«مؤنس»: ثورة 1919 وطنية شاملة وغير مسبوقة.. وهذه أبرز مكاسبها
قال الدكتور أشرف
مؤنس، أستاذ التاريخ الحديث ومدير مركز بحوث الشرق الأوسط للدراسات المستقبلية بجامعة
عين شمس، إن اليوم يواكب الذكرى المئوية لثورة 1919،والتي تعتبر ثورة شعبية وطنية خالصة
وغير مسبوقة، حيث لم يسبقها ثورة في العالم كله ضد بريطانيا العظمى وقتها، والتي انطلقت
في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
وأوضح مؤنس، في
تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن ثورة 1919 تمتاز بأن كل طوائف وفئات المجتمع
المصري شاركوا فيها من العمال والفلاحين والطلبة والمثقفين والموظفين والأعيان والفقراء،
المسلمين والمسيحيين، والمرأة والشيوخ وحتى أفراد الشرطة أو البوليس المصري كما عرف
حينها.
وأضاف أن مشاركة
كل عناصر المجتمع في هذه الثورة كانت من عوامل نجاحها، وكانت الأسباب المباشرة لاندلاعها
هو اعتقال سعد زغلول ورفاقه ونفيهم، بعد مطالبتهم للمندوب السامي البريطاني في 13 نوفمبر
1918 عقب توقف الحرب العالمي الأولى، السماح لهم بالسفر لحضور مؤتمر الصلح في باريس.
وأشار إلى أن المعتمد
البريطاني رفض السماح لهم بحجة أنهم غير موكلين من الشعب المصري، فبدأ سعد وقتها جمع
التوكيلات من كل المصريين في كل عزبة أو قرية، لكن المعتمد البريطاني لم يعترف بها
وتعنت ضد زغلول ورفاقه، حتى صدر قرار باعتقالهم في 8 مارس، وفي صباح اليوم التالي الأحد
9 مارس خرج الشعب احتجاجا.
وأكد أن هناك أسباب
سياسية واقتصادية واجتماعية دفعت للثورة، كان أبرزها فرض الحماية البريطانية على مصر
في ديسمبر 1914 بعد اشتعال الحرب العالمية الأولى ببضعة أشهر وانضمام الدولة العثمانية
لدول الوسط، مضيفا أن الحماية كان معناها عزل مصر عن الدولة العثمانية حيث وجد الشعب
المصري أن بريطانيا توطد لوجودها في أرض مصر وليس لديها أية نية للرحيل بعكس ما ادعته
منذ احتلالها لمصر 1882 بأن وجودها مؤقت.
وأضاف أستاذ التاريخ
الحديث أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى كان الشعب يأمل في الحصول على الاستقلال
لكن بريطانيا تعنتت ورفضت منحه الاستقلال بعكس ما طالب به الرئيس الأمريكي الأسبق ويلسن
بحق الدول الواقعة تحت الوجود العثماني في تقرير مصيرها في المبادئ الـ14 من الميثاق
العالمي الذي تم الاتفاق عليه حينها.
ولفت إلى أن الشعب
المصري أيضا وجد بريطانيا تقوم بإلغاء الجيش والبحرية المصرية وتحل الجمعية التشريعية
التي كان سعد زغلول وكيلها والتي كانت بمثابة البرلمان المصري، وهي كلها أسباب زادت
من سخط الشعب على بريطانيا، فضلا عن تخفيض سعر القطن المصري وتقليل مساحات الأراضي
المزروعة منه والتركيز على زراعة المحاصيل التي تفيد الجيش البريطاني واشتد الغلاء
وزاد النفوذ البريطاني في البنوك والشركات.
وقال إن الفترة
ما قبل الثورة أيضا شهدت نهضة أدبية وصحفية وحركة نسائية وزاد تنديد الشعراء والأدباء
بالوجود البريطاني كأغاني سيد درويش، مضيفا أن كل تلك الأسباب دفعت الشعب للثورة في
مثل هذا اليوم والتي استمرت لعدة أشهر وكان من أبرز نتائجها الإفراج عن سعد زغلول بعد
شهر من نفيه.
وأضاف أن الثورة
أدت أيضا إلى عزل المعتمد البريطاني وينجت وتعيين اللورد اللنبي، وكذلك إعطاء الإذن
لسعد زغلول ورفاقه للسفر، فتوجهوا إلى لندن وباريس حيث كان مؤتمر الصلح قد انتهى لكنهم
عبروا عن صوت مصر في الصحافة والبرلمان الأوروبي، وكذلك أدت لاستقلال الاقتصاد المصري
بتأسيس طلعت حرب لبنك مصر.
وأوضح أن أبرز
نتائجها أيضا صدور تصريح 28 فبراير عام 1922 والذي نص على إلغاء الحماية البريطانية
وإلغاء الأحكام العربية، وبعدها صدور دستور 1923 وبدء حقبة جديدة من الكفاح الوطني.