رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الكاتب منير عامر في حوار المفاجآت : امرأة واحدة في حياة العندليب!

6-4-2017 | 10:05


حوار: طاهـر البهـي - عدسة : محمد فتحـي

بعد اجتماع مطول مع أسرة التحرير واحتدام النقاش حول الإجابة عن سؤال صعب يواجه الصحافة المصرية في مثل هذه الأيام من كل عام والتي تحل فيها ذكرى رحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافط.. ماذا نقدم بخلاف المزيد حول حياة الراحل؟ وانتهى الاجتماع دون أن نتفق على ما سنقدمه فى الذكرى الأربعين لرحيل العندليب، إلى أن فاجأتني رئيسة التحرير فى اليوم التالي، والحماس يكسو نبرة صوتها: منير عامر عنده المزيد من الأسرار والذكريات الدافئة لحياة حليم.. من جانبي هتفت مرحبا ومتحمسا، فكان اللقاء..

بادرني الكاتب المشوق منير عامر قائلا: تسألني عن حبيبة قلب حليم، وأقول لك إنه عاش طوال عمره بيدور على بنت حلوة لها أخلاقيات "بهانة" – أمه – ولم يصدق ما قلناه له من أن هذا مستحيل، لأن "بهانة" امرأة ماتت شهيدة أثناء حُمى النفاس متأثرة بفقر ضاري، جعل منها أسطورة في عقل وقلب حليم، وكثيرا ما قلت له: "ما فيش واحدة تشبه بهانة يا عبد الحليم".

ثاني امرأة تأثر بها حليم كانت هي عمته "زينب" وكان هناك سبب قوي لأن يتعلق كلاهما ببعضه البعض، وهو أن عمته كانت تتفاءل به كثيراً، ولهذا كانت حنونة ولها حكاية: فقد ضاع "حمار" تملكه العمة فجابت "الحلوات" والقرى المجاورة لتسأل عنه دون جدوى، وإذا بحليم يزحف داخل مكان والحمار الضائع يأتي من خلفه، فظلت تراقب حليم فوجدته بالفعل مصدر خير وتفاؤل لها فأغدقت عليه عطفا وأحب كلاهما الآخر.

الملجأ

وعندما ترك قرية «الحلوات » وذهب إلى الزقازيق حيث زوجة خاله وكانت سيدة قاسية القلب تظهر خوفما تبطن،  انتهي به المطاف في أحد الملاجئ، وهناك ذاق مرارة القسوة وضيق العيش، وقد كان جاره في السرير الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم الذي كان أكثر دقة وتأثيراً في سرد التجربة لكليهما، وفي الملجأ عرف حليم لعب الكوتشينة وبرع فيها، وكان الملجأ يصرف زيا موحدا للنزلاء، وكانت بعض البنطلونات ضيقة على رفاقه، فكان عبدالحليم يراهنزملاءه على استبدال تلك الملابس، وكان لحليم فلسفة معبرة عن منطقه في لعب الورق الذي أدمنه بقية حياته.

والمثير أن عبدالحليم عرف «الحب الوهمي » في الملجأ، حيث كان النزلاء يتوهمون قصص حب خيالية لنساء خُرافيات ويعيشون معهن قصص حب خيالية.

رقــة العندليب

ولكن كل من تناول هذه الفترة من حياته قال إنه مرهف الإحساس ورومانسي؟

أذكر أنه أثناء أجازة عبد الحليم يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، كان يذهب إلى بيت خاله ومعه ملاليم قليلة مما تبقى من مصروفه في الملجأ، وكان يشعر برجولته، فيريد أن يشترى فاكهة لأولاد خاله، فاشترى ذات يوم تفاحاً لكنه لم يكفيهم فوضع في كل تفاحة "بوصة" وراح ينفخ فيها كآلة موسيقية، كسخرية من ضيق ذات يده!

لجأ حليم إلى الغناء هروبا من الواقع لكن الدنيا أصبحت تطرب لصوته في ما بعد، وفي الزقازيق عاش مرارة القسوة في الملجأ وحمى نفسه بعيونه المفتوحة، ودخل في فرقة الموسيقى مع أ. حنفي الذي كان معجباً بإحساسه، وذات ليلة عرف أن عبد الوهاب سوف يغني في أحد الأفراح بالشرقية في سرادق معد لذلك، فصعد على "عرق خشب" ليرى عبد الوهاب فوقع على الأرض ما سبب له عدة إصابات، وبعد سنوات عندما صار ابناً لعبد الوهاب وصديقا له، قال له: أنا كل ما آجي أقابلك افتكر الواقعة وأشعر بالخوف!

ميمــي فـــؤاد

يقول الكاتب منير عامر: أول قصة حب حقيقية في حياة "عبدالحليم حافظ" هي حبه للراقصة ميمي فؤاد، وكان من الممكن أن تصبح زوجة له إلا أنها أرادت أن تستنسخ تجربة فريد الأطرش وسامية جمال مستغلة حنجرة عبدالحليم إلا أنه رفض تماماً وقال لها: إنني لا أشبه غيري ولست مثل أحد، وكان عبدالحليم وقتها يغني في أرض كوتة بالإسكندرية لكنه رفض الصعود على كتف راقصة مهما كانت شهرتها ومهارتها وكان يدعى عبدالحليم شبانة، وسوف يحترم الجمهور عبد الحليم عندما يعرف أنه في ذلك الوقت لم يكن يملك سريرا ينام عليه في بركة الفيل بالسيدة زينب حيث سكنه وقتها، وأيضا لم تكن ميمي تشبه بهانة ما جعله يرفض الارتباط بها.

الحاجــة عليــــة

وظهر الدور الكبير للمرأة في حياة العندليب متمثلاً في شقيقته "علية"، التي رعته معظم سنوات حياته وفي مرضه الذي بدأ يكتشفه في نفس الوقت الذي تصور أن الدنيا تبتسم له بعد بطولته لفيلم "لحن الوفاء" إلا أنه فوجئ بالدماء تملأ "الحوض" الذي يغسل وجهه فيه، وفي البداية رفض استشارة الأطباء وتصور أنه مصاب بالسل، وكان لرقته أنه عندما يدعوه أحد للغداء أو العشاء في بيته، فإنه يغسل الطبق والملعقة بنفسه حتى لا يعدي أهل البيت!..وفي هذه الفترة ظهر الدور العظيم للشاعر كامل الشناوي الذي رعاه واحتواه وتبناه، كما كان يفعل عظماء ذلك الزمان.

الحبيبــة المجهولـــة

لكنك ذكرت في كتابك نساء عبدالحليم قصص حب كثيرة عابرة وكلها مؤثرة؟

عبدالحليم كان يحب أثناء ماشيه وأكله وغنائه، حياته عبارة عن سلسلة مشوقة من قصص الحب، وأذكر أنني قابلته على شاطئ ميامي، وهو شاطئ الصفوة وقتها – يتحدى مارينا وهايسندا وكان معه مجدي العمروسي وكمال الطويل، وإذا بحليم يصف لهم عيون فتاة شاهدها على البلاج بقوله "حقهم يعملوا عربية لون عينيها".. هكذا كانت رومانسيته.

هل كان يعبر عن ذلك في أغنياته؟

أصدق تعبير لقصص حب عبدالحليم هو "قارئة الفنجان" (أنك كنت تطارد خيط دخان) هكذا كان يبحث عن المجهول، وإذا قلنا إن حليم كان يغنى غنوة جديدة كل عامين ويسبقها بروفات 3 شهور فهو يخصص بقية الوقت للحب!

سعــاد حسنـــي

هل كنت شاهدا على قصة حبه لسعاد حسني؟

أول ما شفت سعاد كان في بيت عبدالحليم، بصتلي قائلة إنت ما تعرفنيش؟

قلت: ما حصليش الشرف!

قالت: أنا سعاد حسني.

قلت أهلا، ووجدتها تدخل إلى شقة عبدالحليم عبر الباب المفتوح دون استئذان، وما عرفته أن شرارة الحب بينهما انطلقت في المغرب، ثم طارا إلى مدريد لشراء أثاث عش الزوجية، ولكن مصطفى أمين نصحه بعدم الزواج، في حين وقف إلى جواره إحسان عبدالقدوس، وفجأة عادت سعاد من رحلتها الخارجية حاملة هدايا عبدالحليم معها في حقيبتين كبيرتين ودقت جرس باب شقته ثم تركت الحقيبتين دون أن تقابله وانتهت قصتهما عند ذلك الحد.

يعنى لم يتزوجها؟

عبدالحليم كانت حالته الصحية لا تسمح له بالزواج لا من سعاد ولا من غيرها.

في رأيك.. من أين اكتسب رقته؟ هل من اليتم؟

يجوز.. لكن فعلا حليم كان حنوناً جدا، وكان مع كل سفر له يبحث عن الجديد في الدواء لأصدقائه، وقد أنقذني عندما كنت أبحث عن دواء غير متوفر في مصر لشريف ابني، فقلت لحليم وكان في لندن وقتها فأرسل لي من هناك كرتونة كبيرة من الدواء، وظل يبحث عن حقنة لمرض السكر بسن ذهب لصديقنا الفنان يوسف فرنسيس.

طابت ذكراك يا عندليب..