التبجح التركي في شرق المتوسط بالتنقيب عن الغاز في مياه قبرص مستمر.. خبراء: اعتداء وانتهاك يعرضها لجزاءات أوروبية.. ومصر تمتلك آليات صد أية اعتداءات على ثرواتها الطبيعية
أكد خبراء أن التنقيب التركي عن
الغاز في شرق المتوسط في المياه الإقليمية لقبرص هو اعتداء وانتهاك للقانون الدولي
وللسيادة القبرصية، موضحين أن بيان الخارجية المصرية في هذا الشأن أمس جاء ردا
رادعا على هذا التبجح والتمادي التركي، وأن مصر تمتلك كل الآليات لصد أية اعتداءات
على ثرواتها الطبيعية.
وفي بيان عن وزارة الخارجية أمس، أعربت
مصر عن القلق لما أُعلن عن اعتزام تركيا التنقيب في محيط جمهورية قبرص بما يعد إصراراً
على مواصلة اتخاذ إجراءات أحادية من شأنها أن تزيد من درجة التوتر في منطقة شرق المتوسط،
مؤكدة على ضرورة عدم التصعيد والالتزام باحترام وتنفيذ قواعد القانون الدولي وأحكامه.
ويتزامن هذا مع تصديق الرئيس عبد
الفتاح السيسي الخميس الماضي على الاتفاق الحكومي بين جمهورية مصر العربية وجمهورية
قبرص بشأن خط أنابيب بحري مباشر للغاز الطبيعي والموقع في نيقوسيا والموقع بتاريخ
19 سبتمبر 2018.
رد رادع على التبجح التركي
الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون
الدولي العام، قال إن الخروقات المتواترة لتركيا لمبادئ القانون الدولي العام والقانون
الدولي للبحار أضحت ديدنا ومنهاجا تركيا، ولكن ما تجرأت عليه تركيا مؤخرا بإرسال بوارج
حربية مسلحة ترافق سفن التنقيب والاستكشاف والحفر بحثا عن الغاز في شرق البحر المتوسط
تعد سابقة خطيرة في القانون الدولي والعلاقات الدولية.
وأوضح سلامة، في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن الانتهاكات التركية تعدت مبادئ حسن الجوار وتنفيذ التعهدات الدولية
بحسن النية وتخطت أيضا إلى المساس باستقلال الدول المستقلة ذات السيادة والتعدي على مياهها الإقليمية الاقتصادية سواء طالت
هذه الانتهاكات قبرص أو اليونان.
وأضاف إن الادعاءات التركية بأنها ليست
دولة طرف في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 ومن ثم فإنها لا تعد ملزمة
لتركيا وذلك في شأن تعيين الحدود البحرية بين مصر وقبرص هي ادعاءات مرسلة لا تستند
لأي قانون ولا تتأسس على أي واقع، فالقانون الدولي للبحار لا يقتصر فقط على تلك الاتفاقية
ولكن أيضا على اتفاقية جنيف لقانون البحار عام 1958 والأعراف الدولية والممارسات والسابقات
الدولية في هذا الصدد.
وأشار إلى أن كل هذه الاتفاقات ملزمة
لتركيا وأية دولة ليست طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982، مؤكدا أن ذلك التمادي
التركي سيؤدي لا مناص إلى زجر المجتمع الدولي للتصرفات التركية غير المسئولة وغير المسبوقة،
وأن الجزاءات المزمع فرضها ضد تركيا من الاتحاد الأوروبي ستكون رادعا ومانعا للتمادي
والتعنت التركي.
وأكد أن أهم هذه الجزاءات أن الاتحاد
الأوروبي ينوي فرض جزاءات على الأشخاص والهيئات والشركات التي تتعاون مع تركيا في ذلك
التنقيب والحفر والاستكشاف للغاز غير القانوني، فضلا عن تخفيض القرض الذي يمنحه بنك
استثمار الاتحاد الأوروبي، مضيفا إن البيان المصري الصادر أمس عن وزارة الخارجية كان
مهما وهادفا وفي وقته لردع التسلط التركي.
ولفت إلى أن مصر تؤكد الحفاظ على حقوقها
الاقتصادية والسيادية في مناطقها الاقتصادية في شرق البحر المتوسط، سواء قبالة السواحل
القبرصية أو السواحل اليونانية، خاصة في ظل تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على اتفاقية
إنشاء خط غاز مع قبرص، الخميس الماضي، بغرض إسالة الغاز القبرصي في محطات الإسالة المصرية.
اعتداء على قبرص
ومن جانبه، قال الدكتور إبراهيم أحمد،
أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس، إن اعتزام تركيا التنقيب عن الغاز في المياه
الإقليمية لقبرص هو اعتداء على دولة قبرص وحقوقها في مياهها الإقليمية وهذا أمر مخالف
لأحكام القانون الدولي لأن الأحكام الدولية تقوم على تمتع كل دولة لسيادتها الكاملة
على مياهها الإقليمية التي تمتد من حدودها.
وأوضح أحمد، في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن قيام أية دولة بأعمال من شأنها التأثير على سيادة دولة أخرى أو إقليمها
البحري هو اعتداء ومخالفة لأحكام القانون الدولي، مشيرا إلى أن هذا التنقيب يتزامن
مع التعاون بين مصر وقبرص في ملف تسييل الغاز القبرصي في محطات الإسالة المصرية.
وأكد أن مصر أبرمت عدة اتفاقات مع قبرص
واليونان وأعادت ترسيم الحدود البحرية فيما بينها وأصبحت الأمور واضحة وأصبحت حقوق
السيادة واضحة ومحددة بمعاهدات دولية وبما يقره القانون الدولي، مؤكدا أنه لا يحق لتركيا
التعدي على هذه المياه والتنقيب عن الغاز في مناطق خاضعة لقبرص.
وأشار إلى أن مثل هذا التعدي يتيح لقبرص
أن تتقدم بشكوى للأمم المتحدة ومجلس الأمن للنظر فيه لمخالفته للقانون الدولي، ما يعطي
الحق للأمم المتحدة في التدخل ووقف هذا الاعتداء ومنعه بكافة الوسائل المتاحة وفقا
لميثاق المنظمة الدولية.
مصر تمتلك آليات صد أية
اعتداءات
وقال المهندس أسامة كمال، وزير
البترول الأسبق، إن تركيا هي واحدة من الأدوات التي تحاول استدراج مصر للدخول في
مناوشات، وأن محاولاتها التنقيب عن الغاز هو انتهاك للاتفاقيات الدولية والمواثيق
والأصول الدولية لترسيم الحدود البحرية، مضيفا إن مصر أنهت هذه الخطوات منذ عام
2003.
وأكد كمال، في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن مصر أبرمت عدة اتفاقيات إطارية منذ 2014 لتنظيم
حقوق الأفراد والمراكب وخطوط الغاز وحمايتها والمساهمة والمشاركة، بنيت على أساس
اتفاقية ترسيم الحدود في 2003، مضيفا إن ما يحدث اليوم من انتهاكات والتنقيب عن
الغاز في المياه الإقليمية لقبرص تأتي في هذا الإطار ومحاولة الاستدراج لمواجهة.
وأشار إلى أن مصر تتعرض دائما
لمحاولات وضغوط للاستدراج للدخول في مناوشات مع الدول والأطراف المجاورة، لكنها
صامدة ولها موقف ورأي معزز بقوة عسكرية، مضيفا إن مصر تتحلى بالصبر ولديها ما
تستطيع أن تصد به أية اعتداء على حدودها أو ثرواتها الطبيعية أو مشروعاتها.
وأكد أن التحديث الذي حدث خلال
السنوات الماضية في القوات المسلحة سواء البحرية أو الجوية حقق رسالة ردع وحماية،
مضيفا إن هذه التهديدات تتزامن مع تصديق الرئيس عبد الفتاح على اتفاقية ربط خط
الغاز مع قبرص، لكن الدولة قادرة على ردع هذه التهديدات.