تساءلت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية عن توفر شريك إسرائيلي للسلام، في ضوء النتائج الأولية التي حملتها الانتخابات الإسرائيلية، وفي ظل معاناة الشعب التي تضاعفت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، نتيجة استمرار الاحتلال والاستيطان، وتصعيد عمليات التهويد والقمع والاعتقالات والحروب، وتفضيل القيادة السياسية في إسرائيل تغييب الحلول السياسية للصراع، وعدم التعاطي الجدي مع فرص تحقيق السلام ومرجعياته الدولية.
ورأت الخارجية الفلسطينيةـ في بيان اليوم الأربعاء- أن "من الضرورة التوقف عند جملة من الحقائق الملفتة الواجب توضيحها، والتي نرغب في وضعها برسم دولة الاحتلال وحكومتها المقبلة والمجتمع الدولي، أولها، أن محاولات تغييب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة من دائرة الجدل الانتخابي، والاهتمام من جانب أطياف عديدة في المشهد الحزبي الإسرائيلي مصيرها الفشل، ولن تنجح في إزالة هذه القضية كحقيقة دامغة وباقية وماثلة على رأس التحديات التي تواجهها إسرائيل ويواجهها استقرار المنطقة وأمنها".
وأضافت "ثانيا، أن محاولة تغييب الحلول السياسية للصراع أو استبدالها بمشاريع سياسية تصفوية هدفها إدارة الصراع بأدوات اقتصادية، تحت مسمى "صفقة القرن" أو غيرها لن تمر على الشعب الفلسطيني وأمتنا، بل ستؤدي الى تفاقم الصراع وتعقيداته وتداعياته على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي".
وتابعت، "ثالثا، من المبكر الخوض في السياسة التي سيتبعها الائتلاف الحكومي المقبل تجاه عملية السلام وحل الدولتين، إلا أننا نحذر من مخاطر اتباع سياسة الحكومات السابقة وإجراءاتها الاستيطانية والتهويدية الهادفة لتقويض أي فرصة لقيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا قابلة للحياة وذات سيادة".
وحذرت الخارجية الفلسطينية، مجددا من إقدام الائتلاف السياسي المقبل في إسرائيل على ترجمة وعود بنيامين نتنياهو الانتخابية بفرض القانون الإسرائيلي على الكتل الاستيطانية وضم معظم الأرض الفلسطينية المصنفة (ج).
ورأت الوزارة أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية تفرض على الجانب الفلسطيني إعادة دراسة وتقييم العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية من جميع جوانبها، وتوجيه المسار بصورة تتلاءم وإفرازات المعركة الانتخابية في إسرائيل.
وأكدت أن الانتخابات الإسرائيلية هي شأن إسرائيلي داخلي، لكنها ترى أن لزاما على المجتمع الدولي احترام وتقدير الالتزام الفلسطيني بالسلام الذي يؤكده الرئيس محمود عباس باستمرار من على كل منبر، وأن على المجتمع الدولي والقوى المحبة والداعمة للسلام وحل الدولتين العمل الفوري والجاد لضمان وجود شريك سلام حقيقي في إسرائيل.
من جهته، أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات - في مؤتمر صحفي عقد في مقر دائرة شئون المفاوضات في مدينة رام الله اليوم الأربعاء- أن البحث عن الأمن والاستقرار حق لكل الشعوب، لكن ليس على حساب زعزعة استقرار وأمن الآخرين، بل من خلال القانون والشرعية الدولية.
وقال عريقات إن النتائج الأولوية لانتخابات الكنيست ، أظهرت بوضوح أن الناخب الإسرائيلي صوت لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه وصوت لاستمرار الاحتلال.
وأضاف أن الإسرائيليين صوتوا لاستمرار الاحتلال والتفرقة العنصرية، والتنافس من خلال من هو الطرف الإسرائيلي الذي يستطيع الاستمرار بالوضع القائم، لكن بكلفة أقل.
وأشار إلى أن البعض حاول القول ، إن القضية الفلسطينية كانت غائبة عن الانتخابات الإسرائيلية ، لكن نقول: هذا كلام غير صحيح، فرؤساء الحملات الانتخابية، خاصة حملة نتنياهو، كانوا يدركون تماما أن المسألة الأساسية هي إبقاء الوضع على ما هو عليه، وإسقاط مبدأ الدولتين، وإسقاط القانون الدولي والشرعية الدولية.
وأكد عريقات أن منطقة الشرق الأوسط أمام خيارين، الأول الاستقرار والأمن وتحقيق الديمقراطية، والثاني الاسم الجديد للحركة المتطرفة رقم 804 في العالم التي ستحل بدل (داعش)، مشيرا إلى أن الخطر الحقيقي على المنطقة، هو عقلية من يعتقد أن التفرقة العنصرية والظلم، يستطيعان تحقيق الأمن والاستقرار .
وقال إن الرئيس محمود عباس سيعقد خلال الأيام المقبلة عدة اجتماعات مع القيادة، وسيتركز جدول أعمالها حول تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وتحديدا فيما يتعلق بتحديد العلاقات مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي.
في السياق ذاته، قال الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، إنه رغم كافة الظروف التي مرت وأثرت على القوائم العربية في انتخابات الكنيست الإسرائيلية، إلا أنها استطاعت أن تحافظ على تمثيل المجتمع العربي، في ظل حملة تنافس شرسة وتوجه المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف والفاشية الجديدة.
وهنأ مجدلاني القوائم العربية "تحالف الجبهة والعربية للتغيير وتحالف الموحدة والتجمع"، لفوزهما بالانتخابات، مشيرا إلى أن الوضع المقبل سيكون صعبا وخطيرا على المجتمع العربي داخل دولة الاحتلال، عبر المزيد من القوانين العنصرية.
وتابع: نحن على ثقة أن هذا النجاح سيكون قادرا على الدفاع عن مصالح أبناء الشعب في أراضي 48، وسيكون مساندا أيضا لنضالات الشعب في وجه جملة الإجراءات الفاشية، والتي بدأ الاحتلال بالتصريح بها حول ضم الضفة الغربية وغيرها من المشاريع الاستيطانية.
وأكد مجدلاني وحدة الدم والمصير بين كافة أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجدهم، وعلى الدور النضالي التكاملي في وجه المشروع الأمريكي الإسرائيلي ضد القضية الفلسطينية.
من جهتها، قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي إن نتائج الانتخابات الإسرائيلية أكدت الإمعان في تفشي العنصرية والتطرف، وان الناخب الإسرائيلي اختار السياسة الراهنة القائمة على القتل والضم والسرقة واضطهاد الشعب الفلسطيني وانتهاك حقوقه ومقدراته.
وأوضحت عشراوي- في بيان باسم اللجنة التنفيذية - أن سياسات بنيامين نتنياهو، خلال ولاياته السابقة المبنية على تكريس خطاب الكراهية، وتعزيز المنحنى السياسي الإسرائيلي القائم على العنصرية، والفاشية، والتطرف، وانعدام الثقة بالآخر، والقمع والبطش، أصبحت نهجا يستند إليه الناخب الإسرائيلي، في اختيار ممثليه.
وأكدت أن نتائج الانتخابات أجهضت احتمالات السلام، ودللت بشكل واضح على رفض إقامة الدولة الفلسطينية، والالتزام بتصعيد وتكثيف الاستيطان وسرقة الأراضي واستكمال المشروع الصهيوني الأصولي على أرض فلسطين التاريخية، في مواصلة تحدي القوانين والأعراف الدولية وإرادة المجتمع الدولي.
ولفتت إلى أن نتنياهو سيواصل أجندته المتطرفة والعسكرية، مستندا إلى الدعم الأعمى من قبل الإدارة الأمريكية ورئيسها دونالد ترمب الذي لم يتوانَ عن مساندة حليفه، وتمكينه من الفوز على حساب الحقوق الفلسطينية، باتخاذه قرارات مجحفة وغير مسؤولة، هذا إضافة إلى "اعتماده على التخاذل الدولي الذي اكتفى بالإدانات اللفظية، ولم يحقق أي تدخل جاد وفاعل يساهم في تطبيق قراراته وقوانينه".
وشددت على أن الشعب الفلسطيني متجذر في أرضه وسيصمد أمام جميع المخططات والصفقات المشبوهة، مؤكدة أن هذا الوضع يتطلب صياغة استراتيجيات ووضع خطط ترتقي إلى مستوى الخطر الذي يهدد القضية الفلسطينية برمتها، تقوم على تمكين الشعب الفلسطيني، واستمراره في مواجهة هذه التحديات، والبقاء والصمود على أرضه، أولها وأهمها إنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية، ومنع الفصل النهائي لقطاع غزة عن الضفة الغربية.