أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن مصر قطعت شوطا طويلا في مجال
مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث وضعت أطرا تشريعية ورقابية خاصة بمكافحة غسل
الأموال وتمويل الإرهاب، عبر تشريعات وقوانين ولوائح وضوابط رقابية وقواعد للتعرف على
هوية العملاء بمختلف المؤسسات المالية.
وقال رئيس الوزراء: إن هذه الأُطُر التي وضعتها مصر تأتي اتساقا مع المعايير
الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي وضعتها المنظمات الدولية،
وعلى سبيل الخصوص الأمم المتحدة ومجموعة العمل المالي FATF ومجموعة إجمونت (الاتحاد العالمي لوحدات التحريات
المالية.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها رئيس الوزراء صباح اليوم، في افتتاح أعمال ورشة العمل
السنوية المشتركة للتطبيقات وبناء القدرات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، التي تقام
تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتستضيفها وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
المصرية، بالتعاون مع البنك المركزي المصري، وتنظمها مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق
الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF ،
بالشراكة مع كل من مجموعة مكافحة غسل الأموال لمنطقة شرق وجنوب أفريقياESAAMLG ، ومجموعة غرب أفريقيا لمكافحة غسل الأموال GIABA.
وأكد رئيس الوزراء أن غسل الأموال وتمويل الإرهاب تمثل أهم الأخطار التي تهدد
استقرار النظام المالي والاقتصادي العالمي، وقال: "ترجع أهمية تقييم تلك المخاطر
إلى الحجم الهائل من الأموال المتحصلة من الجرائم التي يتم غسلها، وَتُمثل نسبة لا
يُسْتهان بها من إجمالي الناتج المحلى العالمي، هذا إلى جانب درجة الاحتراف العالية
التي تتسم بها الجهات التي تقوم بعمليات غسل الأموال والتي أصبحت تتمتع بآليات منظمة
تستخدم بشكل متزايد مختلف التقنيات الحديثة والنظم المتطورة للاتصالات".
ووجه رئيس الوزراء الشكر إلى المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة
مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما وجّه الشكر للقائمين على هذه الفعالية وكُلٍ
من مجموعة العمل المالي لمنطقة الشـرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF) ومجموعة مكافحة غسل الأموال لشرق وجنوب أفريقيا (ESAAMLG)، ومجموعة العمل
المالي لمنطقة وسط أفريقيا(GABAC)،
ومجموعة غرب أفريقيا لمكافحة غسل الأموال(GIABA) على المُشاركة في تنظيم هذه الفعالية الهامة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه لا يَخْفى علينا جميعاً الضَررُ البالغُ وتهديد
الاستقرار الأمني وتعكير صَفْو المجتمعات التي تَطَالُها أيدي الإرهاب الآثمة بأعمالها
التي يذهب ضحيتها الأبرياء من أبناء الشعوب، حيث لا توجد دولة بمنأى عن الإرهاب مهما
بلغت قُوتها، ولهذا فقد أخذ المجتمع الدولي على عاتقه مُحاربة الإرهاب، وتبدأ أولي
خطوات تلك الحرب بتجفيف منابع الإرهاب من خلال قطع الدعم عن الجماعات والمنظمات الإرهابية
عن طريق منع وصول الأموال لها، وهنا تتجلي أهمية دراسة مخاطر تمويل الإرهاب على نحو
يُمَكِّن الدول من محاربة هذه الظاهرة على أساس مدروس ومحدد.
وَأوضح مدبولي أن وحدات التحريات المالية تعد في صدارة الجهات المعنية بمكافحة
غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، حيث تقوم بجمع
وتحليل المعلومات من الجهات المُبَلِّغة وغيرها من الجهات المختصة والتعامل مع الطرق
المستحدثة التي يستخدمها المجرمون والإرهابيون لغسل متحصلات جرائمهم، وكذا جمع الأموال
المستخدمة في تنفيذ العمليات الإرهابية، لذا فمن الأهمية بمكان تبادل الخبرات على كافة
المستويات الاستراتيجية والتشغيلية؛ للوقوف على أوجه القوة والتحديات التي تواجه كلا
منهما والعمل على إيجاد حلول لتلك التحديات مما يؤدي بالنهاية لتعزيز قدراتها.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن مسألة مكافحة غسل الأموال تشكل أهميةً متصاعدة مع
اتساع دائرة الإرهاب ومنظماته محليًا وإقليمياً ودولياً، مضيفاً أن تزايد عمليات غسل
الأموال ومدى ارتباطها بتمويل الإرهاب أعطى عمقاً جديداً لهذه الآفة العابرة للحدود
التي اتخذت أشكالاً جديدة وَتَنوعَت وتشعبت مُستفيدة من التقنيات الحديثة والمتطورة
في وسائل الدفع والخدمات المصرفية الجديدة وأساليب التواصل الإلكتروني المتطور من خلال
القنوات المصرفية.
ونوّه إلى أن الالتزام بالنظم الرقابية الدولية والمحلية يشكل رادعاً كبيراً
لأية عناصر إجرامية، بما في ذلك غسل الأموال والأشخاص الذين يحضرون أو يشتركون أو يُروجون،
بأي شكل من الأشكال، للأعمال الإرهابية وهو ما يزيد من أهمية التعاون في مُكافحة هذه
الظاهرة على النحو الذي يسهم في تعزيز وتقوية الاقتصاديات العربية والأفريقية من خلال
استثمارات حقيقية وموارد مَشروعة تعكس الواقع الاقتصادي العربي والأفريقي.
ولفت إلى أن هذه الورشة تَأْتي في فترة مهمة للغاية، حيث إننا مقبلون على بداية
عملية التقييم المتبادل للنظم المصرية المطبقة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب،
الذي سيتم بمعرفة فريق خبراء من مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF)، في إطار الجولة
الثانية لعملية التقييم المتبادل لدول المجموعة، وهو ما يتطلب تَضافُر وتكاتف جهود
كافة الجهات المعنية للخروج بأفضل نتيجة تليق باسم وسمعة مصر، وتتلاءم مع الجهود المبذولة
علي أرض الواقع، الأمر الذي يتطلب الاستعداد بشكل جيد ويستلزم عملاً وجهداً وإصراراً
من الجميع لتحقيق الهدف المنشود.
وتابع: بالنظر للأهمية الكبيرة لعملية التقييم المتبادل للنظم المصرية في مجال
مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فإن الأمر يتطلب تَضَافُر جُهود كافة الجهات لتفادي
التعرض لآثار سلبية.
وتقدم رئيس الوزراء - فى ختام كلمته - بالشكر لجميع الحاضرين على تعاونهم الدائم
والمستمر، وما بذلوه وما سيبذلونه من جهود خلال الفترة القادمة، سعياً نحو تحقيق الأهداف
الوطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، باعتبارها درعًا يحمى النظم المالية
والمصرفية المصرية، وَيُسهم في استقرار الاقتصاد المصري، ولكونها عنصراً هاماً في دفع
عجلة التنمية للأمام، مؤكداً ثقته بأن هذا الملتقى سيقوى أواصر التعاون بين الدول المشاركة،
وَيُزِيد من فعالية الجهات العاملة فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فى مكافحة
هاتين الجريمتين.
وتتضمن جلسات الورشة عددا من الموضوعات المهمة ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال
وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، منها: عمليات تمويل الإرهاب وكيفية التعرف على المستفيد
الحقيقي منها، واسترداد الأصول المرتبطة بغسل الأموال الناتج عن جرائم الفساد، وغسل
الأموال من خلال الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، والتدفقات النقدية غير المشروعة
المتعلقة بالإتجار في الأحياء البرية، والتعاملات غير الرسمية وغير المشروعة في النقد
الأجنبي، حيث من المقرر أن تتضمن الوثيقة الختامية للورشة توصيات تمثل استراتيجية شاملة
تساهم في تعظيم جهود دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لمواجهة تحديات غسل الأموال وتمويل
الإرهاب وما يرتبط بهما من جرائم.
وتستمر أعمال الورشة على مدار أربعة أيام، بمشاركة عدد كبير من الخبراء وممثلي
الجهات والمنظمات الدولية والإقليمية، منها مجموعة العمل المالي FATF، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومعهد
التدريب التابع لمجموعة العمل المالي (FATF-TREIN)،
والمديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، ومجموعة إجمونت (الاتحاد
العالمي لوحدات التحريات المالية)، وغيرها من الجهات الدولية ذات الصلة بمكافحة غسل
الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب ممثلين من عدة دول مهتمة بجهود مكافحة غسل الأموال
وتمويل الإرهاب.