"قمم مكة" واستراتيجية الرئيس السيسي لمواجهة الأزمات تتصدر اهتمامات كبار كتاب الصحف
سلط عدد من كبار كتاب صحف القاهرة الصادرة اليوم الأحد الضوء على قمم "ليلة القدر" (الخليجية والعربية والإسلامية) التي عقدت بمكة المكرمة يومي الخميس والجمعة الماضيين، مبرزين الاستراتيجية التي عرضها الرئيس عبد الفتاح السيسي حول التعاطي مع أزمات المنطقة الراهنة ومواجهتها.
بدوره، كتب عبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة صحيفة (الأهرام) مقالا حمل عنوان (أحاديث المكاشفة والمصارحة في قمم مكة المكرمة)، قائلا: وسط أجواء روحانية رائعة وفى البقعة المباركة، وفى قاعة اجتماعات تطل على الكعبة المشرفة وترى ملايين البشر المعتمرين الداعين بالخير والسلام والمحبة لبلادهم وأمتهم، جاءت اجتماعات القمم الثلاث الخليجية والعربية والإسلامية، لعل وعسى تكون تلك القمم الثلاث بداية جديدة لصفحة مضيئة في تاريخ العمل العربي والإسلامي المشترك الرافض للإرهاب والتطرف، والداعي إلى الوحدة ولم الشمل ونبذ الخلافات، ومواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية.
وأضاف الكاتب أن الرسالة كانت واضحة وهي وحدة العالم العربي كله، تضامنه مع السعودية والإمارات، إدانة إطلاق الصواريخ التي تهدد المناطق الآمنة في السعودية، رفض عمليات التخريب التي طالت بعض السفن الإماراتية، والوقوف ضد تهديد الملاحة وحركة التجارة العالمية.
واعتبر الكاتب أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي كانت الأقوى والأكثر وضوحا في القمة العربية، لأنها تضمنت رؤية استراتيجية شاملة للوضع في المنطقة تضع في الاعتبار المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهة تلك التحديات والمخاطر، في ضوء 4 محددات رئيسية.
واستعرض الكاتب هذه المحددات وهي إدانة الهجمات التي تعرضت لها السعودية والإمارات، واعتبارها أعمالا إرهابية صريحة تتطلب المواجهة والمحاسبة لمنع تكرارها، ضرورة تفعيل آليات التعاون العربي في مواجهة الإرهاب، مواجهة أي محاولة للمساس بالأمن القومى العربي بشكل سريع وحاسم، ضرورة تبنى رؤية استراتيجية لأزمات المنطقة تجمع بين الإجراءات السياسية والأمنية، إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وكذلك وضع تصور لمعالجة أزمات سوريا وليبيا واليمن، بما يضمن استعادة وحدة هذه الدول وسيادتها، لتحقيق طموحات شعوبها، والتعامل بحزم مع كل أوجه التدخلات الإقليمية والخارجية.
ورأى الكاتب أن الاستراتيجية المصرية في معالجة الأزمة الراهنة تعيد زمام المبادرة إلى الدول العربية بعيدا عن سياسة رد الفعل، كما أنها تفتح الباب أمام الأطراف الإقليمية والعربية المتورطة في الأزمات العربية، وعلى رأسها إيران وتركيا وقطر وإسرائيل، لإعادة النظر في مواقفها مرة أخرى، وإيجاد صيغة للسلام والتعايش تتسع للجميع في المنطقة طالما التزمت تلك الدول أو غيرها بعدم التدخل في الشئون الداخلية للعالم العربي، واحترام خصوصية ومقتضيات الأمن القومى العربي، وقبول سيادة الدول العربية على أراضيها، بعيدا عن الاحتلال المباشر، كما يحدث في فلسطين، أو الاحتلال غير المباشر كما يحدث في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.
وخلص الكاتب إلى ضرورة أن تعود إيران إلى داخل حدودها، وتوقف برامجها في تصنيع السلاح النووي والصواريخ الباليستية، بحيث تظل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، وأن تكف عن محاولاتها المستميتة لتصدير ثورتها، وتمويل جماعات العنف والإرهاب والميليشيات داخل بعض الدول العربية من خلال تغذية النزعات الطائفية والعنصرية، وإيجاد وكلاء لها في بعض الدول العربية، كما هو موجود الآن في اليمن ولبنان والعراق وسوريا.
وأوضح "على إيران اغتنام تلك الفرصة إذا كانت جادة في احتواء الموقف، وفي الوقت نفسه على الدول العربية أن تستعيد زمام المبادرة، تحسبا لكل الاحتمالات، لتحقيق آمال وطموحات الشعوب العربية في تلك الأيام المباركة، ليعود زمن الانتصارات، وتطوى الانكسارات في العالمين العربي والإسلامي".
من جانبه، كتب خالد ميري رئيس تحرير صحيفة (الأخبار) عموده نبض السطور تحت عنوان (هو البنيان المرصوص)، وقال "الرسالة الأهم التي خرجت من قمم ليلة القدر بمكة المكرمة أن العرب والمسلمين يد واحدة، نعم، صف واحد كالبنيان المرصوص في مواجهة تهديدات خطيرة وغير مسبوقة للأمن القومي العربي وللدول الإسلامية".
وأكد الكاتب أن كلمات زعيم مصر الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام القمتين العربية والإسلامية كانت واضحة - وبعلم الوصول - للقاصي والداني، بتأكيده على وجود تهديد خطير غير مسبوق للأمن القومي العربي، وأن أمن الخليج ركيزة أساسية للأمن القومي العربي والمصري، وأننا نواجه التهديدات بحزم لا يفرط في الأمن وبحكمة تحتوي التوتر، فنحن دعاة سلام لكننا لم ولن نقبل أي مساس بأمننا.
وقال إن زعيم مصر كان واضحا أيضا في كلماته بأن فلسطين هي قضيتنا الأولى وأصل كل القضايا بالمنطقة وأننا لن نقبل إلا بالحل العادل والشامل لها، وبتأكيده على أهمية التوحد في مواجهة الإرهاب والتطرف، وعدم السكوت على خطاب التمييز والكراهية ضد المسلمين، وتفعيل التعاون العربي والإسلامي لحل كل قضايانا والدفاع عنها.
ورأى الكاتب أن رسائل القمم الثلاث في العشر الأواخر من رمضان، ومن أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة كانت - بعلم الوصول - للقريب والبعيد، يدنا ممدودة بالسلام ولكننا لم ولن نقبل أي تهديد لدولنا وشعوبنا ومصالحنا، ومشاكل وقضايا المنطقة نحن قادرون على حلها سياسيًا بعيدًا عن أي تدخل خارجي، والمواجهة الناجحة للإرهاب والتطرف تستوجب توحدنا جميعا للقضاء على مصادر التمويل ونشر الأفكار وتجنيد الشباب، كما أننا نقف صفا واحدا في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا وخطاب التحريض والكراهية ضد المسلمين.
وتابع أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز كان حريصًا على أن تستضيف مكة المكرمة القمم الثلاث في هذه الأيام المباركة، وهي رسالة حكيمة أكدت وحدة العرب والمسلمين في مواجهة جميع الأخطار ولبناء المستقبل الأفضل الذي تستحقه شعوبنا.
واختتم الكاتب قائلا: من أمام الكعبة المشرفة دعواتنا لجميع المسلمين بأن يتقبل الله الدعاء والصلاة والصيام والقيام، وأن يحفظ علينا أمننا وسلامنا ووحدة أمتنا، وأن يرزقنا الستر والصحة والعافية وراحة البال.
وتحت عنوان (المواجهة..بوحدة الكلمة والصف) كتب ناجي قمحة عموده (غدا.. أفضل) المنشور في صحيفة (الجمهورية)، حيث أبرز الكاتب دعوة الرئيس السيسي، القمة الإسلامية بمكة المكرمة إلى وحدة الكلمة والصف في مواجهة ما وصفه بموجة غير مسبوقة من عدم الاستقرار والتوتر السياسي والأمني تجتاح العالم الإسلامي وتتقدمها ظاهرة الإرهاب بمختلف أشكالها.
ونوه الكاتب بمبادرة مصر - منذ سنوات طويلة - بإطلاق الدعوة لتكثيف الجهود المشتركة للقضاء عل هذه الظاهرة ورفض محاولات ربطها بدين أو ثقافة أو عرق معين، مشيرا إلى تحديد الرئيس السيسي لمهمة مزدوجة لمنظمة التعاون الإسلامي في مكافحة الإرهاب وخطابه المتطرف ومواجهة الإسلاموفوبيا والتمييز ضد المسلمين.
ولفت الكاتب الانتباه إلى مطالبة الرئيس القمة بوقفة جادة ونية خالصة للوصول لحلول وطنية وسلمية لمشكلات عالمنا العربي والإسلامي، خاصة في ليبيا وسوريا واليمن والسودان والجزائر، وكذلك دعوته كافة الدول الإسلامية لدعم سياسي وتعاون مع هؤلاء الأشقاء ومساندة خياراتهم ومواجهة أي تدخلات أجنبية في شئونهم.
واعتبر الكاتب أن الرئيس عبر - بذلك - عن مواقف مصر 30 يونيو تجاه مختلف القضايا العربية والإسلامية الداعمة لكل ما من شأنه توحيد الكلمة والصف والالتزام بالحزم والحكمة في التعامل مع التوترات الحالية ومواجهة الإرهاب والتدخل الأجنبي في شئون المنطقة.