رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


نكشف بالمستندات .. مترو الأنفاق لـ«البيع»!

2-4-2017 | 15:12


  • "الجهاز المستقل" تفرَّق دمه بين الهيئات الثلاث بفعل فاعل.. وملفات فساد تطارد "الشركة الخاسرة"

 

  • الأباطرة تلاعبوا بورقة "الشركة المصرية" للتخلص من الجهاز وإهدار حقوق العاملين به.. وفتاوى مجلس الدولة تتصدى لـ"ترزي القرارات"

 

  • بالأسماء.. الثلاثة الكبار الذين يديرون الوزارة من خلف الستار لصالح أعضاء مجلس إدارة "الشركة البديلة"

 

تحقيق – علي عقيلي

لم تكن زيادة سعر تذكرة مترو الأنفاق سوى حلقة سخيفة من حلقات مسلسل خفض الدعم الذي أثقل كاهل الحكومات المصرية (على حد زعمها)، ولم يعد أمامها خيارات أخرى غير القفز على جيوب "البسطاء" وأصحاب العوز والحاجة، تقتش فيها علّها تكون قد نسيت شيئًا؛ فعادت لتمزق الجيوب، وتأخذ ما عساها تكون قد خبأته من أجل عيون من يرفلون في نعيم الدولة، فيما تبقى مغارة "علي بابا" مفتوحة على مصراعيها لمن أراد أن "يهبش" من المال العام، تحت سمع وبصر الكبير والصغير في الحكومة، والأجهزة الرقابية التي يصعب عددها على الحصر.

 

صحيح أن تذكرة المترو المفترى عليها لم تزد منذ عام 2006، أي ما يقرب من أحد عشر عامًا، لكنه أيضًا من خلال المستندات التي حصلت "الهلال اليوم" على نسخة منها، تكشف محاولة وزارة النقل المستميتة التخلص من الجهاز المستقل لمترو الأنفاق لصالح الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو دون مبرر يُذكر.

منذ إنشاء الخط الأول لمترو الأنفاق (خط حلوان – المرج)، وإنشاء جهاز مستقل (جهاز تشغيل وصيانة وإدارة مترو الأنفاق) يتبع وزير النقل، بالقرار رقم (279) لسنة 200، وحتى عام 2008، لم تكن هناك أية مشكلات تذكر في هذا المرفق الحيوي الذي يخدم ما يقرب من خمسة ملايين راكب يوميًَا، وبسعر جنيه واحد للتذكرة؛ ومع ذلك كان يحقق فائضًا ماليًّا وصل إلى ودائع قيمتها (170) مليون جنيه. 

لكن وبدون مبرر تأسست شركة جديدة لإدارة وتشغيل المترو؛ برأس مال تدور حوله الشبهات؛ فلم يتجاوز مليونين جنيه، وأيضًا عدد من المساهمين متواضع للغاية، وكذلك قيمة سهم بسيطة جدًا قدرها (1000) جنيه، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول الأغراض الخفية لتأسيس هذه الشركة، ومَن يقف وراءها من السبعة أو التسعة أعضاء مجلس الإدارة، كذلك تم حل جهاز المترو بقرار خفيّ لم يتم الإعلان عنه من قبل المسئولين بوزارة النقل، وتم إعارة العاملين بالشركة البديلة لإدارة المترو، وعدم توفيق أوضاعهم المالية والوظيفية طبقًا للائحة الشركة، كذلك نقل الأصول التي تقدر بمليارات الجنيهات إلى هذه الشركة التي لا يتجاوز رأس مالها المليونين من الجنيهات، وأوصلت أوضاع المترو إلى هذه الحالة من التردي في الأصول والثوابت؛ بعد أن وصل الحال باحتياج إصلاح بوابات الدخول والخروج فقط إلى (350)مليون جنيه، ووصلت خسائر وديون المترو إلى مليار جنيه طبقًا لتصريحات رئيس مجلس الإدارة. 

ومن المذهل ظهور قرار بنقل الأصول والثوابت، وإعارة العاملين للمرة الثالثة إلى الهيئة القومية للأنفاق - المخول لها عمل النفاق فقط – بإدارة وتشغيل المترو؛ ليتفرق دمه والعاملين به على هيئات ثلاث لصالح فئة بعينها.

«الهلال اليوم» حققت قضية «الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو»  التي تدور حولها شبهات فساد، واوضاع العاملين بالشركة، وحجم الخسائر منذ توليها الإدارة؛ لكشف الستار عن الحقيقة الكاملة لقرائها..  

 

أصل الحكاية

بدأ السيناريو المقيت لخصخصة الجهاز المستقل الذي يحقق فائضًا ماليَّا، ويغطي نفقاته واحتياجاته لصالح مجموعة بعينها - سوف تكشف عنها المستندات - بقرار المهندس وزير النقل رقم 3016 لسنة 2011، بتشكيل لجنة برئاسة اللواء بحري توفيق عبد الحميد أبو جندية، مستشار وزير النقل المشرف على شئون مكتب الوزير، وعضوية المستشار أمجد محمد سعيد المستشار القانوني للوزارة، وآخرين من الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، والهيئة القومية لسكك حديد مصر، وانتهت اللجنة الموقرة التي اجتمعت بتاريخ 9/7/2011، بقاعة الاجتماعات الفرعية، بمبنى وزارة النقل بمدينة نصر، طبقًا لمحضر اجتماع اللجنة الرئيسية لتوفيق أوضاع العاملين بالشركة المصرية لتشغيل المترو رقم (1) الذي حصلت "الهلال اليوم" على نسخة منه، عن الآتي:

 

- "استصدار قرار وزاري بإعارة العاملين المعينين على جهاز تشغيل مترو الأنفاق الصادر بشأنه "قرار حل"، وكذا المعارون والمنتدبون من الهيئة القومية لسكك حديد مصر إلى ذات الجهاز بدرجاتهم المالية والوظيفية إلى الهيئة أي "الهيئة القومية لسكك حديد مصر"، وفي ذات القرار إعارتهم من الهيئة إلى الشركة أي "الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو" إعارة دائمة".

وبناءً على قرار اللجنة المشكلة بقرار من وزير النقل صدر القرار الوزاري رقم (330) لسنة 2006، بتأسيس الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو "شركة مساهمة مصرية بنظام الاستثمار الداخلي.

وبدأت الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو نشاطها بتاريخ 1/6/2008، طبقًا لقرار الشركة رقم (7) لسنة 2008، الصادر بتاريخ 28/5/2008، الذي حصلت "الهلال اليوم" على نسخة منه.

- ورغم عدم الاعتراف من قبل الوزارة بحل جهاز المترو، إلا أنه تم التعامل معه من قِبل اللجنة على أنه لا وجود له وكأنه منعدم، وتم نقل العاملين إلى الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو.

وعلى الرغم من إثبات لجنة الوزير في محضر اجتماعها نفسه رفض العاملين لفكرة إنشاء "شركة لتشغيل المترو".

إلا أنه صدر القرار الوزاري بتأسيس "الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو" بتاريخ 9/4/2003، وبدأت الشركة نشاطها 2 مليون جنيه، لتدير استثمارات مترو الأنفاق التي تقدر وفقًا لمسئولين بجهاز المترو بـ40 مليار جنيه، وكان مقابل إسناد أعمال الإدارة والصيانة والتشغيل (32) مليون جنيه مصري سنويًّا على أن يتم سدادها على أربع دفعات، وتزاد بواقع 10% سنويًّا، ومدة العقد (10) سنوات تبدأ من 1/6/2008، وتنتهي في 31/5/2018، وطبقًا للعقد المبرم بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر، والشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو (ش.م.م) تلتزم الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو بالمحافظة على المنشآت والمرافق والمباني والعربات والخطوط وحسن استخدامها وتوجيهها كما لو كانت مملوكة لها، وتقع تحت طائلة المسئولية عن تلف أو فقد أو تبديد أو سوء استعمال يلحق بهذه الأصول عن عمد أو إهمال؛ وبذلك تكون الشركة طبقًا للعقد، الذي حصلت "الهلال اليوم" على نسخة منه، هي المسئول الأول عن خسائر المترو التي وصلت إلى مليار جنيه طبقًا لتصريحات رئيس مجلس إدارة الشركة المهندس على فضالي.

ونلاحظ في هذا العقد الذي حصلت "الهلال اليوم" على نسخة منه أن جهاز تشغيل المستقل لتشغيل وصيانة وإدارة الخط الإقليمي لمترو الأنفاق، المنشأ بقرار رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1999، بتنظيم وزارة النقل، والقرار الوزاري رقم 201 لسنة 1984، لإنشاء جهاز مستقل لتشغيل وصيانة وإدارة مترو الأنفاق، مع مراعاة أنه لم يتم حتى كتابة هذه السطور تعديل أو إلغاء قرار رئيس الجمهورية بإنشاء هذا الجهاز المستقل لتشغيل وصيانة وإدارة المترو.

نقل الأصول

أمر آخر مثير للدهشة، ألا وهو صدور القرار الإداري من مكتب المستشار المالي لوزير النقل بتاريخ 23/9/2010، بنقل أصول خطوط مترو الأنفاق من الهيئة القومية لسكك حديد مصر إلى الهيئة القومية للأنفاق خلال شهر من صدور القرار، وأصدر المهندس وزير النقل قرارًا بتشكيل لجنة بتاريخ 6/4/2010، بدراسة جميع الأصول التي ستقوم الشركة بإدارتها، وعملية نقل الأصول، ووضع نظام لمعايير تقييم الأداء.

رغم صدور فتوى من مجلس الدولة ببطلان هذا الإجراء، حيث أفتت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع برئاسة المستشار الدكتور عصام الدين عبد العزيز جاد الحق، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، بعدم مشروعية نقل أصول الخطين الأول والثاني لمترو الأنفاق من الهيئة القومية لسكك حديد مصر، إلى الهيئة القومية للأنفاق.

وبهذه الفتوى يتم حسم الجدل الذي أثارته وزارة النقل حول الجهة المنوط بها إدارة وتشغيل وامتلاك أصول الخطين الأول والثاني لمترو الأنفاق؛ بسبب إنشاء هيئتين وتداخل اختصاصاتهما.

6699 عاملًا.. "رايح - جاي"

فيما أوضح يحيى جلال نائب رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالمترو أنه سبب الكوارث التي تعرض لها المترو من خسائر، ومشكلات للعاملين به ثلاثة أشخاص بعينهم هم: محمد عبد الصبور، رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير، وأسامة أبو طالب، مدير عام الشئون الإدارية الحالي، رئيس الإدارة المركزية السابق، وأحمد عبد الرحيم، المستشار القانوني للوزارة و"الترزي والمحلل القانوني" لجميع القرارت الوزارية التي جلبت الكوارث، وضيَّعت حقوق العاملين بالمترو، على حد تعبير نائب رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالمترو.

وكشفت المستندات التي حصلت "الهلال اليوم" على نسخة منها أنه تمت إعارة جميع العاملين بالمترو إلى الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو ومنهم (5333) عاملاً دائمًا بـ"الجهاز المستقل"، وعدد (172) معارًا من الهيئة القومية لسكك حديد مصر، وغيرهم من العاملين، برغم صدور فتوى أيضًا من مجلس الدولة بعدم جواز إعارة العاملين بجهاز المترو للشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو.

من جانبه أكد المفوض من قبل العاملين بالمترو في لجنة توفيق أعضاء العاملين الصادرة بالقرار رقم (316) لسنة 2011، أنه على الرغم من توصيات اللجنة باستصدار قرار وزاري بـ"استمرار إعارة جميع العاملين التابعين للهيئة القومية لسكك حديد مصر، والمعارين للعمل بالشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو بطوائفهم كافة، وبذات أوضاعهم المالية ووظائفهم، ودون حد أقصى لمدة الإعارة"، إلا أنه لم يتم توفيق أوضاع العاملين الدائمين بالمترو طبقًا للائحة الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو.

وتم التنكيل بالمفوض عن العاملين بلجنة توفيق أوضاع العاملين يحيى جلال محمود ونقله ثلاث مرات إلى مكتب شكاوى الوزير، ثم إلى الهيئة القومية لسكك حديد مصر، وأخيرًا إلى هيئة الموانئ البرية والجافة.

نهاية مأساوية

صدر قرار وزير النقل رقم (184) لسنة 2002، طبقًا لملاحظات اللجنة الوزارية، بإلغاء قرار وزير النقل (279) لسنة 2001، بإنشاء جهاز مستقل لتشغيل وصيانة وإدارة مترو الأنفاق.

وبالتالي طبقًا لملاحظات اللجنة الوزارية، ووفقًا للقرارات الوزارية سالفة الذكر، يكون جهاز تشغيل المترو قائمًا بالهيئة القومية لسكك حديد مصر، دون تشغيل فعلي، حيث إن الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو هي القائمة بالتشغيل الفعلي منذ عام 2008.

أكذوبة الخسائر

استبعد عدد من العاملين بالمترو والرافضين لحل "الجهاز الأصيل" المخول له من البداية إدارة وتشغيل المترو، وحقق أرباحًا ولم يسقط في الديون، ولم يتعرض لخسائر على مدار سني إدارته للمترو، وحتى القضاء عليه لصالح شركة الإدارة الحالية، موضحين أن سوء الإدارة هو السبب الرئيس في الديون، ومنها قيام رئيس مجلس إدارة "الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو" بتعيين العاملين بشركة الصيانة بالشركة، ما ترتب عليه الإهمال في الصيانة، وعلى رأسها ماكينات الدخول والخروج، التي أدى الإهمال فيها وعدم إصلاحها إلى تسرب 40% من الركاب.

كذلك التعاقد مع شركة أمن مدنية بما يعادل (4) ملايين جنيه شهريًا رغم صدور فتوى من مجلس الدولة ببطلان التعاقد من شركة الأمن.

أيضًا التعيينات التي تتم خارج الأطر واللوائح القانونية السليمة، فيتم الاختيار من الخارج، برغم عمل المسابقات التي تتم بشكل صوري.

حقيقة "الشركة البديلة"

ما يثير الشبهات حول هذه الشركة هو تأسيسها برأس مال متواضع، وقيمة سهم متواضعة للغاية، كي تدير وتشغل مشروع بقيمة (40) مليار جنيه على الأقل.

الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، تأسست خصيصًا لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، شركة مساهمة مصرية، طبقًا للوثائق التي حصلت "الهلال اليوم"، برأس مال (مليونان) جنيه، بعدد (2000) سهم، قيمة كل سهم (1000)، بدأت بدفع (10%) من القيمة الاسمية.

وعن طريقة توزيع الأرباح سنويًّا فتكون كالآتي:

- يوزع 10% من الأرباح على العاملين بالشركة.

- يوزع (10%) على المساهمين عن المدفوع من قيمة أسهمهم.

- إذا كانت هناك حصص تأسيس يدفع نصيبها من الأرباح بشرط ألا تزيد عن (10%).

- يخصص (10%) من الباقي لمكافأة مجلس الإدارة.

- ويوزع الباقي من الأرباح على المساهمين حصة إضافية.