أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس تطلع بلاده إلى بناء علاقات مستقبلية سليمة بين العالم العربي وأوروبا خالية من الأحكام الجاهزة وفي منأى عن تأثيرات الأحداث العابرة..معربا عن اعتقاده بوجود فرصة جديدة للتعاون المشترك في قضيتي الهجرة ومحاربة الإرهاب في جوانبها المتعددة وفق مقاربة متكاملة وشمولية تجمع بين روح المسئولية المتقاسمة والتنمية المشتركة.
وقال ملك المغرب ـ في كلمته التي ألقاها نيابة عنه رئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني خلال الجلسة العامة الثانية للزعماء العرب والأوروبيين والتي تعقد في إطار القمة العربية الأوروبية الأولى بشرم الشيخ اليوم ـ " إن التصور المتكامل للشراكة بين الجانبين يتطلب التركيز على بعض الأولويات من بينها الأمن القومي العربي وتحقيق نهضة بالوطن العربي، حيث يقع على عاتق أوروبا مسئولية مساعدة جوارها العربي لبلوغ ذلك التصور وتوجيه الشراكات المستقبلية نحو تهيئة بيئة فكرية وثقافية وإعلامية سليمة للتعايش والتعاون بين شعوب المنطقتين".
وأضاف" إن قمة شرم الشيخ تحظى بأهمية بالغة لدى العالم العربي حيث تؤسس لجوار يحتل مكانة متميزة في خارطة علاقاته مع مختلف شركائه من دول وتجمعات ومنظمات إقليمية وقارية".
وأشار إلى أن المغرب التي لها تجربة متميزة ومثمرة مع العالم الأوروبي مستعدة للدفع بالتعاون العربي الأوروبي نحو شراكة خلاقة تنهل من غنى الموروث الثقافي والحضاري لكل طرف على حدة لبناء علاقة متينة ومتكافئة قوامها القيم والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل والحوار البناء.
وأوضح أن القمة تشكل فرصة مواتية لاستحضار تلك الأبعاد الحضارية والإنسانية كقاعدة صلبة للانتقال بالحوار إلى مستوى تعاون حقيقي يرتكز على رؤية واضحة وخطط عمل واقعية لخدمة المصالح المتبادلة وتحقيق المنفعة المشتركة.
وقال العاهل المغربي" إن واقع التعاون العربي الأوروبي وحجمه المادي والمعرفي يؤكد ضرورة إجراء تقييم موضوعي وهادئ لنتائجه ومراجعة محاوره وتحديد أولوياته الاستراتيجية المرحلية والمستقبلية وتطوير منهجية عمله بهدف تعزيزه والارتقاء به".
وأضاف" إننا مدعوون اليوم لتوجيه مناقشاتنا وحواراتنا نحو التفكير الجدي والعميق في كيفية تجسيد هذا التعاون على أرض الواقع عبر وضع تصور شمولي متكامل للمشروع المستقبلي الذي نريده لمنطقتنا يقوم على ترتيب عقلاني للأولويات ونهج أسلوب تشاركي استباقي يعتمد على آليات عمل مرنة ومتطورة".
وأشار إلى أن هذه القمة تشكل فرصة للبدء في بلورة ذلك المشروع الطموح وإرساء آلياته وهو ليس بالأمر العسير نظرا لوجود آليات وهياكل قائمة من بينها حوار (5 +5) والاتحاد من أجل المتوسط.
ودعا ملك المغرب التكتلات العربية والإقليمية ومن بينها اتحاد المغرب العربي إلى ضرورة الاضطلاع بدورها في تطوير العلاقات العربية مع الشريك الأوروبي وتجاوز العوائق السياسية والخلافات الثنائية التي تعطل مسيرة الانطلاق والتنمية.
وأوضح أن المنطقة تواجه تحديات أساسية أبرزها القضية الفلسطينية ومستقبل القدس الشريف التي توليها بلاده أهمية كبيرة باعتبارها رئيس لجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، مشددا على ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني للمدينة المقدسة كجزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 في إطار حل الدولتين وبما يحقق السلام الشامل لجميع شعوب المنطقة وذلك وفقا للثوابت التي سبق التوافق عليها بشأن تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
واختتم العاهل المغربي كلمته باستعداد بلاده الكامل للانخراط بكل جدية في فعاليات جديدة من شأنها الارتقاء بالحوار العربي الأوروبي إلى مستوى تعاون حقيقي ومجدي بما يعود بالنفع على بلدان المنطقتين ويسهم في تحقيق طموحات وتطلعات شعوبها.
ووجه ملك المغرب الشكر والتقدير إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي والشعب المصري على استضافة القمة العربية الأوروبية الأولى والجهود التي بذلتها الحكومة المصرية لتهيئة الظروف الملائمة لإنجاحها.