنزله كانت تقول: "نحن الموقعين أدناه أنبنا حضرات.. للسعي بالطرق السلمية والمشروعة وحيثما وجدوا للسعي سبيلا لاستقلال مصر"، مضيفا أنه عندما كانت أنباء العنف في مصر تصل إلى أسماع سعد زغلول في منفاه في مالطة كان يبدى نفوره من هذا الأسلوب لأنه يضر بالقضية ويقول "إن كل ما نريده أن نصل إلى حل يرضي الإنجليز ويرضينا"، كما جاء في مذكراته.

وأشار إلى أن قيادات الثورة تعرضت للخلافات الشخصية وهو ما استثمرته سلطة الاحتلال حين تعاملت مع الجناح المعتدل بقيادة عدلي يكن الذي قبل التفاوض مع الإنجليز الأمر الذي أدى إلى تصفية الثورة وانتهاؤها بتصريح 28 فبراير 1922 والذي أعلن استقلال مصر، لكنها ظلت تحت الحماية البريطانية.

 

قوة الوحدة الوطنية

فيما قالت الدكتورة لطيفة سالم، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الزقازيق، إن ثورة 1919 جسدت قوة الوحدة الوطنية واتحاد الهلال مع الصليب وتماسك الشعب المصري بهدف أسمى وهو القضية الوطنية، موضحة أن أبرز مشاهد الثورة كانت خطب بعض القساوسة في الجامع الأزهر وخطب بعض الشيوخ في الكنائس.

وأضحت سالم، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن مصر عاشت 4 سنوات غاية في الصعوبة سياسيا واقتصاديا خلال الحرب العالمية الأولى فعاش المصريون في هوان بفعل المجهود الحربي الذي بذل لصالح إنجلترا وحلفاؤها والأحكام العرفية المفروضة حينها، مشيرا إلى أن الحركة الوطنية بدأت تتشكل قبل تلك المرحلة ومنها الحزب الوطني بزعامة مصطفى كامل.

وأشارت إلى أنه كان هناك مشاهد تدل على محاولات الثورة من المصريين باحتجاجات كان يجري قمعها من قبل الاحتلال ومحاولات لاغتيال رموز الإنجليز، وبعد انتهاء الحرب تولت النخبة ممثلة في سعد زغلول وعلي شعراوي وعبد العزيز فهمي السعي لطلب الاستقلال لكن الحكومة البريطانية حاولت التصدي لهم باعتقالهم ونفيهم فتفجر الغضب المصري في اليوم نفسه 9 مارس.

وأضافت أن المرأة المصرية كانت لها دورا كبيرا في تلك الثورة كما شاركت زوجات الزعماء بدور بارز أيضا كصفية زغلول وهدى شعراوي وغيرهن، مضيفة أن الشعور الوطني هو المحرك الأساسي للثورة التي جسدت الوحدة الوطنية بمشاركة كل الطبقات، حيث اشترك الفلاحين والعمال بعدما تعرضوا له من ظلم والمثقفين للمطالبة بالحرية والاستقلال والديمقراطية وإقامة حياة سياسية سليمة ووضع دستور واختيار برلمان.

وأكدت أستاذ التاريخ الحديث أن ثورة 1919 خطت خطوات هامة بدءا من اندلاعها في 9 مارس وظلت ممتدة حتى أصدرت بريطانيا تصريح 28 فبراير 1922، والذي أعلن إلغاء الحماية البريطانية وأن مصر دولة مستقلة مع التحفظات الأربعة، مضيفة أن هذا إنجاز لأن المطالب تتحقق بالتدريج وبعدها تحولت مصر للملكية وبدأت الحقبة الليبرالية ووضع دستور 1923 وما تلاه من أحداث.