رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


نكشف سر اختفاء عربات «ضد الغلاء»

5-4-2017 | 17:24


كتب- علي عقيلي

 

"مواطنون ضد الغلاء": خالد حنفي باع الوزارة للمحتكرين.. و"التموين" تبيع سلع الغلابة للبقالين في الأماكن الراقية 
 "العسقلاني": النقص تجاوز الـ50%.. و"الوزارة" تعترف: خلل في منظومة "الشركة القابضة"

بات "خفض الدعم" جاثومًا يقض مضاجع المحرومين والجوعى؛ فلم تعد تلتقي جفونهم إلا على نوم نافر، ولا تضجع جنوبهم إلا على مضجع قلق؛ بعد أن أصبح خوفهم من بزوغ الفجر واقعًا ملموسًا،  يدفع رب كل أسرة  إلى أن يتحسس - صباح كل يوم -  بقايا طعام أمس، في ثلاجته المتواضعة؛ علّه يحظى فيها بما يخفف عنه معاناته اليومية، فيجد فيها ما يسد الرمق، ويقيم أود الصغار.
هذا هو حال الأسر المصرية، التي تفاجأ مع إشراقة شمس كل يوم بمؤامرة جديدة تحاك بليل من قبل الحكومة، التي لم يخلد في عقلها النزقي سوى التخلص من صداع دعم من الفقراء الذي لا يبلغ مهما علا كعبه، وثقل وزنه غير نقطة صغيرة في بحور فساد لا شطان لها نخرت في جميع مؤسسات الدولة. 
"الجوع كافر" ليست مجرد مقولة مأثورة؛ فالأفواه الفاغرة، والبطون التي تتلوى من الجوع حولت الحديث عن انتفاضة جياع، إلى مارد محبوس في قمقمه ينتظر لحظة الفكاك؛ فإذا كان محدودي الدخل قد سقطوا سهوًا من ذاكرة الحكومة، وعلى رأسها وزارة التموين؛ فإن معدومي الدخل - بما لا يدع مجالًا للشك - قد سقطوا هم الآخرون عمدًا؛ والدليل على ذلك هو محاولة وزارة التموين الدءوبة هدم آخر حائط للصد كان يحمي المحتاجين، وخرق آخر شباك الحماية الاجتماعية؛ لتسقط الأعباء عن كاهلها في غياهب النسيان.

 مؤامرة "التموين" 
كان آخر هذه التقاليع هو اختفاء سلسلة منافذ "ضد الغلاء"، وتفريغها من محتواها باستهداف الفقراء والطبقة المتوسطة؛ والقضاء عليها بشكل نهائي؛ المتحركة منها عن طريق عدم تواجدها بشكل منتظم ودائم، والثابتة بنقص السلع الغذائية، وارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، جعله متقارب مع ما هو متاح في منافذ القطاع الخاص؛ ما جعلها عديمة الجدوى.

"المواطنون": "الحكومة عاوزة تخلص مننا" 
المواطنون الذين التقتهم "الهلال اليوم" أكدوا أن هناك خطة ممنهجة من قبل وزارة التموين للقضاء عليها؛ والتخلص منها ومن المواطن المحتاج.
تقول "أم محمد" ربة منزل، إن سيارات "ضد الغلاء" لم تعد متواجدة؛ حيث إنها تأتي مرة واحدة في الأسبوع، وكانت تأتي كل يوم.
وأضافت "س. و" موظفة أن هذه العربات فيها نقص شديد في السلع التي كانت تقدمها من قبل؛ فلا يوجد بها غير اللحمة المفرومة وسعرها بلغ 47 جنيهًا للكيلو، كما أن الفراخ اختفت ولم يعد لها أي وجود.
وتابع أحمد حسن، "عامل": "والله الأول كانت كويسة لكن حاليًا بقت ملهاش لازمة ومش موجودة أصلاً". 
وذكرت الحاجة "أم أحمد": "مفيش حاليًا غير عربات الجيش ربنا يبارك فيهم هم اللي حاسين بالغلابة، والحكومة بتخدم الباشوات بس".
وقال "عماد": "مش موجودة زي الأول والحكومة عاوزة تخلص مننا".
أحد بائعي المنافذ الثابتة أوضح لـ"الهلال اليوم" أنه لم تعد هناك جدوى من هذه المنافذ؛ بسبب ارتفاع الأسعار بنسبة 50%، فضلاً عن النقص الشديد في السلع الغذائية الهامة، لافتًا إلى أن نسبة المبيعات قلت بنسبة النص تقريبًا، قائلاً: "مفيش فرق بينا وبين "الماركت الخاص سوى جنيه أو نص". 

هدم المنظومة 
من جانبه كشف محمود العسقلاني رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء" لـ"الهلال اليوم" عن نقص شديد في سلسلة سيارات "ضد الغلاء" من قبل وزارة التموين تجاوز الـ50%؛ معللًا ذلك بالارتفاع الجنوني في أسعار السلع الغذائية، كذلك غلاء اللحوم المجمدة التي أصبحت قريبة في سعرها من الطازجة، واقتراب أسعار هذه المنافذ منافذ القطاع الخاص.
وتابع حسن هيكل الأمين العام لجمعية "مواطنون ضد الغلاء" أن هناك مشكلة واضحة في خارطة انتشار عربات وزارة التموين، تكمن تفاصيلها في "استسهال" البيع عن طريق الانتشار في الأماكن الراقية؛ مثل مصر الجديدة، وخلف عمارات العبور، التي يكثر السحب فيها، وخاصة "بقالين المنافذ الخاصة"؛ مما يفرغ – عن عمد- المنظومة من مضمونها الحقيقي؛ باستهداف الفقراء والطبقة المتوسطة؛ كما أنها تهدر دور هذه المنافذ في ضبط الأسعار، والحد من جشع التجار في هذا السوق المنفلت.
وأوضح أن المنظومة بكاملها؛ المتحركة والثابتة لا تتجاوز (6) آلاف منفذ؛ فيما تتجاوز منافذ القطاع الخاص الـ(400) ألف منفذ؛ مما لا يحقق أي عدالة في المنافسة، مطالبًا وزارة التموين بضرورة تطوير المنظومة، والتوسع فيها على مستوى الجمهورية؛  بمنافذ عديدة ومتطورة  باعتبارها الضمانة الوحيدة لضبط الأسعار، وخاصة أن نواة المشروع موجودة متمثلة في "جمعيتي"، و"منافذ وزارة الزراعة"، و"مواطنون ضد الغلاء".
وعزا "هيكل" ندرة منافذ "ضد الغلاء" وحماية المواطن إلى كارثة وزارة التموين، التي ارتكبها الوزير السابق خالد حنفي، في تخصيص الأراضي الهامة الخاصة بتنمية وتطوير التجارة الداخلية في محافظات مصر كافة إلى المحتكرين والمستثمرين؛ ما أدى إلى ضعف هذه المنظومة التعاونية وعدم قدرتها على منافسة القطاع الخاص، وارتفاع الأسعار بهذا الشكل المبالغ فيه.
وتابع أن وجود المنافذ على مستوى الجمهورية يمكن المنظومة التعاونية من الوصول بالمنتج من إلى المستهلك مباشرة دون حلقات تداول وسيطة من شأنها أن تؤدي إلى رفع الأسعار.
فيما اعترف المهندس يوسف رياض عضو مجلس إدارة شركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، بخلل منظومة الوزارة في خارطة انتشار عربات "ضد الغلاء"، لحماية الفئات الأكثر احتياجًا.
ولفت رياض إلى توابع استقالة رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية "القادم من القطاع الخاص" على تأخر الشركات التابعة للشركة القابضة عن أداء مهامها، وتوزيعها بشكل يخدم المناطق الأكثر احتياجًا، مشيرًا إلى أن خارطة التوزيع تأتي من الشركة القابضة للصناعات الغذائية، مشددًا على استقرار الأسعار، وتوفر المخزون الاستراتيجي من السلع الغذائية.