«السعف».. القدماء أول من استخدموه في العبادات والاحتفالات
مع بداية الاحتفال بأسبوع الآلام والذي يبدأ يوم أحد السعف، يحتفل المسيحيون بذكرى استقبال اليهود للمسيح في دخوله لأورشليم "راكب على جحش" حاملين سعف النخيل وأغصان الزيتون والورود بحسب العقيدة المسيحية.
صار هذا التقليد يوم عيد تقام فيه صلوات خاصة، ويذهب المصلون للكنيسة حاملين سعف النخيل.
ولعل استخدام سعف النخيل في الاحتفالات والطقوس الدينية له أصل مصري قديم، فاستخدمه الفراعنة استخدامات متعددة.
حرص قدماء المصريين على تزيين أعمدة ومداخل المعابد والمتاحف بأشكال "جريد النخيل"، كذلك "ديكورات" أسقف المعابد معظمها من صنع النخيل، والنخيل كان له دور هام في الكثير من مناحي الحياة لديهم، فكان البلح يستخدم في التحلية، ولم يكن السكر موجودًا آنذاك، وكان البلح يتميز بأنه وسطي بعيدًا عن التحلية الزائدة للتين، أما من حيث البناء تشير بعض آثار توت عنخ آمون الموجودة بالمتحف المصري والمزينة بأشكال السعف إلى أهميته في البناء والتصميم.
ويرى سامي حرك مؤسس جماعة حراس الهوية المصرية في مؤلفاته، أن قدماء المصريين في احتفالاتهم كان الأطفال والرجال والسيدات يمسكون بجريد النخل والسعف والزهور تعبيرًا عن سعادتهم وكان النخيل حاضرًا بقوة في مدينة هابو في عيد الوادي، فكان مخصصا ليتبارى فيه المزارعون في عرض أنواع الزهور ومنتجاتهم.
ويقول القمص يوحنا سلامة في كتاب “اللآلئ النفسية في شرح طقوس ومعتقدات الكنيسة”، إن شعانين كلمة عبرانية مأخوذة من هوشعنا ومعناها يارب خلص، ومنها أخذت لفظة “أوصنا” اليونانية التى ترتلها الكنيسة في هذا اليوم، وفيها يبارك الكاهن أغصان الشجر من الزيتون وسعف النخل، ويجري الطواف الرمزي لتذكار دخول المسيح الاحتفالي إلى أورشليم، وسعف النخل يشير إلى الظفر وإلى الإكليل الذي يهبه الله للمجاهدين المنتصرين، فيوحنا الإنجيلي رأى جمعًا كبيرًا منتصرًا، وكان سعف النخيل في إيديهم بحسب "الرؤيا 7: 9" .
وكان المصريون القدماء يستخدمون السعف في زيارتهم للقبور، ويصنعون منه الأكاليل، وكانوا يقدمونه مع البلح قربانًا لإله النيل، كذلك يستخدمونه في استقبال الملوك، ولوقت قريب جدًا كان المسلمون يستخدمونه في استقبال الحجاج وهم عائدون من الأراضي المقدسة.
وتقول الدكتورة سامية الميرغني مدير عام المعامل بمركز البحوث والصيانة وأستاذ الأنثروبولجى بجامعة القاهرة لـ «الهلال اليوم»، إن الفراعنة كانوا أذكياء واستغلوا الطبيعة المحيطة بهم والمنتجات المتواجدة في بيئتهم في معظم الاحتياجات اليومية سواء في البناء أو الطعام أو الاحتفالات أو حتى العبادة.
وتضيف، كان النخيل من أكثر الأشياء المتواجدة في بيئتهم لذلك نجد السعف حاضرًا في كل الممارسات، فصنعوا منه الأكاليل التي وضعوها على الموتى وكذلك وجد السعف بقوة في المعابد، مما يدل على أهميته الروحية في العبادات القديمة، واستخدموه كذلك في الاحتفالات وفي الأفراح إلى جانب الورود.