في ذكرى أسمهان.. حياة شائكة وموت غامض مبكر
أسمهان هي المطربة التي أصبحت حياتها
أكثر جدلاً وغموضاً، سواء في أروقة الفن والسياسة قديماً أو عند جمهورها ومحبيها،
فبرغم البداية الفنية الجيدة لها مع شقيقها الموسيقار فريد الأطرش، إلا أنها أدخلت
نفسها في مناطق شائكة جعلت الجميع يختلفون بين منصف لها يحتسبها من المناضلين
والوطنيين، ومن يصفها بالعميلة الجاسوسة، وفي ذلك الشأن صدرت العديد من الكتب
ونشرت أيضاً الكثير من المقالات.
لفتت أسمهان في بداية حياتها الفنية
كبار نجوم مصر في الفن والغناء، ومنهم يوسف وهبي الذي اختارها لبطولة فيلم "غرام
وانتقام"، وغازلت أسمهان ووهبي الملك فاروق بنشيد الأسرة العلوية الذي وضع في سياق
الفيلم، ومن الواضح أنها احتلت مكانة مميزة عند نجوم المجتمع في مصر، فقد اقترنت
لفترة بأمير الصحافة محمد التابعي، ثم تزوجت من المليونير الفنان أحمد سالم، الذي
أراد أن يقتلها لولا تدخل البوليس المصري.
ومن المؤكد أن هناك أسرارا ستظل غامضة
في حياة أسمهان، ومنها علاقتها مع البريطانيين ثم الفرنسيين، وسر إقبالها الشديد
على الكأس التي ةكانت لا تفارق يدها والتدخين بشراهة، رغم توافر المساحة التي تليق
بمكانتها سواء وسط المجتمعات الراقية أو في عالم الفن، فمن المعروف أن الموسيقار
عبد الوهاب اختارها لتؤدي أغنيتين بصوتها فقط في فيلم "يوم سعيد"، وهما "محلاها
عيشة الفلاح" ثم شاركها بصوته في أوبريت "مجنون ليلى" رغم أن عبد
الوهاب قد سجل هذا الأوبريت وصوره لإحدى المطربات المصريات.
عرفت أسمهان بجمال صوتها وروعة أدائها
في الغناء والتمثيل، ما جعلها تهدد عروش كثير من المطربات،وجعل أيضا ظنون البعض
تتجه إلى منافسي أسمهان في السعى للتخلص منها، لكن ما رصده تاريخ الفن المصري لا يؤكد أبداً
هذه الظنون، فقد دارت المنافسات في إطار المقالب الصغيرة التي لا تضر أو الشائعات
التي تشتت بال النجم الآخر، وما تم رصده من مواقف قامت بها أسمهان يجعل أصابع
الاتهام تبتعد عن الوسط الفني وتؤكد أن هناك أيادي أخرى ساعدت في التخلص من أسمهان،
فقبل الحادث الأليم كاد أحمد سالم أن يقتلها ، وحاول إطلاق النار عليها وخرجت من
مسدسه عدة رصاصات استقرت واحدة منها في صدر أحمد سالم نفسه ورصاصة أخرى
أصابت اليوزباشي محمد إبرهيم إمام قائد قوة البوليس التي أسرعت إلى فيللا أسمهان
لنجدتها من زوجها أحمد سالم، وما أن تماثل اليوزباشي إمام للشفاء 12 يوليو 1944
وغادر مستشفى القصر العيني إلا وعلم بعد يومين بخبر مصرع أسمهان ، ووجدت في
حقيبتها رسالة كتبتها إلى اليوباشي الذي أنقذ حياتها من رصاص سالم، تشكر فيها إمام
وتتمنى أن ترد له الجميل لو طال بها العمر.
رغم حياتها القصيرة فنياً فقد تركت
أسمهان العديد من الأغنيات التي تعد من روائع الطرب، منها أنا اللي أستاهل، والورد
وأنا بنت النيل، وأهوى وأيها النائم وعليك صلاة الله وسلامه وليالي الأنس ويا
طيور، ومن المؤكد أن الجمهور العربي فقد برحيل أسمهان نجمة كبيرة ومطربة بديعة ،وقد أكمل شقيقها فريد مسيرته الفنية ووصل إلى قمة المجد الفني، وإن كان له خط
مختلف عن خط شقيقته التي دخلت دائرة السياسة والغموض، وبما أن الحذر لا يمنع
قدرا، فقد كانت تلك نهاية حياة أسمهان التي ماتت غرقاً مع صديقتها ماري ماري قلادة
وهي في طريقها إلى رأس البر.