في ذكرى رحيله| إسماعيل يس.. الضاحك الذي مات كمدًا
هو بلا شك نجم الكوميديا الأشهر في
العالم العربي، ومن الغريب أن يظل خالداً حتى بعد رحيله بـ 47 عاماً، فإسماعيل يس
نجم التفت حوله قلوب الصغار قبل الكبار، وسيظل أيقونة البهجة والضحكة الصافية
قروناً طويلة، فلم يظهر من يضاهي فنه أو ينازعه في أسلوبه الفريد الذي تميزت به كل
أعماله.
لم تكن طفولة إسماعيل يس أو فترة صباه
بها شئ من السعادة، بل حملت له كل البؤس والإنكسار، إلى أن قرر في مطلع الشباب
النزوح إلى عاصمة الفن القاهرة كي يظهر بها ما حباه الله من مواهب، ولم يكن الطريق
مفروشاً بالورود كما تخيل، بل لاقى ألوان الصدود، فقرر أن يلجأ إلى مدرسة بديعة
مصابني التي تخرج فيها معظم نجوم الوطن العربي، ليعمل بها منولوجست بجنيهات قليلة
على يد الفنان سيد سليمان، وتفوق إسماعيل على أستاذه ليصبح نجم المنولوج الأول في
مصر، ومن صالة ومسرح بديعة شق طريقه إلى عالم السينما وشارك في فيلم خلف الحبايب،
وبعد كفاح في الأدوار الثانوية تمكن من إثبات موهبته في السينما بما استحدثه من
أسلوب مميز ظل عليه طوال حياته.
تمكن إسماعيل من الوصول إلى قمة مجد
الكوميديا في السينما المصرية، وقد أكد في حديث له أنه كان يعمل في ستة أفلام في
وقت واحد خلال الشهر، حتى بلغ رصيده 240 عملاً فنياً في سنوات قليلة، والراصد لكل
أعماله يجدها تحافظ على التقاليد الإجتماعية، وقد عهد إليه الرئيس جمال عبد الناصر
بتمثيل سلسلة أفلام تدعو الشباب إلى حب الجيش بكل فروعه والتقدم للتجنيد أو التطوع
به لخدمة الوطن، ومن هذه الأفلام إسماعيل يس في الجيش الذي أنتجه بطرس زربانيللي
صاحب شركة أفلام الهلال، وفي العرض الأول للفيلم وقف زربانيللي مع زوجته الفنانة
سميرة أحمد مع عبد السلام النابلسي الذي ارتدى زي الجيش مع إسماعيل يس لاستقبال
الرئيس جمال عبد الناصر ومجلس قيادة ثورة يوليو لتحية الرئيس وصحبه الذين شاهدوا
الفيلم معهم، ولم يكن ذلك الفيلم الوحيد الذي حضره الرئيس جمال بل حضر أيضا عروضاً
أخرى لفيلم إسماعيل يس في الطيران وفي الأسطول وفي البوليس.
في منتصف الخمسينيات أنشأ إسماعيل يس
فرقة مسرحية، وقد استأجر مسرحاً مقابل 450 جنيهاً من رجل يمتلك 12 مسرحاً وعدة دور
للسينما، إلا أن الرجل قرر طرد فرقة إسماعيل يس، وحاول العديد من الأشخاص التدخل
لحل المشكلة ولكن الرجل ويدعي عدنان دير عطافي طلب 30 % من إيراد الفرقة وإلا
يطردها، ولم يوافق إسماعيل على طلبه وحاول ضم فرقته إلى مسارح التليفزيون ولم يفلح
أيضاً ، واضطر إلى وقف عروض فرقته المسرحية، ونكبة أخرى ظهرت له وهي قيام المؤسسة
العامة للسينما بعدم الاستعانة بعدة نجوم منهم ليلى مراد وإسماعيل يس، مما جعل
إسماعيل يعلن أنه عاطل عن العمل.
لم تتوقف كوارث إسماعيل يس عند هذا
الحد، بل بدأت الضرائب تطالبه بمستحقاتها، والطامة الكبرى أن هناك أفلاما مثلها
إسماعيل وقد تغير إسمها، ومنها إسماعيل يس دفعة، الذي أصبح إسماعيل يس في الجيش،
فطالبته الضرائب بضعف ما مثله، وقدم لهم الدليل على تغيير أسماء الأفلام إلا أنهم
لم يخفضوا له شئ، وتدخلت أم كلثوم لحل مشكلة إسماعيل مع الضرائب ولم تفلح أيضاً،
وحجزت الضرائب على عمارتي إسماعيل يس وأيضاً فيللا الزمالك التي كان يعيش فيها،
ولجأ إلى لبنان ليشارك في عدة أفلام بأدوار ثانوية ومنها عصابة النساء والرغبة
والضياع، وعاد إلى مصر ليقف على مسارح الملاهي كمنولوجست بعد أن أغلقت في وجهه كل
الأبواب ليصبح إسماعيل يس "المليونير الفقير" .