رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


بين الأنانية والقدرة الشرائية مقاطعتنا فيس بوكية

8-4-2017 | 09:53


تحقيق : نجلاء أبوزيد

من وقت لآخر ينظم عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعى حملات لمقاطعة بعض السلع التى تشهد ارتفاعا كبيرا فى أسعارها وسرعان ما تنتشر هذه الدعوات ويتبادلها راود تلك المواقع بحماسة ورغبة في محاربة ارتفاع الأسعار والتصدى لجشع التجار لتنهال التعليقات بالدعم والموافقة من قبل الكثيرين لكن تدريجيا تختفي تلك الدعوات وتظهر أخرى معلنة عن مقاطعة جديدة لسلعة طالتها حمى الغلاء، إلا أن المتابع لحركة البيع والشراء بالأسواق يجد أنه لا توجد مقاطعة حقيقية للحد من جشع التجار.

 وبحثا عن الأسباب التي تجعل المقاطعة "حماس x حماس" على مواقع التواصل دون تأثير حقيقي كان هذا التحقيق..

فى البداية تقول علياء فاروق مديرة حضانة: "دعوت زميلاتى وجيرانى أكثر من مرة لمقاطعة سلع شهدت أسعارها ارتفاعا كبيرا، وآخرها كان في رمضان الماضي عندما أعلنت مقاطعتى البانيه، وبالفعل استجابت الكثيرات لدعوتى ما دفع بعض محلات الدواجن إلى الإغلاق، اعتبرتها وقتها حملة ناجحة رغم أن المشتركات فيها كن عددا من أولياء الأمور المترددات على الحضانة وصديقاتى على الفيس بوك لأن الأسعار انخفضت في المحلات المحيطة بنا استجابة لمقاطعتنا".

وتتفق معها سلمى عصام طالبة بكلية الصيدلة قائلة: "تساعد بوستات المقاطعة التى يتداولها رواد مواقع التواصل فى انتشار الفكرة ونجاحها، كما تشعر الناس بمسئوليتهم لأن من يستطيع التأثير هو من لديه قدرة على شراء السلعة لكنه يمتنع، أما من يعجز عن امتلاك السلعة فلن يؤثر ولن يهتم البائع به، ولهذا أراها رغم محدودية تأثيرها تنشر فكرا إيجابيا ربما نعتاده جميعا ويتحول الاستغناء عن أى سلعة يبالغ التجار في ثمنها لأمر طبيعي، وكل شيء في بدايته صعب".

مقاطع إجبارى

يختلف محمد وفيق مدرس مع الرأيين السابقين قائلا: "المقاطعة كلام في الهواء لأن كل الأسعار ارتفعت في نفس الوقت وبالتالي صعب نقاطع كل حاجة واللي معاه ثمن سلعة حشتريها، ربما يحزن للحظات على ما لم يستطع شراءها لكنه لن يتوقف حتى ينخفض سعرها، فالأنانية الآن سائدة واللي معاه يشترى واللي معهوش مقاطع إجبارى".

ويتفق معه المهندس وليد عادل قائلا: "المقاطعة الوحيدة التي اقتنعت بها مقاطعة حلوى المولد وقد كان لها تأثير إيجابي لأنها مست سلعة يمكن الاستغناء عنها، لكن كيف نقاطع اللحم أو الدواجن أو البيض كما يطالب البعض؟ كلها سلع ضرورية!  كل ما أمكننى فعله تقليل الكميات التي أستهلكها وأسرتى، فنجاح المقاطعة ليس بمدى انتشارها بين رواد مواقع التواصل الاجتماعى ولكن بتنفيذها على أرض الواقع، الكلام سهل لكن أصحاب الأسر ليس لديهم رفاهية المقاطعة للكثير من السلع".

ثقافة جديدة

أما نيرمين فؤاد محاسبة فتقول: "دعوات المقاطعة على فيس بوك ثقافة جديدة على المجتمع لكنها تحتاج لجهات تنظمها، أما ما نسمعه من دعوات لمقاطعة بعض السلع فليس لها تأثير ملموس لأن من لديه وعى بأهميتها يقاطع تلك السلع لكن الغالبية العظمى يقرأون البوستات التى يتداولها رواد تلك المواقع ويتحمسون لها ثم يشترون تلك السلع ويعيشون حياتهم فالأمر يحتاج لتأسيس جماعات ضغط للتفاوض، وأعتقد أن المسئول عن هذا الدور جهاز حماية المستهلك".

"مقاطعة إجبارية لا يشعر بها أحد" هكذا تحدثت سعاد وجيه، ربة بيت وتابعت: "لم أشتر لأولادي لحما منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، وهناك كثيرات مثلى لكننا نقاطع بلا حملات ودون كتابة على الفيس بوك لكن لا أحد يسمع صوتنا، اللي معاه يشترى واللي معهوش يحمد ربنا على الستر".

جماعات تفاوض

إذا كانت هذه آراء المواطنين فما تعليق المهتمين بالإدارة والأسعار وحماية المستهلك، هل فعلا مقاطعتنا فيس بوكية أم حقيقية؟ وكيف تحقق أهدافها؟

يقول محمود العسقلاني رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء": الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعى لمقاطعة بعض السلع ليست فاشلة بل لها تأثير قوى لكن المشكلة عدم وجود جماعات ضغط قادرة على التفاوض مع المستوردين أو التجار لتكون سلطة التفاوض بيد الدولة للضغط على المنتجين، مشيرا إلى أن المقاطعة أحد الأدوات المؤثرة لمواجهة الغلاء وهذا ما أثبته الواقع فحملات مقاطعة حلوى المولد كانت أكثر نجاحا من مقاطعة البيض، لذا يجب التركيز في اختيار السلعة وإمكانية الاستغناء عنها.

وتابع العسقلانى: نظمت جمعية مواطنون ضد الغلاء حملة قبل ثورة الحادى عشر من يناير ضد غلاء الحديد وقد نجحت فى خفض سعره، لكن المقاطعة تحتاج إلى جهات كبرى تدعم وتتبنى الحملات مثل أعضاء مجلس الشعب وجهاز حماية المستهلك لإنجاحها كما هو الحال فى فرنسا حيث توجد نماذج واضحة لجماعات الضغط التي تتفاوض مع المنتجين باسم المستهلك والكل يستمع لها لأن تأثيرها قوى.

وصرح العسقلانى أن الجمعية تعتزم تنظيم حملة "نقدر نعيش من غير ياميش" والتى تبدأها الجمعية مبكرا حتى يعرف التجار نية المجتمع في المقاطعة ويقتنع من يملك المال والقدرة على الشراء أن مقاطعته حماية للمجتمع كله.

مقاطعة عند المقدرة

ويرجع د. أحمد عبد الرحمن، أستاذ إدارة وتنمية الموارد البشرية استمرار ارتفاع الأسعار إلى انتظام عملية الشراء من قبل القادرين على تملك السلعة، معلقا نجاح أى مقاطعة يدل على وجود إيمان حقيقي من قبل المستهلكين قائلا: على المستهلك أن يعرف أن مقاطعته اليوم وهو قادر ليست من أجل غيره لكن لحمايته مستقبلا عندما لا يملك ما يشترى به السلعة، وهناك تجارب لعديد من الشعوب التى حققت فيها المقاطعات نتائج رائعة لكن للأسف ستظل مقاطعتنا حبيسة الإنترنت طالما لا يوجد توعية حقيقية للمجتمع بضرورتها للجميع، فعندما عزف الناس عن شراء السيارات انخفضت أسعارها بشكل واضح، وفى كل الأحوال يجب أن تظل فكرة المقاطعة قائمة فربما تحدث وعيا مجتمعيا مع الزمن إذا انتشرت ثقافة الاستغناء بين أفراد المجتمع.

أنانية المستهلك

بينما ترى سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعي لحماية المستهلك أن الأنانية الشديدة من قبل بعض المستهلكين تلعب دورا كبيرا في فشل حملات المقاطعة، مشيرة إلى انقسام المجتمع إلى مجموعة قادرة تبحث عن مصالحها وأخرى مجبرة على المقاطعة غير مؤثرة فى السوق، مضيفة: إذا كان المعروض من السلع أقل من المطلوب فإن المقاطعات لن تحقق نتائج، وأعتقد أن جهاز حماية المستهلك يجب أن يكون له دور فى تبنى هذه الحملات ليشكل ضغطا على المحتكرين، وربما لا ينضم الكثير لحملات المقاطعة لكن يمارسون فكرة تقليل الاستهلاك، مؤكدة أنه في ظل ما يشهده السوق من ارتفاعات شديدة للأسعار يصبح اختيار سلع بعينها للمقاطعة أمر صعب، ففي الماضي كنا نتبنى حملات مقاطعة سلعة ونظهر البدائل أما الآن فالغلاء أصاب كل شيء ولا يمكن الاستغناء عن جميع السلع.