رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


٥ حيتان وراء أزمة السمك فى مصر

5-4-2017 | 13:29


تحقيق: هانى موسى

شريف البرامونى

 

داخل سوق العبور.. يبدأ مزاد سوق الأسماك يوميا فى الساعة ٣ صباحا، ويتم تحديد السعر طبقا لكميات الأسماك الواردة إليه من المراكب المنتشرة فى البحر الأحمر والمتوسط وأيضا إنتاج مزارع الأسماك المنتشرة فى عدد من المحافظات منها على سبيل المثال محافظة كفر الشيخ حيث تصطف السيارات لدفع « كارتة» الدخول.

بعد ذلك يتم فحص الأسماك الواردة من قبل أطباء بيطريين للكشف عليها قبل إجراء المزاد اليومي، ومع بدء المزاد يتجمع تجار التجزئة أمام المحلات حيث يقوم أصحاب المحلات وبعض العاملين معهم ببدء إجراء المزايدة ويتحدد ذلك من خلال الكميات الواردة للمحلات الموجودة بسوق العبور فإذا كانت الكميات كبيرة يقل سعر الأسماك والعكس إذا لم تكن الكميات كبيره فيكون السعر كبيرا.

الأيام الماضية شهدت ارتفاعا كبيرا فى الأسعار مقارنة بالشهور الماضية حيث ارتفعت الأسعار ما يزيد على ٣ أضعاف السعر حيث وصل كيلو البلطى جملة لـ ٤٠ جنيها، فى حين أنه منذ شهرين كان سعره يتراوح من ١٢ إلى ١٤ جنيها فى سوق الجملة وتسبب ارتفاع السعر فى إغلاق العديد من المحلات بسوق العبور.

من جانبه قال يسرى هلال، تاجر أسماك داخل السوق: الأسعار ارتفعت خلال هذه الأيام بصورة خيالية نتيجة اتجاه الغالبية إلى التصدير للخارج، وهناك خمسة أفراد من المصدرين والتجار يجمعون البلطى والبورى من سوق السمك وشراء جميع الكميات، بهدف تصديرها وتحقيق أرباح كبيرة على حساب المصريين، والاستفادة من فرق العملة، إضافة إلى أن الأسماك الشعبية مثل البلطى والبورى والمكرونة تجاوز سعرها ٥٠ جنيها، وبالتالى المواطن يتحمل ذلك بشكل كبير لأن المصدرين يقومون بالشراء من المراكب والمزارع بأسعار أعلى من الأسعار الموجودة فى الأسواق، ما تسبب فى إحجام أصحاب المراكب والمزارع عن توريد كمياتهم للأسواق وحصول المصدرين عليها بشكل مباشر.

«هلال» أكمل بقوله: الوضع القائم يتطلب بشكل مباشر تدخل من الدولة لوقف ما يجرى حفاظا على الشعب المصرى لأن جشع المصدرين تخطى كل الحدود، وأصبحت محال الأسماك وتجار التجزئة بلا عمل، والمواطن لا يستطيع الحصول على كيلو سمك نتيجة ارتفاع سعره المبالغ فيه بشكل كبير، ولا أحد يتحمل ذلك ويستغل مصدرو الأسماك طلبات الأسواق الخارجية مثل الكويت والسعودية والإمارات، كما أن فرق العملة بعد تحرير سعر الصرف أصبح كبيرا، والحل الوحيد لدينا وقف التصدير، وهو قرار حال تطبيقه سيترتب عليه هبوط فى سعر البلطى والبورى ما يقارب من ٨٠٪ من السعر الحالى بعد مرور ٤٨ ساعة من إصداره.

وتابع: بعض بحيرات الصيد منها ميناء الأتكة لوحظ خلال الأشهر الماضية وجود أشخاص «مسجلين خطر وبلطجية» يحصلون على الأسماك من أصحاب المراكب فى أوقات كثيرة تحت التهديد ويشترون الأسماك بالأسعار التى يرغبون فيها ثم يسلمونها لسماسرة التصدير ليتم بعد ذلك تصدير الأسماك إلى دول أخرى رغم الحاجة الشديدة لها محليا، وهذا سبب رئيسى لارتفاع أسعار الأسماك بالسويس، فضلا عن وجود مشكلات أخرى فى إنتاج الأسماك، فرغم أننا نمتلك بحارا وبحيرات طبيعية، لكن فى مقابل هذا لا يوجد اهتمام بهم من القائمين على هيئة الثروة السمكية، مثلا بحيرة مريوط لا أحد يهتم بها نهائيا ويتم صرف مخلفات المصانع عليها، ما تسبب فى تدمير الثروة السمكية.

فى ذات السياق قال جميل كامل، بائع أسماك بسوق العبور: «التصدير دمر بيوت الناس، ومفيش سمك بالسوق بسبب قيام بعض المصدرين بتجميع السمك من أصحاب المزارع والمراكب وسيطروا على الكميات الواردة للسوق، وبالتالى مفيش سمك نهائى والناس بتموت ومش لاقيه فلوس علشان مفيش بيع أصلا بسبب المصدرين، احنا مش لقيين الملح حتى عشان نقدر نأكل عيش حاف».

من جهتها قالت د. منى مصطفى، صاحبة مزرعة سمكية بكفر الشيخ: ارتفاع أسعار الأسماك مرتبط بشكل مباشر بارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، فبعد قرار تعويم الجنيه ارتفع سعر العلف المستخدم فى تغذية الأسماك الذريعة من ٤٢٠٠ جنيه للطن الواحد إلى ٨٢٠٠ جنيه للطن، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة من كهرباء ومواد بترولية، إلى جانب ارتفاع أسعار العمالة، وتلك الأسباب مجتمعة يمكن القول أنها تفسر أزمة ارتفاع أسعار الأسماك.

«د.منى»، توقعت استمرار ارتفاع أسعار الأسماك فى ظل لجوء بعض أصحاب المزارع إلى تصفية أعمالهم وإنهاء مشروعهم نتيجة الارتفاع غير المسبوق الذى تشهده مستلزمات الإنتاج فى مصر، وأكملت بقولها: الحكومة للأسف الشديد لا تدعم أصحاب المزارع فى ظل تلك المتغيرات الكبيرة التى تشهدها الأسعار، بل على العكس تتخذ قرارات تزيد الأمر تعقيدا، واستشهد بقرار محافظ كفر الشيخ بوقف صيد الذريعة، وبالتالى انخفضت كميات الأسماك الموجودة داخل المزارع، مما ساهم فى ارتفاع تكلفة إنتاج الأسماك، وانعكس بالطبع على أسعارها فى الأسواق حتى وصولها إلى المستهلك.

أما بكرى أبو الحسن، نقيب الصيادين بالسويس قال: ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج خاصة بالصيد هى أحد الأسباب المباشرة فى ارتفاع أسعار الأسماك، كما أن متر الغزل الخاص بالشبك ارتفع من ١٠٠ جنيه للمتر الواحد ليصل الآن فى الأسواق إلى ٥٠٠ جنيه للمتر، كما أن الكلفة التى تتكلفها مراكب الصيد فى رحلتها أصبحت أكثر من الضعف، فالرحلة فى الماضى كانت تبلغ ١٠٠ ألف جنيه شاملة مستلزمات الصيد والاحتياجات المعيشية للصيادين فى البحر، أما الآن فتتجاوز ٢٥٠ ألف جنيه.

نقيب صيادى السويس، أكمل حديثه قائلا: إنتاج البحيرات المفتوحة فى مصر لا يتجاوز ٢٥٪ من إجمالى الإنتاج الكلى فى مصر، حيث إن الصيد الحر يساهم بحوالى ٤٠٠ ألف طن فقط، رغم أن مساحة الصيد الكلية للبحار المفتوحة التى تستخدمها مصر تصل إلى ثلاثة آلاف كيلو متر مربع وهى مساحة شاسعة، إلا أن الصيد الجائر للذريعة، والتلوث الكبير الذى أصبح داخل الأنهار نتيجة صرف المصانع ساهم بشكل كبير فى ضعف كمية الأسماك الموجودة بالبحار المفتوحة فيما يتجاوز إنتاج المزارع السمكية مليون ومائتى ألف طن.

وواصل حديثه: غياب رقابة الدولة يلعب دورا كبيرا فى ارتفاع أسعار الأسماك حيث يتم تصدير كميات كبيرة من الأسماك بكافة أنواعها (الشعبى والممتاز) من قبل بعض التجار عبر مدينة دمياط، حيث يقوم التجار بجمع الأسماك من جميع المحافظات ثم يقومون بتغليفها وتصديرها إلى الأردن ومنها إلى إسرائيل دون أن تستفيد الدولة بتلك العملية سوى رسوم التصدير بالعملة المحلية وليس الدولار.

التجار الكبار لم يكونوا ضحايا الأزمة فقط، فقد لحق بهم صغار التجار، والباعة، وكذلك الأفراد الذى يعملون فى «نقل الأسماك»، وهو ما أكده حديث عبد الستار رمضان، «شيال فى السوق»، بقوله: منذ شهر انخفض معدل الدخل بشكل كبير وأصبح لا يكفى الاحتياجات الأساسية لأسرتى نتيجة ارتفاع الأسعار».

«عبد الستار» الذى يحصل على راتبه مقابل كل « طاولة أسماك يحملها كان فى الفترة التى سبقت ارتفاع الأسعار يحمل أكثر من ٢٠٠ طاولة سمك فى اليوم، لكن بعد موجة ارتفاع الأسعار أصبح يحمل ٢٥ طاولة فقط فى اليوم.

«أم محمد» هى الأخرى كانت من ضحايا الأزمة، فعملها فى «تقشير الجمبرى» الذى كان يوفر لها دخلا يكفى احتياجاتها، أصبح فى مهب الريح، حيث قالت: «مش قادرة أوفر العيش الحاف لولادى من ٣ أيام، والأسعار اللى زادت فى السوق خلت مفيش بضاعة ولا بيع ولا شراء، ومفيش شغل بقى موجود فى السوق.

أما ياسر حمودة، تاجر تجزئة فى السوق، فقد قال: منذ إعلان بعض التجار الكبار بمشاركة تجار التجزئة إضرابهم عن بيع الأسماك، انخفض المعروض من الأسماك بشكل ملحوظ داخل سوق العبور، وقرار الإضراب جاء من أجل خفض سعر الأسماك الذى يرتفع بشكل غير مسبوق وشبه يومى.