رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


تصاعد نذر المواجهة العسكرية المحتملة في الخليج بين أمريكا وإيران.. وآفاق الحوار

16-5-2019 | 11:17


أحداث متلاحقة وتطورات سياسية سريعة تشهدها منطقة الخليج العربي، تتشابك فيها دول إقليمية وقوى عالمية، حتى باتت المنطقة ساحة للمواجهات المحتملة المباشرة وغير المباشرة، فلم يكد يمر يوم واحد على عمليات تخريبية استهدفت أربع سفن تجارية، بينها ناقلتا نفط سعوديتان، قبالة سواحل الإمارات، وسط تصاعد التوتر في الخليج العربي، بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية التي دفعت بتعزيزات عسكرية إلى المنطقة، حتى شن المتمردون الحوثيون هجمات إرهابية بـ 7 طائرات دون طيار مفخخة (طائرات مسيرة) استهدفت محطتين لضخ البترول في خط أنابيب رئيسي شرق العاصمة السعودية (الرياض) مما أدى إلى وقف ضخ البترول في الخط، وهو ما أسفر بشكل فوري عن ارتفاع أسعار الخام في المعاملات الدولية لبرميل النفط.


نذر المواجهة المحتملة وشيكة


وعلى خلفية تلك الأحداث، تصاعدت نذر المواجهة العسكرية المحتملة في الخليج بعدما كشفت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية مؤخراً، عن أن القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي، باتريك شاناهان، قدم خطة عسكرية مطورة إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تنص على إرسال ما يصل إلى 120 ألف جندي إلى الشرق الأوسط، في حال هاجمت إيران قوات أمريكية أو سرعت العمل على إنتاج أسلحة نووية.


ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية القول: "إن تنقيح الخطة تم بناء على طلب التيار المتشدد في الإدارة الأمريكية بقيادة مستشار الأمن القومي جون بولتون، وأنهم لا يدعون إلى غزو بري لإيران، الأمر الذي يتطلب المزيد من القوات".


ورأى خبراء أنه في حال تبين أي تورط لطهران في الهجمات، بعد نشر نتائج التحقيقات الإماراتية، وإعلان الحوثيين المدعومين من قبل إيران مسؤوليتهم عن مهاجمة محطتين لضخ البترول في السعودية، فإن ذلك سيكون بمثابة محفزات قوية لدفع واشنطن لتأديب طهران على طريقتها الخاصة.


وتتزامن تلك التطورات مع الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إلى (موسكو) واجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف، بمنتجع (سوتشي) ومناقشة الملف الإيراني بكل تفاصيله، حيث قال بومبيو، في بداية محادثاته مع لافروف، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد أن يجد سبلا للتعاون مع روسيا، وأنا هنا اليوم لأن الرئيس ترامب ملتزم بتحسين هذه العلاقات"، مضيفا: "إن البلدين قد لا يتفقان على كل شىء، لكن هناك مساحة للتعاون بينهما خاصة في مجال مكافحة الإرهاب ومنع الانتشار النووي".


ومن هنا فإن تلك الزيارة تهدف للتحصن بالموقف الروسي على أن يكون مؤيداً للموقف الأمريكي حال اتخاذ الأخيرة أي قرار ضد إيران، وهنا أكد وزير الخارجية الروسي على أن موسكو مستعدة لفتح صفحة جديدة في العلاقات المتوترة بسبب عدد من القضايا، من بينها ضبط الأسلحة النووية وإيران، قائلاً: "لدينا مشكلات كثيرة تتطلب اتخاذ تدابير عاجلة وإيجاد حلول طويلة الأمد حول الأمن الاستراتيجي، وإنشاء عمل أكثر فاعلية لمكافحة الإرهاب، وتسوية الأزمات الملحة في العالم".


حدود التصعيد


في ضوء القراءة التحليلية لمعطيات المشهد السياسي في الخليج والمشهد الخاص بالعلاقات الأمريكية الإيرانية، يتضح أن ما يحدث هو رسائل شديدة اللهجة من الطرفين الأمريكي والإيراني وأن ساحة الخليج هي الأرض التي تمارس عليها الدولتان ألعابهما السياسية التي قد تعصف بأمن واستقرار النظام العالمي برمته.


فطهران تريد أن تؤكد لأمريكا أنها ماضية في تخصيب (اليوانيوم) وأنها باتت غير ملتزمة ببنود الاتفاق النووي الموقع عام 2015، وأنها قادرة من خلال أذرعها السياسية في دول المنطقة أن تحدث أضراراً بالغة بالمصالح الأمريكية بالمنطقة وكذلك إلحاق الأضرار بحلفاء الولايات المتحدة في الخليج.


أما واشنطن فتريد أن تبعث برسالة شديدة القوة للنظام الإيراني، بأن الولايات المتحدة ماضية في إستراتيجية ممارسة أقصى الضغوط على النظام الإيراني لتعديل سلوكه.


ووفقاً للعديد من المحللين، فإن التصعيد الأمريكي هدفه ممارسة أشد أنواع القسوة السياسية وإخضاع إيران للحوار المشروط على الطريقة الأمريكية، والتي كان أعلنها من قبل بومبيو وتتضمن: "وقف برنامج إيران النووي وبرنامجها الصاروخي الباليستي ودعمها الإرهاب".


ولكن إيران ما زالت تكابر وتهدد بإغلاق مضيق (هرمز)، وهو أمر يرفضه المجتمع الدولي، وبالتالي ستظل حالات المد والجزر من قبل واشنطن وطهران مستمرة، وربما لن تصل لحالة الحرب العسكرية المباشرة، وفقاً لقناعات المؤسسات والقيادات السياسية في البلدين، إذ أكد علي خامنئي المرشد الأعلى الإيراني، أن الحرب مع أمريكا لن تقع، وأن المقاومة هي الخيار النهائي للشعب الإيراني، مشددا على رفض التفاوض مع واشنطن على "ملف إيران النووي"، وقال خامنئي إن "إيران لا تسعى إلى الحرب، وأمريكا كذلك لا تسعى إلى الحرب لأنها لن تكون في صالحها".


وفي السياق نفسه، أكد وزير الخارجية الروسي - خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو عقب مباحثاتهما في مدينة (سوتشي) الروسية - أن موسكو ستعمل جاهدة لمنع انزلاق الوضع حول إيران نحو السيناريو العسكري، مضيفا أنه "شعر" خلال المباحثات مع بومبيو بأن الجانب الأمريكي له نية أيضا لإيجاد حل سياسي للوضع.


يبقى القول إن حسابات المصالح الاستراتيجية ستظل هي الحاكمة لميزان التفاعل ومؤشره بين إيران وأمريكا، وليس ببعيد عن المصالح الحيوية لدول الخليج كمنظومة تتحكم في أمن واستقرار العالم لأهميته الجيوسياسية.