بقلم – فريدة الشوباشي
بات هذا السؤال مطروحا وعلى نطاق يتسع يوما بعد يوم فى ظل صمت شبه كامل وعجز مخيف من جانب الدولة ومؤسساتها، وهو ما ينذر بعواقب وخيمة فعلا، وأشير هنا إلى حادثين هزا الضمير الجمعى المصرى، وتلك نقطة إيجابية تشجع على مطالبة الدولة بالخروج من سلبيتها القاتلة قبل فوات الأوان، الحادثة الأولى هى مأساة اغتصاب الطفلة الرضيعة التى اعتدى عليها وحش آدمى فى الخامسة والثلاثين من العمر، ولا شك أن مثل هذه الحوادث المروعة لم تظهر فى مجتمعنا قبل هبوب ثقافة الصحراء التى استخدمت كل السبل والحجج لتشويه هوية مصر، ليس من حيث المظهر فحسب، بل وباستماتة، من حيث الجوهر، ويكفى دليلا على ما أقول انتشار الزى الخليجى تارة، والأفغانى أو الباكستانى تارة أخرى، على اعتبار أن مصر الحديثة من كفار قريش،
وكان التركيز منصبا وبضراوة على نشر الحجاب، ثم النقاب، بهدف تحقيق الفرز الطائفى، الذى فشلت بريطانيا إبان احتلالها لمصر تحت شعار، فرق تسد، فى تحقيقه، ونجحت فيه التنظيمات والحركات والجماعات المتدثرة بعباءة الدين، نعم، أرى مثل أغلبية ساحقة أن مغتصب الرضيعة يستحق الإعدام لأنه سرطان قاتل، والإعدام هو السبيل الوحيد لردع أمثاله من الوحوش الآدمية، ولكن ماذا عن «الشيوخ ؟!» الذين انتشروا منذ منتصف السبعينيات وانصبت دعواتهم على تكفير كل من لا ينصاع إلى أقوالهم وبشكل خاص على النصف الأسفل من الانسان، ثقافة الهوس الجنسى التى ترعرت بتعليمات من دولة الانفتاح وبتواطؤ كامل معها، حيث استأثر أنصار النصف الاسفل من الانسان، بكافة المنابر، الدينية والاعلامية، فأخذنا نستمع صاغرين عاجزين، بجواز زواج الرجل الفحل برضيعة عمرها عام واحد، بعد موافقة ولى أمرها؟!، وكنا شهود زور على انتشار «الزى الإسلامى» فى المدارس، بما فيها الحضانة، حيث يتم تحجيب طفلة فى الثالثة من العمر، وهو ما يعنى اغتيال براءتها، إضافة إلى ترسيخ الانقسام بينها وبين زميلتها المختلفة فى العقيدة الدينية، وذلك تحت سمع وبصر حكومات الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ويصعب أن يفهم عاقل كيف لا تنتشر تلك المفاهيم التى لم يسبق أن شهدها المجتمع المصرى، بينما لا يوجد أحد من شيوخ المرحلة بالغترة فوق رؤوسهم، يتحدث فى أمر خارج الجنس، فالحرام، كل الحرام، أن تسير امرأة، فى الشارع، غير محجبة، والخطوة التالية، أن تسير غير منتقبة، وفى هذه الأيام بدأت نغمة، عدم خروج المرأة من البيت، حتى لا تثير «الذكر» ولا أقول الرجل المسلم، إنها ثقافة الخراب المحقق، وهى تعنى بالضرورة، انحطاط الرجل، وكيف لا وهو لا يرى فى المرأة، بل وفى الأنثى عموما، حتى لو كانت رضيعة، إلا «ثقبا» لإشباع غريزته الحيوانية !! وإذا كان مغتصب الرضيعة يستحق الإعدام، لتطهير المجتمع منه وكى يكون عبرة لردع أمثاله، فما هو موقف الدولة من مروجى هذه المفاهيم الكريهة؟، وإذا احتج البعض بحرية الرأى، وهى حجة خبيثة فى هذا المقام، فلماذا لا تجند الدولة والمجتمع كافة قواها لنشر مبادئ الدين الصحيح والارتفاع بالبشر إلى النصف الأعلى من الانسان، حيث العقل المبدع المبتكر؟.
والحادثة الثانية لا تقل فداحة من حيث كونها خطوة خطيرة، على طريق هدم الدولة الحديثة، دولة القانون وإحلال دولة داعش مكانها، وذلك عندما قطع بعض الدواعش يد شاب بدعوى انه سرق موبايل، وضع هؤلاء الدولة فى قفص حديدى واخذوا مفتاحه، ونفذوا مفهومهم وفى المقدمة ازدراء الدولة وقوانينها، وسط صمت مريب ولا ابالغ اذا قلت، صمت مرعب، فهل يعنى صمت الدولة أن هؤلاء يعيثون فى مصر فسادا بعلمها وموافقتها؟، وهل من مبادئ الاسلام، قطع يد شاب بدون محاكمة أو تحقيق أو أى مظهر من مظاهر الدولة؟، لقد أشاع الحادثان مناخا من الإحباط الذى يتحول تدريجيا إلى غليان قد يؤدى إلى انفجار، إن الدولة التى تطمع فى احترام الشعب لها، يجب أن تبدأ هى باحترام الشعب الذى قام بثورة فريدة فى التاريخ، للحفاظ على مصر، فجر الضمير، فهل تدرك الحكومة ذلك؟ هل تدرك أن التهاون أو التحسب فى مواجهة هذه الأمور ليس من هدف لها سوى تقويض الدولة المصرية، التى جاهروا ويجاهرون بنيتهم السوداء فى تقويضها حتى تدميرها وتفتيتها، إن أمكن؟، نحتاج إلى صحوة ثقافية حقيقية تليق بدولة السبعة آلاف سنة، وكانت لها ملكات منذ آلاف السنين وعلمت الانسانية معنى كلمة ضمير، انها دولة القانون وليس دولة الفتاوى.