السفير السعودي: المملكة ترفض شرعنة الاحتلال أو المساس بالسيادة على كافة الأراضي العربية
أعرب سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر والمندوب الدائم للمملكة لدى الجامعة العربية أسامة بن أحمد نقلي، عن رفض المملكة القاطع، لأي محاولة للمساس بكافة الحقوق العربية المشروعة، والمساس بالأراضي العربية المحتلة في العام 67 بما فيها هضبة الجولان، أو أي محاولة تهدف إلى شرعنة الاحتلال.
وأكد نقلي في كلمته خلال اجتماع المندوبين الدائمين، وكبار الموظفين، التحضيري لاجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم الأربعاء، أن إعلان الإدارة الأمريكية الأخير، يعتبر مُخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي، والقرارات الشرعية ذات الصلة، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن رقم (242) لعام 1967، ورقم (497) لعام 1981م.
وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية تتعامل مع القضايا العربية ومستجداتها في المنطقة انطلاقًا من مبدأ الحفاظ على سيادة الدول واستقلالها، وأمنها واستقرارها، في ظل وحدتها الوطنية، وسلامتها الإقليمية، وهذا المبدأ ينسحب على سعينا الحثيث لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي تهدف إلى إرساء السلام العادل والشامل والدائم، واستعادة كافة الحقوق العربية المشروعة.
وأوضح سفير خادم الحرمين الشريفين أن المملكة تتعامل مع الأزمة السورية على ذات مبدأ السيادة والاستقلال، والأمن والاستقرار، في ظل سعيها لتسوية تلك الأزمة وفق إعلان (جنيف 1) وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254)، كما أشار إلى دعم المملكة جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص في ليبيا، في ظل الاتفاقات المبرمة بين الأطراف، وكذلك الحال في اليمن، من خلال السعي لحل الأزمة وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم (2216).
وقال سفير خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة، خلال كلمته بقمة القدس في دورتها التاسعة والعشرين، التي ترأستها المملكة العربية السعودية، إن القمة واجهت العديد من التحديات على كل من صعيد القضايا السياسية على الساحتين العربية والإقليمية والدولية، وعلى صعيد العمل العربي المشترك، كما تعاملت مع مجمل هذه القضايا بكل مسئولية وجدية، بغرض خدمة قضايا الأمة العادلة والمشروعة، وتعزيز العمل العربي المشترك، وبما يحقق أمننا واستقرارنا وازدهارنا، ويخدم الأمن والسلم الدوليين.
وأضاف: "من هذا المنطلق، فقد تمكنا من تعزيز دور العمل العربي المشترك في العديد من مجالات التعاون، لا سيما المجال الاقتصادي والاجتماعي، حيث تم اعتماد آليتي التزام الدول بقرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والآلية الخاصة بمتطلبات الشفافية في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وغيرها من المنجزات التي لا يتسع المجال لذكرها".
وأردف قائلا: "المملكة العربية السعودية حريصة على الاضطلاع بدورها الإنساني بتقديم العون والمساعدة لرفع المعاناة الإنسانية عن الشعوب العربية، من خلال دعم وكالة الأونروا لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ودعم اللاجئين السوريين في الدول العربية، ودعم النازحين في العراق الشقيق، علاوة على الدعم الكبير والمتواصل للأشقاء في اليمن الذي بلغ أكثر من 13 مليار دولار، وذلك إلى جانب المساعدات السخية التي تقدمها عدد من الدول العربية الشقيقة، الرامية إلى التخفيف من المعاناة الإنسانية للشعوب العربية المنكوبة ، والسعي إلى توفير حياة كريمة لهم، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.
وحول الدور الإيراني الذي تلعبه طهران بالمنطقة، أكد نُقلي على أنه باستعراض خريطة الأزمات التي تمر بها منطقتنا العربية، فإننا نرى إيران حاضرة وبقوة في تسعير هذه الأزمات، وتعميق المعاناة الإنسانية للشعوب العربية، بلا وازع من دين أو أخلاق أو ضمير، من خلال تدخلاتها السافرة في الشئون الداخلية لعالمنا العربي، بإثارة الفتن المذهبية والطائفية، ودعم الميليشيات المسلحة التي تعمل خارج إطار السلطات الشرعية، والسعي إلى تفتيت الوحدة الوطنية لشعوبنا، كما لم تقتصر هذه السياسات الإيرانية العدوانية على ذلك، بل امتدت لتشمل دعم الحركات الإرهابية في المنطقة، وتصنيع الصواريخ الباليستية، وهو الأمر الذي من شأنه تهديد الأمن والاستقرار العربي والإقليمي، كما يهدد الأمن والسلم الدوليين.
وشدد على أنه في ظل سعينا الدؤوب لحل أزمات منطقتنا العربية، فإننا مطالبون اليوم بالوقوف صفا واحدا أمام هذه التدخلات الإيرانية السافرة في شؤوننا العربية، والتصدي لأي تدخلات تهدف إلى تهديد أمننا واستقرارنا، ضاربة عرض الحائط بكل مبادئ حسن الجوار، وبكل المبادئ والمواثيق والقوانين الدولية التي تنص على حرمة الدول وسيادتها واستقلالها.
وتطرق مندوب المملكة الدائم لدى الجامعة العربية في كلمته إلى هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، مشيدًا بالنجاح الكبير الذي تم إحرازه في تلك المواجهة، والذي لم يكن ليتحقق سوى بتضامننا كدول عربية، ووقوفنا صفا واحدا في محاربة الإرهاب، بكافة أشكاله وصوره، وأيا كان مصدره، وذلك بالتنسيق مع الجهود الدولية الرامية إلى محاربة الإرهاب، بكل عزم وحزم، حتى يتم اجتثاثه من جذوره في المنطقة والعالم.
وأعرب مندوب المملكة الدائم بجامعة الدول العربية، عن تطلع بلاده إلى مواصلة الجهود أمام التحديات الكبيرة، وأن تظل طموحات قياداتنا وشعوبنا أكبر في التعامل معها وبما يرتقي إلى مستوى الآمال والتطلعات، وينسجم في الوقت ذاته مع لغة العصر وأدواته التي باتت تتسم بالسرعة والشفافية. كما أعرب عن تطلعات المملكة للمضي قدمًا في مشروع تطوير الجامعة العربية، وإصلاح منظومتها وهياكلها، وحسم مشروع التطوير خلال الدورة القادمة، بغية الارتقاء بأداء جامعة الدول العربية وتكريس فعاليتها، وتمكينها من التغلب على التحديات التي تواجه منطقتنا العربية، والدفع للأمام بعجلة التطور والازدهار في أوطاننا.
ووجه نقلي أسمى آيات التهاني للجمهورية التونسية الشقيقة على استضافتها للقمة العربية في دورتها الثلاثين، مقرونة بجزيل الشكر والتقدير على حسن الاستقبال وكرم ضيافة، كما تقدم بوافر الشكر والتقدير لأصحاب السعادة المندوبين الدائمين، والأمين العام للجامعة العربية، وكافة منسوبي الأمانة العامة على تعاونهم المثمر والبناء مع المملكة العربية السعودية خلال رئاستها لقمة القدس العربية في دورة المجلس الأعلى التاسع والعشرين، وهو الأمر الذي كان له أطيب الأثر في نجاح أعمالها.
تجدر الإشارة إلى أن السفير أسامة بن أحمد نقلي، قام بتسليم رئاسة اجتماع المندوبين الدائمين للسفير نجيب المنيف، المندوب الدائم للجمهورية التونسية الشقيقة، للإعداد لاجتماع وزراء الخارجية التحضيري للمجلس الأعلى للجامعة في دورته الثلاثين.