وزيرة التخطيط تشارك فى حلقة نقاش"كيف يمكن للمراجعة الوطنية الطوعية المساهمة في تمهيد الطريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة"
شاركت اليوم الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، ومحافظ مصر بمجلس محافظى البنك الإسلامى للتنمية في حلقة نقاش بعنوان " كيف يمكن للمراجعة الوطنية الطوعية المساهمة في تمهيد الطريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة" وذلك على هامش مشاركتها بأعمال الدورة الرابعة والأربعين، من اجتماعات مجلس محافظى البنك الإسلامى للتنمية والتى تنعقد علي مدار يومى 5 و6 أبريل بمدينة مراكش بالمغرب.
وخلال الجلسة النقاشية تناولت وزيرة التخطيط الحديث حول دور المراجعة الوطنية الطوعية في دعم جهود الدول وتبادل الخبرات والتجارب وتشجيع المشاركة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن تبادل الخبرات يعد أحد الأهداف الرئيسية للمراجعات الوطنية الطوعية، والتي يتم عرضها بصفة دورية سنوياً، في المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة في نيويورك، حيث أصبحت تلك المشاركة الطوعية فرصة جيدة لاستعراض مدى التقدم المتحقق على المستوى الوطني لإنجاز الأهداف، ولإجراء ما يمكن وصفه بالتقييم الذاتي لجهودها، وبما يمثل تأكيداً من الدول على التزامها بالسير قدماً لتحقيق هذه الأهداف، مؤكدة أن مشاركة الدول لتجاربها مع باقي دول العالم يفتح الباب امامها للاستفادة من تجارب الاخرين ويضمن الشفافية والحوار والشراكة، من قبل كافة الاطراف حكومة ومجتمع مدني وقطاع خاص بما يثري تجربة وجهود الدولة لإنجاز أهداف التنمية المستدامة.
كما أشارت السعيد إلى أن مصر جاءت من أوائل الدول التي تبنت خططاً وطنية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة تمثلت في رؤية مصر 2030 والتي تم إطلاقها في فبراير عام 2016 لتشكل الإطار العام المنظم لبرامج العمل خلال السنوات المقبلة، كما حرصت مصـــــــر على أن تتسق هذه الرؤية مع الأبعاد التنموية الأممية الثلاثة الاقتصادي والاجتماعى والبيئي، في تأكيد لأهمية دمج أهداف التنمية المستدامة في الخططِ والاستراتيجيات الوطنية، مؤكدة على الحرص أن تكون صياغة وإعداد وتنفيذ هذه الرؤية من خلال نهج تشاركى، يضمن مشاركة الجميع ويرسخ القناعة بأهمية دورهم في إطار من المسئولية الجماعية، وبما يسهم في تعبئة الموارد وبما يصب في الهدف الرئيسي وهو سرعة انجاز الأهداف وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأوضحت الوزيرة خلال اللقاء أن مصر تمتلك العديد من الموارد الطبيعية والبشرية التي تمكنها من تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، ولكن تعوق بعض من التحديات استغلال موارد مصر بالصورة الأمثل، وتدرك مصر تلك التحديات وتم رصدها في تقرير المراجعة الوطنية الطوعية، مشيرة إلى أن تلك التحديات تتمثل في إتاحة البيانات ومدى توافرها، وتوافر التمويل من أجل التنمية، والحوكمة، والنمو السكاني المرتفع.
وفيما يخص التحدى الخاص بالبيانات قالت الوزيرة إن المشكلة الرئيسية في البيانات تتركز في الإتاحة وتوافر البيانات بالتصنيفات المطلوبة (الموقع الجغرافي، والسن، والجنس، وغيرها) لدعم عملية التنمية، مشيرة إلى دور الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في التغلب على ذلك التحدي من خلال تطوير استراتيجية إحصائية وطنية لتوفر إطارا للشراكة والتعاون مع كافة عناصر المنظومة الإحصائية لتسريع وتقنين عملية قياس ورصد ومتابعة مؤشرات أهداف التنمية المستدامة، موضحة أنه تم إنشاء منصة الكترونية لمتابعة تطور مؤشرات التنمية المستدامة (SDG Observatory).
كما أشارت د/ هالة السعيد إلى أنه تم البدء في مبادرة "تفعيل" والتي تعمل على جمع وقياس البيانات على المستوى المحلي من خلال تفعيل دور المحليات، وذلك من أجل توفير البيانات بالتصنيفات المطلوبة وخاصة التصنيف بالموقع الجغرافي لما له من أهمية في تحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة في مصر خاصة وأن مصر تعتبر من البلدان التي حققت نسبة كبيرة من أهداف الألفية ولكن على المستوى القومي فقط وليس المحلي، بالإضافة إلى ذلك وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة من خلال مشروع "التعميم والتسريع ودعم السياسات في مصر" (MAPS)، تم التركيز على توطين أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي كأحد برامج العمل الأربعة والتي تركز على تحديد المشروعات على مستوى المحافظات التي سوف تسهم في تسريع تحقيق التنمية المستدامة.
وفي السياق ذاته أوضحت وزيرة التخطيط خلال الجلسة النقاشية أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يعمل على تنويع مصادر البيانات وتقليل الاعتماد على المسوح لتوفير التكلفة والوقت مع التركيز على المسوح المتخصصة، حيث يتم التوجه للسجلات الإدارية كمصدر للبيانات. كما يتم تباحث إمكانية التوجه لاستخدام البيانات الضخمة وما يتطلبه ذلك من تغيير في السياسات وقوانين حماية البيانات الشخصية، مشيرة إلى أنه يتم العمل على تنمية القدرات الفنية للعاملين في المجال الإحصائي لرصد وقياس المؤشرات المطلوبة، كما تم إنشاء لجنة وطنية لمراجعة الإحصاءات ورفع جودتها، ويتم الاستعانة بالمؤسسات الدولية في هذا الشأن مثل IMF and African Development Bank)).
وفيما يتعلق بالتحدى الخاص بالتمويل من أجل التنمية أكدت الوزيرة أن الدول النامية تواجه ذلك التحدي والذي لا يتطلب فقط جذب استثمارات جديدة وإنما أيضاً إعادة توجيه الاستثمارات إلى مجالات التنمية المستدامة حيث أن التحدي الرئيسي لا يكمن بالضرورة في عدم توافر الموارد المالية وإنما في مجالات استخدامها، مشيرة إلى أن مصر تعمل على التغلب على هذا التحدي من خلال عدد من الآليات مثل تحسين بيئة الأعمال والاستثمار في مصر ويشمل ذلك قانون الاستثمار الجديد الذي تم إصداره في عام 2017 والذي يوفر العديد من الحوافز للمستثمرين ورواد المشروعات، والتركيز على تغيير السياسات التي تعمل على تشجيع الاستثمار الخاص في مجالات التنمية المستدامة حيث تم زيادة مشاركة القطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة من خلال تعريفة التغذية للطاقة.
أضافت الوزيرة أن الدولة تعمل كذلك على تشجيع الشراكة بين القطاع الخاص والعام من خلال تعديل قانون "تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة"، وذلك بهدف رفع أعباء التمويل عن الموازنة العامة للدولة وتقديم مستوى أعلى من الخدمة للمواطنين وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، فضلا عن إنشاء صندوق مصر السيادي (بقرار السيد رئيس الجمهورية بإصدار القانون رقم 177 لسنة) والذي يعتبر ضمن آليات تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يهدف الى تعبئة الموارد، وتعظيم الاستفادة من إمكانيات وأصول وموارد الدولة غير المستغلة؛ لتعظيم قيمتها وزيادة الاستثمار المشترك مع المؤسسات الاستثمارية والصناديق السيادية العربية والدولية، وذلك من أجل إعطاء دفعة قوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تراعى مصالح وحقوق الأجيال المقبلة.
وأشارت د/ هالة السعيد أنه بالنسبة لتحدى الحوكمة فإن الحكومة المصرية تولى اهتماماً كبيراً للتحديات التي تمثل عائقاُ أمام إرساء قواعد الحوكمة حيث تقود وزارة التخطيط الجهود الحكومية لتنفيذ خطة شاملة لإصلاح وحوكمة الجهاز الإداري للدولة المصرية بهدف رفع كفاءة المؤسسات وتهيئة بيئة الأعمال وتعزيز الشفافية والمساءلة والحوكمة وانفاذ القانون، وإدخال مفهوم وممارسات الإدارة الرشيدة في المؤسسات الحكومية وربطها بمفاهيم الإصلاح الإداري. وتتضمن هذه الخطة عدداً من المحاور أهمها؛ الإصلاح التشريعي وتحديث القوانين المنظمة لعمل الجهاز الإداري للدولة، والتطوير المؤسسي واستحداث إدارات جديدة للموارد البشرية والمراجعة الداخلية والتدقيق، والتدريب وبناء القدرات على مختلف المستويات الإدارية، بالإضافة إلى تحسين وميكنة الخدمات الحكومية، كما يأتي في هذا الإطار العمل على نشر ثقافة وفكر التميز المؤسسي في الجهاز الإداري للدولة، وتعزيز تنافسية الأداء، والابتكار والتطوير المستدام سواء للقدرات أو للخدمات، من خلال إطلاق جائزة مصر للتميز الحكومي.
وأضافت الوزيرة أنه يعزز جهود الدولة لتحقيق الحوكمة التوجه الشامل الذي تتبناه الحكومة المصرية للتحول الى مجتمع رقمي، فتعمل الدولة على تحفيز وتشجيع استخدام وسائل الدفع الالكترونية، وتحقيق الشمول المالي كأحد دعائم التنمية الشاملة والمستدامة، مشيرة إلى إنشاء المجلس القومي للمدفوعات في فبراير ٢٠١٧ برئاسة السيد رئيس الجمهورية وعضوية البنك المركزي المصري والجهات المعنية، ويستهدف هذا التوجه زيادة كفاءة السياسات النقدية والمالية وتسهيل التسويات المالية، وتحفيز وتعزيز النمو الاقتصادي وتهيئة البيئة والمناخ الداعم للمنافسة والاستثمار وخلق فرص العمل.
كما أوضحت السعيد أنه يتم التركيز على محور الحوكمة بشكل خاص في عملية تحديث استراتيجية التنمية المستدامة لتعزيز آليات متابعة تنفيذ الاستراتيجية، وأنه من أجل تعزيز الشفافية ورفع كفاءة عملية المتابعة والتقييم، تم إنشاء منظومة الكترونية لمتابعة المشروعات الاستثمارية في الدولة، وتم ربط تلك المشروعات بأهداف التنمية المستدامة وبرامج عمل الحكومة مما يسهم في تسهيل عملية التخطيط، التقييم والمتابعة للمشروعات وقياس مدى اتساق خطة الاستثمار مع اهداف التنمية المستدامة الأممية وبرنامج عمل الحكومة، هذا فضلا عن تبنى الدولة استراتيجية لمكافحة الفساد (2018-2022) يتم تنفيذها لتحقيق العديد من الأهداف، مثل، تطوير الجهاز إداري وجعله أكثر فاعلية وكفاءة، تقديم خدمات حكومية ذات جودة عالية، فضلاً عن رفع وعي المجتمع فيما يتعلق بموضوعات منع ومكافحة الفساد.
وفيما يخص التحدى الآخير وهو النمو السكاني المرتفع أوضحت الوزيرة أنه يمثل أحد أهم التحديات التي تواجهها مصر، حيث يزيد من الاختلال بين الموارد والسكان ويرفع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ويؤدي الى تراجع نصيب الفرد من الدخل وارتفاع معدلات الفقر والحد من الاستفادة من ثمار النمو الاقتصادي الذي استطاعت الدولة تحقيقه خلال السنوات الأخيرة.
وتابعت السعيد أن الدولة تعمل على مواجهة معدلات النمو السكانية المرتفعة ومن خلال رفع حالة الوعي للمواطنين بأهمية تنظيم الاسرة، من خلال مشروعات يتم تنفيذها بالتعاون بين مختلف الوزارات والجهات المصرية سواء وزارة التضامن الاجتماعي أو وزارة الصحة والسكان أو وزارة الأوقاف والازهر الشريف (مثل حملة 2 كفاية)، وتوفير حزمة متنوعة لوسائل تنظيم الأسرة ورفع الوعي، بالإضافة إلى الاستفادة من القوى البشرية الحالية من خلال تنفيذ حزمة مختلفة من برامج التدريب وبناء القدرات والتوسع في الاستثمار في البشر، والعمل على ضبط معدلات النمو السكاني من خلال الاستراتيجية القومية للسكان للفترة 2015-2030، والتي ترتكز في تنفيذها على ضرورة تكاتف جهود كافة الشركاء سواء المواطن أو الحكومة او القطاع الخاص والمجتمع المدني، وآخيرا تمكين المرأة وخفض معدلات البطالة بين النساء وتشجيع مشاركتها في سوق العمل ونشر مبادئ المساواة بين النوعين، مما لا يؤدي فقط إلى خفض معدلات الانجاب ولكنه يسهم في الوقت ذاته في زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
كما تناولت الوزيرة خلال الجلسة النقاشية الحديث حول الاعتماد على البيانات والذى يعد من أهم العناصر لإعداد تقرير مراجعة وطنية قوي يمكن استخدامه كأداة فعالة في دعم عملية رصد ومتابعة التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، موضحة أن مصر اعتمدت في تقرير المراجعة الوطنية الثاني عند رصد التقدم المحرز لتحقيق الأهداف على عرض موقف كل هدف باستخدام المؤشرات ذات العلاقة، وكذلك عرض المجهودات التي تمت في هذا المجال والمخططات المستقبلية من قبل الحكومة، والمجتمع المدني والقطاع الخاص، والمؤسسات الدولية للتأكيد على أهمية تكاتف جميع شركاء التنمية لتحقيق تلك الأهداف والمجهودات التي يبذلها كافة الشركاء في مصر، داعية البنك الإسلامى للتنمية إلى دعم البلدان في هذا المجال من خلال تقديم الدعم الفني لتنمية قدرات العاملين على جمع وقياس المؤشرات الخاصة بالتنمية المستدامة. وكذلك المساعدة في خلق منصات لتفاعل شركاء التنمية لرصد كافة المجهودات في التقرير وتكامل تلك المجهودات.
وفيما يخص آلية مشاركة كافة شركاء التنمية، قالت الوزيرة إن مصر استفادت خلال إعداد التقرير من الآليات التي تم إرساءها بالفعل خلال عملية إعداد استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، موضحة أن من أهم تلك الآليات اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة والتي تم إنشاء برئاسة مجلس الوزراء في بداية عام 2016، ومن خلال تلك اللجنة قادت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري عملية إعداد التقرير كونها مٌقرر اللجنة الوطنية والجهة الوطنية المسؤولة عن تنسيق ومتابعة كافة الجهود الرامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، موضحة أنه تم الاستفادة من وحدات التنمية المستدامة التي تم إنشاؤها في عدد من الوزارات وكذلك فرق العمل المعنية بالعمل على ملفات التنمية المستدامة في الجهات المختلفة كنقاط اتصال لتسهيل عملية متابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى الاستعانة بمكتب الأمم المتحدة وكذلك (UN Global Compact Network Egypt) في رصد مجهودات القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة.
وكانت د. هالة السعيد قد قامت صباح اليوم بإلقاء كلمتها فى افتتاح الاجتماع السنوي الرابع والأربعين لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية بحضور محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية في المملكة المغربية الشقيقة ورئيس مجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية للدورة الحالية الرابعة والأربعين، و د. بندر محمد حمزة حجّار، رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية وعدد من الوزراء المحافظون والمحافظون المناوبون.
جدير بالذكر أن البنك الإسلامى للتنمية يهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء، وذلك من خلال المساهمة في رؤوس أموال المشروعات، وتقديم القروض والتسهيلات التمويلية للمؤسسات والمشروعات الإنتاجية في هذه الدول، وكذا تقديم أشكال مختلفة من المساعدة الإنمائية لتمويل التجارة ومكافحة الفقر من خلال التنمية البشرية والتعاون الاقتصادي، وتعزيز دور التمويل الإسلامي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.