رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


موازنة الحكومة خادعة !

5-4-2017 | 13:15


تقرير: أميرة جاد

 على الرغم من أن البيان المالى التمهيدى لموازنة العام المالى القادم لم يحمل سوى عناوين رئيسية لبعض بنود الموازنة العامة، و لم يتطرق إلى التفاصيل المهمة التى تمس المواطن البسيط إلا أن حتى هذه العناوين وإن بدت براقة ولامعة إلا أنها تحمل فى طياتها تفاصيل قد لا تعجب المواطنين، الذين قرروا منذ اللحظة الأولى لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى أن يتحملوا لفترات لن تطول فى انتظار انفراجه.

هناك أكثر من تساؤل: هل تحمل موازنة العام المالى الجديد الانفراجه التى ينتظرها المصريون بعد أقل ما يوصف به أنه صعب اقتصاديا؟

«المصور» تحلل البيانات التمهيدية التى أعلنتها وزارة المالية عن موازنة العام المالى المقبل الخبراء للإجابة على تساؤلات شعبية حول الأجور و الدعم و بمختلف جوانبه، والضرائب و التعليم والصحة.

الواقع يقول إنه وفقا لوزير المالية عمرو الجارحى  فإن إجمالى الأجور سوف يرتفع بواقع ١٧ مليار جنيه فى موازنة العام المالى القادم مسجلا ٢٤٠ مليار جنيه فى مقابل إجمالى ٢٢٣ مليار جنيه فى موازنة العام المالى الحالى وزير المالية وعد أيضا بزيادة  مخصصات فاتورة الدعم بدون دعم البترول والكهرباء إلى نحو ٢٠٠ مليار جنيه للعام المالى المقبل، مقابل ١٤٠ مليارا فقط بموازنة العام الحالى أى بزيادة تبلغ نحو ٦٠ مليار جنيه.

أما عن التعليم و الصحة و البحث العلمى فقد اشتمل البيان المالى التمهيدى زيادات نسبية فى مخصصات هذة القطاعات حيث تشير الأرقام إلى رصد موازنة العام المالى الجديد ١٠٢ مليار جنيه  للتعليم قبل الجامعي، أما التعليم الجامعى فتبلغ مخصصاته فى العام المالى القادم  ٦٥ مليار جنيه فيما تبلغ مخصصات الصحة ١٠٣ مليارات جنيه والبحث العلمى ٣١ مليار جنيه.

الزيادات التى أعلنتها وزارة المالية فى الأجور والدعم وكذلك التعليم و الصحة تبدو فى ظاهرها جيدة ومبشرة، ولكن الحقيقة بخلاف ذلك فهذه الزيادات ليست سوى زيادات اسمية لن ينتج عنها تحسن حقيقى فى مستويات المعيشة ولا زيادات فى الدخول، ولا حتى تحسن فى الخدمات المقدمة لأنها زيادات ناتجة عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات التى تقدمها الحكومة بفعل تحرير سعر الصرف الذى نتج عنه معدلات تضخم بلغت ٣١ ٪ فى نهاية فبراير الماضي، إذن الزيادات التى رصدتها الحكومة فى الدعم مثلا لن ينتج عنها زيادة الكميات التموينية التى يحصل عليها الفرد ، وإنما زيادة فى مخصصات شراء السلع ناتجة عن ارتفاع أسعار السلع.

وهو ما يؤكده الدكتور عمر عادلى أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية و الذى يقول إن وزير المالية تعمد الاعتماد على القيمة الاسمية للمخصصات والمقصود هنا بالقيمة الاسمية هو المبلغ المالى مجرد دون النظر إلى قيمته و ما يمكن أن يمثله من سلع و خدمات، وهو ما يعنى أن القيم الاسمية التى أعلنها وزير المالية كزيادات فى مخصصات بعض البنود زيادات وهمية،و أضاف عادلى أن الزيادة التى أقرتها المالية فى موازنة العام المالى القادم فى مخصصات المواد البترولية ليست ناتجا عن زيادة فى الدعم المقدم، وإنما ناتج عن ارتفاع سعر الدولار بعد التعويم عنه فى العام المالى الحالي، و الذى أحتسبت فيه المالية سعر الدولار عند ٩ جنيهات أما فى موازنة العام المالى القادم فسعر الدولار يسجل ١٦ جنيها أى الضعف تقريبا.

أشار عادلى إلى أن الزيادات التى أعلنتها المالية فى بنود الانفاق الاجتماعى زيادات محاسبية فقط ناتجة عن ارتفاع معدلات التضخم و زيادة سعر الدولار، وأوضح على الحكومة حينما تتحدث عن الدعم أو الأجورأن تعلن الوزن النسبى لهذه البنود من إجمالى النفقات العامة، وليس رقما مجردا فإذا كانت الأجور العام الماضى ٢٢٣ مليار جنيه من إجمالى موازنة بلغ نحو ٨٠٠ مليار أما موازنة العام المالى القادم فإجمالى الأجور ٢٤٠ مليار جنيه من إجمالى موازنة بلغ نحو تريليون جنيه، و أشار عادلى إلى أن حتى الزيادات التى شهدها بند الأجور و إن كانت حقيقة فهى لا تتناسب و معدلات التضخم البالغة نحو ٣١ ٪، و انتهى عادلى إلى أن الزيادات التى أعلنها البيان المالى التمهيدى لموازنة العام المالى القادم ليست حقيقية وإنما ناتجة عن ارتفاع أسعار الخدمات المقدمة بفعل إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تعكف عليها الحكومة مؤخرا

الأرقام التى كشفت عنها  المالية عن موازنة العام المالى القادم لم تقتصر على بنود الإنفاق على الأجور و الصحة و التعليم و إنما امتدت إلى الانفاق الاستثمارى حيث قدرت المالية الاستثمارات المستهدفة للعام المالى المقبل بقيمة ٦٤٦ مليار جنيه تمول الجهات الحكومية والعامة ما نسبته ٤٥٪ منها فى حين يسهم القطاع الخاص بنسبة ٥٥٪ الاخري.

الاستثمارات التى تستهدفها موازنة العام المالى المقبل ليست من قبيل الرفاهية و إنما هى ضرورة تحتمها معدلات البطالة المرتفعة التى يعانى منها سوق العمل المصري، لأن الاستثمارت ببساطة تعنى زيادة معدلات التشغيل وبالتبعية ارتفاع مستويات المعيشة و لكن هل المبالغ التى تنتظرها الحكومة من القطاع الخاص أرقام يمكن تحققها أم أنها أحلام حكومية لسد خانات البيانات الرسمية؟!

حول إمكانية ضخ القطاع الخاص ما يتجاوز الـ ٣٠٠ مليار جنيه فى السوق المحلى خلال العام المالى القادم قال محمد المرشدى عضو الاتحاد العام لجمعيات المستثمرين و رئيس جمعية العبور، الحكومة هى التى تضع خطتها و مستهدفاتها و هى التى يتوجب عليها جذب ما تحتاجه من استثمارات لافتا إلى أن القطاع الخاص المحلى والأجنبى يمتلك السيولة المطلوبة لتحقيق المستهدف من الاستثمارات خلال العام المالى المقبل ولكن لابد أن يكون هناك آليات و رؤى واضحة لدى الحكومة لجذب هذه الاستثمارات و حمايتها وضمان تأمين خروجها وقتما تشاء.

وأضاف المرشدى أن القطاع الخاص على استعداد لتحقيق المستهدف الاستثمارى للعام المالى القادم ولكن بشروط، أهمها أن تذلل العقبات الاستثمارية أمام المستثمرين وحماية الأسواق من الممارسات غير الشرعية كالتهريب الجمركى الذى يضر بالصناعة المحلية بشكل كبير، لافتا إلى أن القطاع الخاص يهدف إلى الربح فى المقام الأول و إذا توافرت آليات تحقيق الربح فحتما سيتجه القطاع الخاص لضخ مزيد من السيولة الاستثمارية بالسوق المحلي.

و عن الإيرادات فى موازنة العام المالى الجديد فتعتمد المالية على الضرائب كأهم مواردها فى موازنة العام المالى الجديد وهو أمر ليس مستحدثا، حيث تعول «المالية « بشكل كبير على زيادة الضرائب العام المالى المقبل ولكن السؤال هنا هو من سيدفع الضرائب التى تتوقع المالية زيادتها هل سيدخل المنظومة شرائح جديدة و قطاعات لم تكن تعامل ضريبيا؟ أم أن الزيادة ستكون من تحصيل متأخرات ضريبية و فض منازعات ؟

وحول المستهدف الضريبى لموازنة العام المالى القادم يقول الدكتور هانى الحسينى الأمين العام لشئون الضرائب فى نقابة التجاريين، إن الأرقام فيما يتعلق بالضرائب فى موازنة العام المالى الجديد معقولة، ولكن الزيادات المستهدفة، ليست ناتجة عن إنهاء وضع التهرب و التجنب الضريبى الذى تعانى منه منظومة الضرائب و إنما ناتج عن ارتفاع الأسعار، وبالتالى زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى جانب إنهاء عدد من النزاعات الضريبية و تحصيل متأخرات ضريبية سابقة،و أكد أن الزيادات التى سجلتها الحصيلة الضريبية لهذا العام أقل مما ينبغى لأنها أقل بكثير من قيمة أعمال المجتمع الضريبى حيث  قال خلال مؤتمر إطلاق البيان المالى التمهيدى للموازنة القادمة أنحصيلة مصلحة الضرائب المصرية  ارتفعت إلى ٢٠١ مليار جنيه فى الثمانية أشهر الاولى من العام المالى الحالى مقابل ١٦٠ مليارا للفترة نفسها من العام المالى الماضى أى بزيادة ٢٥٪، مشيرا إلى أن الأثر الكامل لضريبة القيمة المضافة على الإيرادات العامة ستظهر العام المالى المقبل، موضحا أن الضريبة العقارية ارتفعت بنحو ١٣٠٪ خلال الثمانية أشهر الماضية

فى الوقت نفسه أشار الحسينى إلى أن الضرائب التى تستهدف الحكومة زيادة حصيلتها العام المالى المقبل لن تكون عادلة إلا إذا تم تحصيلها من القطاعات غير الخاضعة للضرائب لافتا إلى أن قيمة الثروة العقارية فى مصر أكبر بكثير من الحصيلة الضعيفة التى يفتخر نائب وزير المالية لشئون الضرائب بزيادتها لـ ١.٥ مليار جنيه مقارنة بـ ٨٠٠ مليون جنيه فى العام الماضى مؤكدا أن الحصيلة عن الضرائب العقارية لا تمثل سوى ثمن ١٠٠٠ وحدة سكنية فى التجمعات السكنية الفاخرة.

و ألمح الحسينى إلى أن تحقيق الحصيلة المستهدفة لدعم الموازنة العامة للدولة يتطلب عودة العمل بإقرارات الثروة و ضريبة التركات ووضع نظام جاد لرقابة الضرائب على التصرفات العقارية لاستيضاح حركة المضاربات العقارية و حصر المجمع الضريبى العقارى لتحصيل الضرائب المستحقة.