الذكرى السابعة والستون لـ«23 يوليو».. ثورة بيضاء غيرت وجه التاريخ في مصر والمنطقة.. أنهت الملكية والاستبداد وأسست الديمقراطية والعدالة الاجتماعية
أيام قليلة وتحل الذكرى الـ67
لثورة 23 يوليو، تلك الثورة التي غيرت وجه التاريخ في مصر والمنطقة العربية أجمع،
وأطاحت بالاستبداد وأعادت للشعب المصري كرامته وحقوقه في وطنه، والتي تعرف أيضا
باسم "الثورة البيضاء" حيث حقنت الدماء وقضت على الملكية وأسست الديمقراطية
في مصر.
لم تكن ثورة 23 يوليو لعام 1952
بمعزل عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عاشتها مصر خلال تلك
الفترة، حيث كانت تلك الأوضاع هي الوقود الذي أشعل الثورة التي قام بها تنظيم
الضباط الأحرار وأيدها الشعب المصري بأكمله منذ اللحظات الأولى لأنها أزاحت عنه
ظلم واستبداد الملكية.
حرب 1948 البداية
كانت حرب فلسطين عام 1948، من أبرز العوامل التي دفعت
لتشكيل تنظيم الضباط الأحرار في الجيش المصري، حيث الهزيمة التي منيت بها الجيوش
العربية، وقضية الأسلحة الفاسدة، وضياع فلسطين، إلى جانب الأوضاع السياسية حيث استمرار
الملك فاروق في تجاهله للأغلبية واعتماده على أحزاب الأقلية، فضلا عن الاضطرابات
الداخلية والصراع بين الإخوان المسلمين وحكومتي النقراشي وعبد الهادي.
ومن بين الأسباب أيضا عرض قضية
جلاء القوات البريطانية على هيئة الأمم المتحدة دون أن يصدر مجلس الأمن قرارا
لصالح مصر، وكذلك تقليص حجم وحدات الجيش الوطني بعد فرض الحماية البريطانية على
مصر وإرسال معظم قواته إلى السودان بحجة المساهمة في إخماد ثورة المهدي.
وكان
سوء الأحوال الاقتصادية والإقطاع في مصر عاملا أيضا محركا لتنظيم الضباط الأحرار
في ثورته، إلى جانب إغلاق المدارس البحرية والحربية، والظلم وفقدان العدالة
الاجتماعية بين طبقات الشعب وسوء توزيع الملكية وثروات الوطن، ومعاناة الشعب
المصري من الفقر والطبقية.
تنظيم الضباط الأحرار
ظهر تنظيم الضباط الأحرار في الجيش
المصري بزعامة اللواء محمد نجيب، وقيادة البكباشي جمال عبد الناصر، وفي 23 يوليو
1952 قام التنظيم بإزاحة نظام الملك فاروق والسيطرة على المرافق الحيوية في البلاد
وأذاع البيان الأول" للثورة " بصوت أنور السادات، حيث أجبرت الحركة الملك
على التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد في 26 يوليو
1952.
البيان الأول
وأصدرت الثورة بيانها الأول والذي جاء
فيه: "اجتازت مصر فترة عصبية في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار
الحكم وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون المغرضون في هزيمتنا
في حرب فلسطين وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة
على الجيش وتولى أمرهم إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها وعلى
ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولي أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم
وفي وطنيتهم ولابد أن مصر كلها ستلقي هذا الخبر بالابتهاج والترحيب".
وتابع: "أما عن رأينا في اعتقال
رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب وإني أؤكد
للجيش المصري أن الجيش كله أصبح يعمل لصالح الوطن، وأنتهز هذه الفرصة وأطلب من الشعب
ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس في صالح مصر
وأن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقي فاعله جزاء الخائن في
الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاونا مع البوليس وإني أطمئن إخواننا الأجانب على
مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسؤولا عنهم والله ولي التوفيق، اللواء
أركان حرب محمد نجيب".
المبادئ الستة
وظهر التأييد الشعبي للثورة منذ
اللحظات الأولى سواء من الفلاحين أو العمال وكافة طبقات الشعب ممن كانوا يعانون من
ظلم واستبداد الملكية، حيث رفعت الثورة ستة مبادئ عبرت عن مطالب الشعب المصري
حينها وهي القضاء على الإقطاع، والقضاء على الاستعمار، والقضاء على سيطرة رأس المال
على الحكم.
واستهدفت الثورة أيضا إقامة جيش وطني
قوي، وإقامة عدالة اجتماعية، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة، وخضعت إدارة البلاد مجلس
قيادة الثورة المشكل من 13 ضابط برئاسة محمد نجيب كانوا هم قيادة تنظيم الضباط الأحرار،
حيث كلف المجلس علي ماهر باشا بتشكيل الوزارة بعد إقالة وزارة الهلالي باشا بعد يوم
من تشكيلها.
إسقاط الملكية
وفي 18 يونيو 1953 قرر مجلس قيادة
الثورة إسقاط الملكية وإعلان الجمهورية، وبذلك استطاع الشعب المصري أن يسترد حقه الشرعي
في اختيار حكامه، وتم تعيين اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية كما تولى الحكومة،
وتم تعيين جمال عبد الناصر في منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية.
وفي 17 إبريل 1954 تخلى محمد نجيب عن
رئاسة الوزارة ، واقتصر على رئاسة الجمهورية ومجلس الثورة ، وتم تكليف جمال عبد الناصر
بتشكيل الوزارة فألفها برئاسته، وفي 14 نوفمبر 1954 قرر مجلس الثورة
إعفاء محمد نجيب من جميع المناصب التي كان يشغلها، كما قرر أن يبقى منصب رئيس
الجمهورية شاغرًا وأن يستمر مجلس الثورة في تولي كافة سلطاته برئاسة جمال عبد
الناصر، حتى أُجرى استفتاء على شخصية رئيس الجمهورية بعد حوالي عام ونصف وانتخب
جمال عبد الناصر رئيسًا للجمهورية في 23 يونيو 1956.