اقتحم عشرات المستوطنين، اليوم السبت، تحت حماية جيش الاحتلال
الإسرائيلي، البلدة القديمة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.
وقال شهود عيان إن عشرات المستوطنين اقتحموا - وسط حماية
من جنود الاحتلال - أسواق البلدة القديمة في مدينة الخليل، وتجولوا في سوق اللبن وقصبة
السوق وعين العسكر؛ ما تسبب في إعاقة مرور الفلسطينيين، وبث حالة من الرعب في صفوف
القاطنين والتجار.
ويعاني الفلسطينيون في الخليل اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا،
كما أنهم يواجهون صعوبات لإقامة مشاريع حيوية بسبب وجود الاحتلال، والمستوطنات التي
تعترض عملهم.
وأدت ممارسات قوات الاحتلال والمستوطنين المتطرفين اليومية
- من اعتداءات على المواطنين، وتخريب ممتلكاتهم، بحماية من جيش الاحتلال، الذي يشاركهم
في كثير من الأوقات جرائمهم - إلى زيادة معاناة أهالي المدينة، لاسيما في البلدة القديمة،
والتي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"
على لائحة التراث العالمي بناء على تصويت جرى في 2017 ، لتصبح البلدة القديمة والحرم
الابراهيمي رابع ممتلك ثقافي فلسطيني على لائحة التراث العالمي بعد القدس (البلدة العتيقة
وأسوارها) وبيت لحم (مكان ولادة السيد المسيح: كنيسة المهد ومسار الحجاج) وبتير (فلسطين
أرض العنب والزيتون: المشهد الثقافي لجنوب القدس).
وقال مستشار محافظ الخليل لشئون البلدة القديمة مدير عام
الرقابة في المحافظة نضال الجعبري - لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن في البلدة القديمة
قصص كثيرة لا حصر لها تكشف مدى الوجع الذي يعانيه فلسطينيو الخليل من المستوطنين، الذين
يقيمون في 6 بؤر استيطانية هناك، تبدأ من "تل الرميدة" الذي يقيم فيه أكثر
المستوطنين تطرفا...وتنتهي عند الحرم الإبراهيمي الشريف، مرورا بالبؤرة الاستيطانية
الأكبر المحاذية لسوق الخضار الذي تم الاستيلاء عليه عقب مجزرة الحرم الإبراهيمي عام
1994 والتي استشهد فيها 29 مصليا، إلى جانب 31 شهيدا سقطوا خارج المسجد، وأصيب أكثر
من 200 فلسطيني.
ويعد شارع الشهداء - الذي تم إغلاقه في أعقاب المجزرة - هو
قلب مدينة الخليل، وكان الرابط الوحيد بين أجزاء المدينة الشمالية والجنوبية، فأدى
إغلاقه إلى تعقيدات كبيرة يعانيها السكان القاطنون في جهتي المدينة، حيث كان قد أقيم
على مدخله حاجز سمي باب الزاوية لمنع أي شخص من عبوره، ما عدا ساكنيه وحتى هم يعانون
الأمرين من أجل العودة الى بيوتهم أو الخروج إلى أعمالهم صباحا ومساء، حيث تسيطر إسرائيل
عليه بالكامل منذ الانتفاضة الثانية وحولته إلى ثكنة عسكرية لحماية أقل من 400 مستوطن
يسكنونه.
ويعاني سكان منطقة "تل الرميدة" بالخليل - وهم
عبارة عن قرابة خمسين أسرة فلسطينية - من "سياسة الأرقام" التي فرضتها عليهم
قوات الاحتلال منذ عام 2016 وإلى الآن، فلا تسمح لهم بدخول منازلهم إلا عن طريق البصمة
أو أرقام محددة لهم يعطيهم إياها جنود الاحتلال بناء على قائمة أسماء معهم، ولا تسمح
لأي شخص لا يمتلك رقما بدخول المنطقة، وهو ما أدى إلى حرمان السكان من زيارة أهاليهم
وتقييد حركتهم ومنع التواصل معهم من قبل أقاربهم، وذلك بهدف تهجير السكان وتهويد المنطقة
مما حول حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق.
وأضاف الجعبري أنه رغم أن جنود الاحتلال ينتشرون - بشكل مكثف
- في كل زاوية في محيط النقاط الاستيطانية في الخليل، إلا أنهم يمتنعون في معظم الأحيان
عن حماية الفلسطينيين المعتدى عليهم من المستوطنين، بل وقد تمتنع الشرطة عن التحقيق
في الحادث رغم وجود كاميرات في جميع أنحاء المدينة.
وتابع: إن المستوطنين يهاجمون - بمرافقة قوات من جيش الاحتلال
- الفلسطينيين بشكل شبه يومي، في محاولة منهم لإرهابهم وتخويفهم من أجل افراغ البيوت
من سكانها الاصليين وتركها لهم، لكن كانت المقاومة السلمية الداعم الأكبر في تعزيز
صمود المواطنين وعدم تركهم لأرضهم وبيوتهم من خلال النشاطات الاجتماعية والنفسية القاهرة
والمعذبة لنفسية الاحتلال والمستوطنين، حيث يأبى الخليليون إلا الوقوف في وجه المستوطنين
وقوات الاحتلال بالمرصاد، ساعين لإحباط كل مؤامراته ومخططاته، لإيصال رسالة واحدة مفادها،
هنا الخليل، أرض الصمود.