تحتفل مصر في التاسع من كل عام بذكرى "يوم الشهيد"، كما أنه اليوم الذي استشهد فيه الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، والذي يعد تكريمًا لشهداء الوطن وبطولاتهم في الدفاع عن أرض مصر وترابها الطاهر؛ حيث أكد الخبراء أن الشهادة هي جزء من عقيدة القوات المسلحة التي تقوم على خيارين إما "النصر أو الشهادة".

أنبتت الخير والسلام

كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، قال إن يوم الشهيد يخلد ذكرى استشهاد ابن مصر البار الفريق عبد المنعم رياض في 9 مارس 1969، والذي شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وجاء استشهاده بعدما قرر أن يتوجه بنفسه للجبهة في ثاني أيام حرب الاستنزاف التي شنتها مصر ضد إسرائيل؛ والتي بدأت في 8 مارس.

وأضاف "عامر"، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن عبد المنعم رياض قرر أن يرى عن قرب نتائج المعركة وزيارة أكثر المواقع تقدما وهو "الموقع رقم 6" الذي كان يبعد مسافة 250 مترًا تقريبًا عن العدو الإسرائيلي، وما أن وصل حتى انهالت النيران الإسرائيلية على الموقع وأصيب رياض بشظايا كانت سببا في استشهاده.

وأكد أن الشهيد عبد المنعم رياض هو رمز للبطولة والإقدام بعدما تقدم الجنود في مواجهة العدو؛ ولذلك اختارت مصر يوم استشهاده ليكون يوم الشهيد، مضيفا أن شهداء القوات المسلحة والشرطة قدموا عبر تاريخ مصر تضحيات مستمرة سواء في حرب الاستنزاف أو حرب أكتوبر والتي كان من أوائل شهداؤها اللواء شفيق متري سدراك.

وأوضح أن دماء الشهداء من المسلمين والمسيحيين اختلطت لتحرير الأرض، فمن الشهداء أيضا كان النقيب عاطف السادات شقيق الرئيس الراحل أنور السادات؛ وكذلك أحمد حمدي من المهندسين؛ وإبراهيم الرفاعي من أساطير الصاعقة؛ وإبراهيم عبد التواب، وكذلك في حرب فلسطين أحمد عبد العزيز وغيرهم الكثير.

وأشار رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب إلى أن مصر قدمت خلال حروبها في سبيل الدفاع عن قضاياها القومية نحو 120 ألف شهيد سالت دمائهم على أرض سيناء، مضيفا أنه خلال الحرب العالمية الأولى وصل عدد الشهداء إلى نحو نصف مليون دفنوا في البلاد التي حاربوا فيها ولا يزال مع كل ذكرى لهذه الحرب يرفع العلم المصري تكريما لهم ولكل ضحايا تلك الحرب.

ولفت إلى التضحيات المستمرة خلال الحرب ضد الإرهاب، وشهداء الشرطة أيضا ومنهم الشهيد ساطع النعماني الذي أصيب بطلق ناري في الوجه تسبب في فقدانه لبصره ودخوله في غيبوبة لمدة شهرين ورحلة علاج طويلة حتى استشهاده في 17 نوفمبر الماضي، مضيفًا: "رحم الله الشهداء الأبرار الذين روت دماؤهم أرض مصر فأنبتت الخير والسلام، فهم فخر لبلادنا ولذويهم، فتحية لهم ولأسرهم لأنهم قدموا أرواحهم في سبيل وطنهم".

عقيدة القوات المسلحة

من جانبه.. قال اللواء عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن الشهادة هي جزء من عقيدة القوات المسلحة التي تقوم على خيارين إما "النصر أو الشهادة"، فأفراد الجيش أو الشرطة يقدمون أرواحهم بكل تجرد في سبيل الدفاع عن الوطن، مضيفا أن هذا ظهر في الكثير من الأحداث سواء خلال العملية الشاملة "سيناء 2018" أو "حق الشهيد" وما قبلهما.

وأوضح "العمدة"، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن جميع المصريين شاهدوا أحد شهداء الجيش الذي احتضن عنصرًا إرهابيًا مفخخًا بحزام ناسف دفاعا عن زملائه، مقدمًا روحه فدائًا للوطن، مضيفا أن تلك العقيدة قادرة على دحر وهزيمة الإرهاب لحفظ أمن واستقرار الوطن والمواطنين.

وأشار إلى أن يوم الشهيد الذي يواكب 9 مارس الذي يتزامن مع مئوية ثورة 1919، تخليد لبطولات كل الشهداء، مضيفا أن العام الحالي يتزامن أيضًا مع مئوية الشهيد عبد المنعم رياض الذي ولد في 22 أكتوبر لعام 1919، والذي تم اختيار يوم استشهاده في 9 مارس عام 1969 يوما للشهيد، فهو المعروف باسم "الجنرال الذهبي" والذي شارك في حروب 1948، و1956، و1967 حتى استشهد في حرب الاستنزاف.

وأكد أن رياض بعد أن بدأ دراسته في كلية الطب لمدة عامين تركها والتحق بالكلية الحربية لشغفه بها بعد أن كان والده قائد لواء طلبة بالكلية الحربية، مضيفا أنه تقلد المناصب حتى أصبح رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة بعد حرب 1967، وبعد بدء حرب الاستنزاف في 8 مارس من عام 1969 والمعجزة العسكرية التي نفذتها المدفعية المصرية في هذا اليوم وإلحاقها خسائر كبيرة للعدو قرر زيارة الجبهة ليشد من أزر الجنود.

تكريم لكل شهداء الوطن 

قال اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الأمن الوطني سابقا، إن يوم الشهيد هو تكريم لكل شهداء الوطن؛ وللتذكير ببطولاتهم للدفاع عن الأرض من أي عدوان خارجي أو داخلي، مضيفا أن جوهر الجهاد والهدف من المعارك التي خاضتها مصر عبر تاريخها هو الدفاع عن الأرض والوطن.

وأضاف "الغباري"، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الشعب المصري يعتبر الأرض كالعرض لذا فإن الدفاع عن الوطن مغروس حتى الموت في دمه وعقيدته، موضحًا أن الفريق عبد المنعم رياض الذي يواكب يوم الشهيد ذكرى استشهاده هو علامة في تاريخ مصر لكونه القائد الذي استشهد على الخط الأول للقتال.

وأوضح أن الشهيد عبد المنعم رياض شارك في كل الحروب التي خاضتها مصر كحرب فلسطين 1948، وبعدها 1956 و1967، حتى حرب الاستنزاف، حيث ذهب لتفقد القوات في أرض المعركة ثاني أيام الحرب في "المنطقة رقم 6"، والتي كانت منطقة عالية شرق الإسماعيلية وأصيب هناك بعد استهداف نيران العدول الإسرائيلي للموقع.