رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


لبنان ينعي البطريرك الماروني الراحل نصر الله صفير

12-5-2019 | 13:13


نعى الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس الوزراء سعد الحريري، وقيادات القوى السياسية والحزبية والدينية اللبنانية من كافة الطوائف والمذاهب، البطريرك الماروني السابق الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، والذي توفي فجر اليوم عن عمر يناهز 99 عاما.

وحددت البطريركية المارونية الخامسة من عصر الخميس المقبل موعدا لدفن الجثمان، حيث سيُنقل جثمانه إلى المقر البطريركي في (بكركي) قبلها في العاشرة من صباح الأربعاء، في حين سيتم قبول التعازي على اعتبارا من الغد وحتى يوم الجمعة المقبل.

وأعرب الرئيس اللبناني عن حزنه الشديد لوفاة البطريرك صفير، قائلا: "ستفتقد الساحة الوطنية بفقدان البطريرك صفير، رجلا عقلانيا وصلبا في مواقفه الوطنية، ودفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه، في أعتى المراحل والظروف. ولا شك أن اندفاعه في تحقيق مصالحة الجبل، كان من صلب إيمانه بميثاقية العيش المشترك، وضرورة تصفية نفوس اللبنانيين من رواسب الماضي، وتمتين أواصر الشراكة الوطنية".

من جانبه، أكد رئيس الحكومة اللبنانية، أن البطريرك الراحل جسد بشخصه وبعمله إرثا للقيم الروحية والوطنية، في مرحلة صعبة من تاريخ لبنان ارتفع معها بالصلابة والقدوة والثبات والشجاعة إلى مرتبة الرمز الوطني الذي أسهم بتحويل مجرى الأحداث، ونقل لبنان إلى حال أفضل.

من جهته، قال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، إن البطريرك صفير كان مثالا للاعتدال والانفتاح والحكمة والحوار والمحبة والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، وأنه كان يدافع عن قضايا وأمور اللبنانيين جميعا دون أي تفرقة أو تمييز.

وأضاف: "وترك في ذاكرة اللبنانيين وقفات مشهودة له خلال توليه مسؤولياته الدينية، فقد كان مدافعا صلبا عن قضايا الإنسان والوطن والعروبة، حاملا في قلبه وعقله ووجدانه هموم الناس، وأمينا عليها ووفيا ومخلصا لها، وشكل حالة وطنية ستبقى علامة مضيئة في تاريخ لبنان الحديث باعتداله".

ومن ناحيته، شدد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن، على أن البطريرك الراحل مثل "ركنا وطنيا روحيا سياديا؛ آمن بلبنان المستقل، وأرسى ثوابت العيش المشترك في الزمن الصعب، وفتح صفحة المصالحة الوطنية التاريخية التي كانت محطة مضيئة سطعت فوق جراح الماضي وأعطت المثال الحقيقي عن العمل الوطني الصرف".

وأثنى شيخ عقل الطائفة الدرزية على حرص البطريرك صفير على الحوار الإسلامي - المسيحي ومحبته وتسامحه وانفتاحه ونبذه للتطرف.

ومن جانبه، أكد رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، أن البطريرك صفير كان شريكا أساسيا في تحصين الوحدة الوطنية وترسيخ العيش المشترك وحفظ لبنان، مشددا على أنه عمل بإخلاص لخدمة رعيته ودعم الحوار بين اللبنانيين جميعا.

والبطريرك صفير من مواليد مدينة كسروان بمحافظة جبل لبنان في 15 مايو 1920 . وانتخبه مجلس المطارنة الموارنة بطريركا في 19 أبريل 1986 ، وهو البطريرك الـ 76 في سلسلة البطاركة الموارنة.

وتقدم البطريرك صفير مطلع عام 2011 باستقالته، طالبا إعفاءه من المهام البطريركية، وذلك جراء التقدم بالعمر، ليتم في 15 مارس من نفس العام انتخاب المطران بشاره الراعي خلفا له.

وعرف عن البطريرك الراحل موقفه المناهض لسلاح حزب الله، معتبرا أن سلاح الحزب غير شرعي ويمثل تهديدا كبيرا للبنان وشعبه بأكمله وليس اللبنانيين المسيحيين وحدهم.

ومن أبرز مواقف البطريرك صفير السياسية مبادرته إلى تأييد وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) الذي أبرم أواخر عام 1989 برعاية من المملكة العربية السعودية، وأنهى الحرب الأهلية اللبنانية الدامية التي استمرت من 1975 وحتى مطلع 1990 .

كما رعى البطريرك الماروني الراحل مصالحة الجبل مع الزعيم السياسي الدرزي وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، والتي توجت بزيارة صفير إلى الجبل في أغسطس عام 2001 لتطوي صفحة من التهجير والاقتتال العنيف بين المسيحيين الموارنة والدروز فيما عُرف بحرب الجبل والتي مثلت أحد الفصول الدموية للحرب الأهلية اللبنانية.

وكان البطريرك الراحل من الرافضين للوجود السوري في لبنان، حيث دعا في عام 2000 إلى خروج القوات السورية من لبنان، معتبرا أن الوجود السوري ينتقص من السيادة اللبنانية.

كما كان البطريرك صفير من الداعمين للتظاهرات الحاشدة التي أعقبت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، فيما عُرف بـ "ثورة الأرز" .