في ظل علاقات مصرية يابانية تاريخية وشراكة استراتيجية يابانية إفريقية.. زيارة الرئيس السيسي لليابان تجمع بين السياسة والاقتصاد وتحقق 5 أهداف
جمعت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لليابان بين أهداف سياسة واقتصادية وبين اهتمامات الرئيس بالشأن المصرى الداخلي، ومسئوليته كرئيس للاتحاد الإفريقي ووازنت بين العلاقات المصرية اليابانية الثنائية المشتركة، والعلاقات المصرية الإفريقية اليابانية، في ظل علاقات مصرية يابانية تاريخية، وشراكة استراتيجية يابانية إفريقية.
وما يسعى الرئيس السيسي إلى تحقيقه من انجازات سياسية واقتصادية لمصر يدعم قدرتها على مد يد العون لأشقائها فى إفريقيا، ويعزز تطلعات القارة التنموية المستقبلية، والارتقاء بمعيشة شعوبها وتطلعاتها لغد أفضل، ويؤكد أيضا نجاح مصر فى قيادة الإتحاد الإفريقى خلال عام رئاستها له٠
حققت الزيارة عدة أهداف أولها : دعم وتعميق أواصر الصداقة والتعاون بين القاهرة وطوكيو ، والتى تشهد حاليا تطورا إيجابيا فى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية وفى مجال التنمية، ثانيا : طرح الرؤية المصرية تجاة قضية التنمية الشاملة فى إفريقيا ، والتى تتضمن تأكيد أهمية القدرات البشرية فى العمل المشترك ، ثالثا : التأكيد على ضرورة إيلاء الإهتمام الكافى بالشباب الأفريقى بزيادة الاهتمام بالتعليم ، وتطويره على نحو يتيح للشباب اكتساب المهارات اللازمة للإنخراط فى سوق العمل ، ورفع معدلات الأنتاجية والنمو ، والتركيز على التحول إلى مجتمعات المعرفة وتعزيز البنية التحتية العابرة للحدود فى القارة ، رابعا: العمل على إيجاد تحالفات رائدة للاستثمار فى البنية التحتية ، خامسا: تعزيز ودعم تكتل اليابان إفريقيا (تيكاد ) فى زمن التكتلات التجارية الضخمة ، والحرب الإقتصادية والتكنولوجية الشرسة بين القوى الكبرى وصراع الموارد والثروات.
على الصعيدين السياسى والإقتصادى الثنائى ، تجمع بين مصر واليابان وجهات نظر متقاربة في العديد من القضايا الدولية، مثل نزع السلاح، وحفظ السلام وحماية البيئة والحوار بين الحضارات والثقافات، فيما زادت الاستثمارات اليابانية فى مصر لتصل إلى 162 مليون دولار للعام المالي 2017/2018 ، وارتفع حجم التبادل التجارى بين البلدين في 2018 بنسبة 30.5 % حيث بلغ 1.565 مليار دولار مقارنة بنحو 969 مليون دولار خلال عام٢٠١٧ ٠
ودعما للعلاقات الثنائية ، استقبل إمبراطور اليابان الجديد ناروهيتو الرئيس عبدالفتاح السيسي بالقصر الإمبراطورى ، ومن جهة أخرى تطرقت مباحثات القمة الثنائية التى جمعت بين الرئيس السيسى ورئيس وزراء اليابان شينزو آبى سبل دعم وتعزيز العلاقات الثنائية فى جميع المجالات والتى تقوم على المصالح المتبادلة، إلى جانب عقد سلسلة من اللقاءات على هامش تيكاد ٧ ( مؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية فى إفريقيا ) لتشجيع وجذب الاستثمارات اليابانية.
وتحرص مصر على تعزيز آليات التعاون بين البلدين، خاصة فى مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، والاستفادة من الخبرات اليابانية فى إنشاء مدينة العلوم والابتكار بالعاصمة الإدارية الجديدة، والأكاديمية العليا للعلوم وتبادل الخبرات بين العلماء المصريين واليابانيين فى المجالات البحثية ذات الاهتمام المشترك، وتقوم الشراكة التعليمية بين البلدين على الاستفادة من مميزات التعليم اليابانى، من خلال تسهيل الحكومة المصرية إنشاء المدارس اليابانية في مصر، وكذلك الجامعة المصرية - اليابانية في برج العرب.
وتمول اليابان العديد من المشروعات الأثرية والتنموية والبيئية في مصرمن خلال برامج من القروض الميسرة والمنح ، و أبرزها مشروع المتحف الكبير، والجامعة المصرية - اليابانية للعلوم والتكنولوجيا والخط الرابع لمترو الأنفاق، بالإضافة إلى العديد من المشروعات الاستثمارية الهامة فى مجالات التجارة والصناعة والنقل والزراعة والكهرباء وتنمية وتطوير القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتبلغ قيمة التمويلات والمنح المقدمة من اليابان لدعم التعليم فى مصر 282 مليون دولار منها 169 مليون دولار للمدارس المصرية اليابانية .
وعلى الصعيدين السياسى والإقتصادى الإفريقى ، تشهد العلاقات اليابانية الإفريقية تطورا مستندا على حجم التبادل بينهما والذى زاد بنسبة ٨ر٢ فى المائة ، وعززت قمة التيكاد التعاون الثلاثى بين مصر واليابان وإفريقيا من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية ووكالة جايكا اليابانية والبنك اليابانى .
ومن هذا المنطلق ، أكد الرئيس السيسى أن قمة التيكاد ٧ ، شكلت منعطفا مهما فى دفع التعاون بين دول الاتحاد الأفريقى واليابان، حيث وجهت بوصلة الاهتمام لتطوير الموارد البشرية، بما يتسق مع الواقع الأفريقي، والأولوية التى تعطيها دول القارة لشبابها الذين يشكلون قرابة 65 % من سكان القارة.
وأشار إلى إقرار القمة ما يتطلع الإتحاد لتنفيذه فى إطار خطة العمل وحددت آفاق التعاون للسنوات الثلاث القادمة سعيا لتحقيق تطلعات شعوبنا في الاستقرار والسلام والتحديث والرخاء والتصدي للتحديات التي تواجهها، وذلك من خلال تهيئة المناخ المناسب لتحقيق التنمية المستدامة، وإيجاد شراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص، استنادا إلى مجموعة من الأفكار المبتكرة التي تتناسب مع الواقع وإمكانات شعوبنا وثرواتها البشرية.
وركزت القمة تحت شعار" إحراز التقدم فى إفريقيا من خلال الإنسان والابتكار " ، على ثلاث ركائز أساسية هى التحول الإقتصادى، وبناء مجتمع مستدام للأمن البشري ، وتحقيق السلام والاستقرار ، بالأضافة إلى تشجيع الإستثمار الخاص من خلال الشراكة والتضامن بين القطاعين العام والخاص وتوسيع نطاق الأعمال التجارية، وتحسين بيئة الأعمال والمؤسسات خاصة ، و تعتزم تقديم مساعدات تنموية لإفريقيا خلال هذا المؤتمر ، وتوقيع العديد من الإتفاقيات الثنائية بين اليابان والدول الإفريقية.
ونجحت القمة فى ترسيخ تطوير التعاون التجارى والإقتصادى مع القارة الافريقية ، خاصة بعد دخول إتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية حيز التنفيذ فى نهاية شهر مايو الماضى ، حيث تمثل تلك الاتفاقية إحدى أدوات التكامل بين دول القارة فى إطار أجندة إفريقيا ٢٠٦٣ للتنمية المستدامة إلى جانب تحقيق السلم والأمن فى إفريقيا وتعزيز الحوار السياسى بين إفريقيا وشركائها للتنمية وحشد الدعم لصالح التنمية الإفريقية التنمية .
ويعد مؤتمر طوكيو الدولى للتنمية الإفريقية ( تيكاد ) أحد أهم القمم والتجمعات التي تساهم في تنمية وتطور القارة السمراء ، حيث يلعب المؤتمر دورا كبيرا في تسهيل وتعزيز الحوار السياسي رفيع المستوى بين القادة الأفارقة وشركاء التنمية بشأن القضايا المتعلقة بالنمو الاقتصادي ،والتجارة والاستثمار، والتنمية المستدامة ، والأمن الإنساني ، والسلم والاستقرار.
ويحظى التعاون بين اليابان وأفريقيا بتاريخ طويل على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، حيث تستضيف اليابان منذ عام ١٩٩٣قمة التيكاد والتي أطلقتها بعد الحرب الباردة مباشرة، بهدف تنمية أفريقيا من خلال عقد شراكة مع المجتمع الدولي لتحقيق النهوض والتنمية فى القارة ، وتعزيز الحوار السياسي رفيع المستوى بين أفريقيا وشركائها للتنمية، وحشد الدعم لصالح مبادرات التنمية الإفريقية حيث شكل المؤتمر عاملا محفزا لإعادة التركيز الدولي على احتياجات التنمية في أفريقيا.