في كل مرة تحاول رؤى إحسان البحث عن كتب تستعين بها في دراساتها العليا في علوم الأغذية تجد صعوبة متزايدة في العثور على مراجع في الموصل التي دفعت ثمن حرب مدمرة ضد إرهابيين أحرقوا ودمروا مكتبات ومراكز للقراءة والتعليم.
في المدينة التي عرفت على مدى قرون بفنانيها وكتابها ومكتباتها الزاخرة بمؤلفات بلغات مختلفة كانت قراءة الكتب التي لا تلبي توجهات داعش ممنوعة خلال سيطرة التنظيم على المنطقة وتتسبب لأصحابها في أنواع شتى من العقاب.
وتقول رؤى بحسرة: "بعض الكتب لم ترقم وفقدت إلى الأبد، إذ تعرضت للحرق أو للدمار الذي خلفته المعارك."
ويواجه الطلبة والباحثون بعد مرور قرابة عامين على استعادة السيطرة على المدينة من قبضة الإرهابيين صعوبة بالغة في إكمال الأبحاث بسبب قلة المصادر حسب ما يشير طالب الدكتوراه في التاريخ عبد الحميد محمد.
ويقول محمد: "بعد تحرير الموصل، يواجه الباحث صعوبة بالغة في إكمال بحثه بسبب قلة المصادر وعليه الاعتماد على علاقاته الشخصية أو الإنترنت للحصول على بعضها."
وحين يصعب الحصول على مراجع في الموصل، لا يتوانى أهل المدينة عن مغادرتها بحثا عن مراجع.
فتوجه واثق محمود لإكمال بحوثه في الهندسة المدنية إلى بغداد التي تبعد أكثر من 400 كيلومترا جنوب الموصل وأحيانا إلى البصرة التي تقع على بعد ألف كيلومتر للحصول على مراجع.
ويؤكد محمود أنه قبل دخول الإرهابيين في 2014 إلى المنطقة كانت جميع المصادر التي يحتاجها الطالب متوفرة في الموصل."
ويضيف بمرارة: "اليوم انعكست الآية تماما، فبعدما كانت الموصل قبلة الدارسين والباحثين من كل أنحاء العراق والوطن العربي، يضطر أبناؤها إلى مغادرتها طلبا للعلم والكتب والمصادر من خارجها."
وكانت الموصل مشهورة بمكتبتها المركزية العامة التي تأسست في 1921 في منطقة الفيصلية وكانت تضم مؤلفات وكتبا قيمة، ونادرة ومخطوطات تراثية وأثرية.
وبين الكتب مؤلفات باللغة السريانية طبعت في أول مطبعة أنشئت في العراق في نهاية القرن التاسع عشر في إحدى كنائس الموصل بمنطقة الساعة في غرب المدينة.
كما كانت الموصل تفتخر بمكتبات حكومية كبيرة ومكتبة الأوقاف ومكتبة جامعة الموصل والمئات من مكتبات الجوامع والكنائس، إلى جانب المكتبات الأهلية في شارع النجيفي المتخصص في بيع الكتب والمعروف بشارع الثقافة والمكتبات.