رئيس النيجر: قمة إيكواس في واجادوجو الشهر المقبل تناقش تنامي الإرهاب في دول غرب أفريقيا
قال رئيس جمهورية النيجر محمد إيسوفو إن بلاده تتصدى أكثر من أي وقت مضى لأنشطة الجماعات الإرهابية..لافتا إلى انعقاد قمة غير عادية للدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) حول الإرهاب في واجادوجو عاصمة بوركينا فاسو في الرابع عشر من سبتمبر المقبل، إدراكا من أعضائها لخطورة التدهور الأمني في إقليم غرب أفريقيا بسبب الجماعات الإرهابية هناك.
وأكد رئيس النيجر ـ في مقابلة خاصة مع مجلة (جون أفريك) الفرنسية ـ أن بلاده تتصدى أكثر من أي وقت مضى لأنشطة الجماعات الإرهابية، ولفت إلى أن هذا الأمر مرتبط بحقيقتين أولاهما التهديدات الأمنية في إقليم غرب إفريقيا منذ تسعينيات القرن الماضي بسبب تنامي نفوذ الجماعات الإرهابية في الجزائر فيما يعرف آنذاك بحقبة "العشرية السوداء" وظهورجماعة (بوكو حرام) في نيجيريا منذ نحو 10 سنوات، وأما الحقيقة الثانية فقال إنها تتعلق بتعاظم سطوة هذه الجماعات الإرهابية بانهيار ليبيا عام 2011 بعد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي وهو ما وصفه رئيس النيجر بـ"الخطأ الفادح الذي تورطت فيه قوى غربية".
وأضاف رئيس النيجر أن خط المواجهة مع الجماعات الإرهابية بات يمتد إلى جنوب إقليم غرب إفريقيا، فمن غينيا إلى بنين لم تعد هناك أية دولة ساحلية بمنأى عن خطر الإرهاب، وبشأن رسالته لمواطني بلاده مطلع العام الجاري لاستئصال الإرهاب نهائيا من النيجر، وما أعقبه من تلقي جنود جيشه ضربة قوية خصوصا في غرب البلاد بعد ذلك بسبعة أشهر، قال الرئيس محمد إيسوفو" إن هذا ما يشير إلى مسألة التدهور الأمني التي ذكرتها آنفا".
وأوضح أن النيجر تحارب على ثلاث جبهات هى منطقة بحيرة تشاد ضد جماعة بوكو حرام وعلى الحدود الشمالية مع ليبيا التي لم يعد لها أية سيطرة على هذه المنطقة وأخيرا الحدود الغربية مع مالي ضد التنظيمات الإرهابية والإجرامية.
وقال رئيس النيجر" إننا نقاوم الإرهاب بوسائلنا وبمعاونة حلفائنا"، مضيفا أنه من المهم ملاحظة أن الإرهابيين لا يملكون قاعدة دائمة لهم في النيجر بمعنى أن هذا التهديد هو خارجي بالأساس ويأتي من نيجيريا ومالي وبوركينا فاسو.
ونفي إيسوفو أن تكون بلاده ضحية لضعف جيرانها، موضحا أن الوضع في منطقة "كيدال" بدولة مالي المجاورة يعد مشكلة حقيقية تؤرق النيجر لاسيما وأن "كيدال" تحولت إلى ملاذ للإرهابيين وقاعدة ينطلق منها هؤلاء لمهاجمة بلاده ثم ينسحبون إليها، وأكد مجددا أن "كيدال باتت تشكل تهديدا للنيجر وعليه يتعين على دولة مالي استعادة نفوذها في هذه المنطقة".
و أعرب رئيس النيجر عن رفضه التام الدخول في مفاوضات مع الجماعات الإرهابية مؤكدا أن هذا الأمر"غير قابل للنقاش لأننا لا نفاوض إرهابيين، ويجب مواصلة المعركة على محورين مرتبطين ببعضهما البعض وهما تحقيق الأمن والتنمية معا".
وعن محاولات الجماعات الإرهابية الوقيعة بين بعض العرقيات في النيجر وعلى وجه التحديد في منطقة "تيلابري" أشار الرئيس محمد إيسوفو إلى أن بلاده لا تشهد أي تمييز بين العرقيات المختلفة على أراضيها مثل عرقية فولاني أو الطوارق أو غيرهما، مضيفا أن الإرهابيين يريدون تحويل الحرب ضدهم إلى صراع عرقي، واعتبر أن ذلك هو الفخ الذي لن تسقط النيجر فيه كما يريد الإرهابيون.
وحول خطورة جماعة بوكو حرام على النيجر لاسيما بعد مرور 10 سنوات على ظهورها، قال الرئيس محمد إيسوفو إن هذه الجماعة تمثل خطرا حقيقيا على النيجر، مبديا دهشته من قدرتها على التكيف مع الظروف، وأشار إلى أنه كان يعتقد أن القوة الرباعية المشتركة التي تشكلت قبل ثلاث سنوات لمحاربة هذه الجماعة ستقضي على هذه الأخيرة سريعا، لكن ما حدث عكس ذلك، وعليه اعتبر رئيس النيجر أن الحاجة قد بدت ماسة لتعديل استراتيجية التعامل مع جماعة بوكوحرام ووجوب عدم التقليل من شأنها.
وأضاف رئيس النيجر أن العديد من الشباب النيجيريين الذين انضموا إلى صفوف هذه الجماعة قد أعلنوا توبتهم لذلك "فتحنا لهم مراكز لمناهضة للأفكار المتطرفة وللتدريب المهني وحققنا نتائج طيبة في هذا المجال" ولفت إلى أن تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا لم يهزم إلا عندما تشكل تحالف دولي أكثر قوة من التحالف الذي يعمل إلى جانب بلاده، مطالبا بوجود مثل هذا التحالف في منطقة الساحل الإفريقي.
وحول الوضع في ليبيا ومتطلبات إيجاد مخرج للأزمة هناك، أكد رئيس النيجر أنه لا يوجد سوى حل واحد للأزمة وهو "استعادة الدولة"، معتبرا أن هذا الهدف يجب أن يكون هو الأولوية المُلحة في الوقت الراهن ثم تأتي بعد ذلك مسألة إجراء الانتخابات، وشدد الرئيس محمد إيسوفو على أنه يقف إلى جانب ليبيا وسيمنح دعمه الكامل للشخص الذي سيستعيد الدولة الليبية من براثن الفوضى.
وحول الأوضاع الاقتصادية في بلاده، قال رئيس النيجر إن معدل النمو الاقتصادي المتنامي لبلاده لا يعتمد بصورة أساسية على استخراج اليورانيوم فقط، وإنما على الاستثمار في البنية التحتية والزراعة والبترول، لافتا إلى أن سوق اليورانيوم يعاني كسادا كبيرا منذ كارثتي مفاعلي تشرنوبيل السوفييتي وفوكوشيما الياباني.
وأوضح رئيس النيجر ، في مقابلته مع مجلة (جون أفريك) الفرنسية، أن بلاده التي بدأت إنتاج النفط عام 2011 بالتعاون مع شركات صينية وجزائرية تطمح في مضاعفة إنتاجها الحالي من النفط (الذي يقدر بنحو 20 ألف برميل من النفط المكرر) بحلول عام 2021، مشيرا إلى أن النيجر حققت اكتفاءها الذاتي من النفط وعليه فإن المرحلة التالية هي السعي لأن تصبح بلاده من الدول المصدرة خلال الفترة من عام 2025 إلى 2030، حيث من المنتظر أن يتجاوز إنتاج البترول 500 ألف برميل يوميا الأمر الذي سيتيح للبلاد النظر جديا في مسألة الانضمام إلى منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك".
وتطرق رئيس النيجر في حديثه إلى رئاسته الحالية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا /ايكواس/ مشيرا إلى أن جدول أعماله الحالي يتضمن ثلاث أولويات هي: إطلاق عملة "ايكو" الموحدة لدول المجموعة بحلول العام المقبل 2020 وتطوير البنية التحتية وتعزيز الديمقراطية في الدول الأعضاء بالمجموعة.
وفيما يتعلق بالاجتماع الأخير لرؤساء دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "ايكواس" وإعلانهم عن إطلاق عملة جديدة موحدة بنهاية العام القادم ومدى إمكانية تحقق ذلك، قال رئيس النيجر إن لديه يقينا جازما بتحقق هذا الأمر، لافتا إلى أن الدول الأعضاء في المجموعة حددت المعايير اللازمة لإطلاق العملة الجديدة وتعهدت بالوفاء بها في أقرب وقت ممكن.
وأضاف أن عملة "ايكو" الجديدة ستكون العملة الأقوى والجديرة بالثقة في المنطقة كما ستمكن دول المجموعة من السيطرة على معدلات التضخم، وشدد على أن إطلاق عملة "ايكو" يعني نهاية الفرنك الأفريقي، لأنها ستكون عملة مرتبطة بسلة عملات رئيسية متنوعة تستخدم في تعاملاتنا التجارية مثل الدولار واليورو واليوان الصيني وغيرها...وأكد أن هذا الإصلاح المالي ليس موجها ضد فرنسا لكنه إصلاح من أجل التنمية في منطقة غرب إفريقيا ويستهدف جذب استثمارات وإيجاد فرص عمل في القارة السمراء الأمر الذي يعود بالنفع على الجميع، ولفت إلى أن هذه القرارات الخاصة بالعملة الموحدة اتخذت بإجماع كل الدول الـ 15 الأعضاء في مجموعة "ايكواس" بما فى ذلك الدول الناطقة بالفرنسية منها وبالإنجليزية على حد سواء.