في ذكرى مرور 1079 عاما على تأسيسه.. الجامع الأزهر..عطاء ممتد لأكثر من 1000 عام
يحتفل الأزهر الشريف، بعد غد الأحد بذكرى مرور 1079 عاما هجريا على تأسيس الجامع الأزهر، والتي توافق السابع من شهر رمضان المبارك من كل عام.
وكان المجلس الأعلى للأزهر برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قد وافق على اعتبار مناسبة افتتاح الجامع الأزهر في السابع من رمضان عام 361 هـ مناسبة احتفالية كل عام.
والجامع الأزهر، هو من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي، وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف عام، وأنشئ على يد جوهر الصقلي عندما تم فتح القاهرة عام 970 ميلادية بأمر من المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، الذي أمر ببناء مسجد كبير في المدينة الجديدة، وقام بإرساء حجر أساسه في 14 رمضان عام 359 هـجرية ( 970 ميلادية ) ، وأتم بناءه في عامين، فكان بذلك أقدم أثر فاطمي قائم بمصر، وأول جامع ينشئ في مدينة القاهرة، المدينة التي اكتسبت لقب "مدينة الألف مئذنة".
وسمي المسجد في البداية بجامع المنصورية، وذلك على اسم مدينة القاهرة التي كان اسمها حينئذ "المنصورية" ، حيث كانت تسمية المسجد باسم المدينة التي يتواجد بها تقليدا شائعا في ذلك الوقت، ومع دخول الخليفة المعز لدين الله لمصر قام بتسمية المدينة بالقاهرة، وهكذا أصبح اسم المسجد جامع قاهرة، في أول نسخه من المصادر العربية.
وبعد بنائه سرعان ما أصبح الأزهر مركزا للتعليم في العالم الإسلامي، وصدرت منه التصريحات الرسمية وعقدت جلسات المحكمة، وقد عين المعز "القاضي النعمان بن محمد"، مسئولا عن تدريس المذهب الإسماعيلي، وكانت بعض الفصول تدرس في قصر الخليفة، وكذلك في الأزهر، مع دورات منفصلة للنساء.
وجعل يعقوب بن كلس، الموسوعي والفقيه والوزير الرسمي الأول للفاطميين من الأزهر مركزا رئيسيا للتعليم في القانون الإسلامي في عام 988 ميلادية، وفي السنة التالية تم توظيف 45 عالما لإعطاء الدروس، وإرساء الأساس لما يمكن أن يصبح الجامعة الرائدة في العالم الإسلامي.
بني المسجد في البداية على شكل قاعة للصلاة مع خمسة ممرات وفناء مركزي متواضع، ثم تمت توسعته عدة مرات مع منشآت إضافية أحاطت بالهيكل الأصلي، وشكل العديد من حكام مصر في الفن والهندسة المعمارية للأزهر، ولهذا ترتبط الهندسة المعمارية للأزهر ارتباطا وثيقا بتاريخ القاهرة، حيث استخدمت موادا مأخوذة من فترات متعددة من التاريخ المصري.
وتظهر تأثيرات من داخل وخارج مصر على حد سواء على هندسة المكان ، حيث تم مزجها معا في حين أن البعض الآخر يعد مصدر إلهام ، ويضم الجامع الأزهر، جامعة تعد الأولى في العالم الإسلامي في تدريس المذهب السني والشريعة والقانون الإسلامي، حيث أنشأت جامعة متكاملة داخل المسجد كجزء من مدرسته منذ إنشائه.
ويتولى شيخ الأزهر شئونه، وهو أعلى مركز في هيكل إدارة الجامع، حيث يتولى رئاسة علمائه ويشرف على شئون المسجد الإدارية، ويحافظ على الأمن والنظام بالأزهر، وأظهر حكام مصر على مر العصور بدرجات متفاوتة الكثير من الاهتمام والاحترام للمسجد، وقدموا على نطاق واسع مساعدات مالية لمدرسته ولصيانته.
ورغم مرور أكثر من عشرة قرون على تأسيس الجامع الأزهر الشريف وتفاوت اهتمام حكام مصر به ، إلا أن عطاءه وجهوده ظلا مستمرين انطلاقا من مسئوليته الدينية والعلمية والاجتماعية على كافة المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، وقد عمل في الأونة الأخيرة على تفعيل دوره التاريخي في مواجهة التطرف والإرهاب ونشر ثقافة السلام، مقدما رؤية ونشاطا يرتكز على التطوير الذاتي، وتطوير التعليم والدعوة، وتجديد الخطاب الديني، وتدريب الأئمة الوافدين، وعقد لقاءات حوارية مع الشباب في مختلف المحافظات، وإرسال القوافل الدعوية والتوعوية والتكافلية للمناطق النائية، وإنهاء عدد من الخصومات الثأرية، وضبط الفتاوى، والمشاركة في عدد كبير من المؤتمرات والندوات داخل مصر وخارجها لتحقيق الهدف الأكبر الخاص بمكافحة التطرف ونشر الصورة الصحيحة للإسلام.
ويحرص الأزهر الشريف في رسالته على مكافحة التطرف الفكري باعتباره القضية الأبرز على الساحة حاليا، والتي أصبحت تهدد استقرار المجتمعات والسلام العالمي، ويقوم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الريف بجولات وزيارات خارجية وداخلية للدعوة للمصارحة ونشر السلام العالمي ومواجهة التطرف ونصرة القضايا الإنسانية العادلة .
وتجلى هذا التأثير الكبير للإمام الأكبر في اختياره الشخصية الإسلامية الأكثر تأثيرا في العالم للعام الثاني على التوالي، وبات العالم يدرك الدور المحوري للأزهر في مواجهة الإرهاب وترسيخ السلام العالمي؛ ولذلك شهدت مشيخة الأزهر الشريف توافد العديد من الشخصيات والقيادات السياسية والدينية في العالم، بما يؤكد الدور المحوري والمهم للأزهر الشريف على مختلف المستويات.