أبو الغيط: استمرار حالة الاحتراب الداخلي هو الخطر الأول الذي يتهدد الأمن القومي العربي
أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن استمرار حالة الاحتراب الداخلي في بعض الدول العربية هو الخطر الأول الذي يتهدد الأمن القومي العربي، ذلك أن هذه الحروب، وكما شهدنا خلال الأعوام الماضية، تُضعف مناعة الجسد العربي وتستدعي تدخل الآخرين في شئوننا، وتفتح لهم الباب للتلاعب بمصائرنا عبر تقسيم البلدان إلى ميلشيات متصارعة وطوائف متناحرة وما من غرضٍ لهذه التدخلات غير الحميدة سوى توسيع رقعة النفوذ، وإدارة معارك بالوكالة على أراض عربية تسيل فيها دماء عربية لأهداف لا يُمكن أن تحمل خيراً للعرب.
جاء ذلك في الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية (152) الذي عقد برئاسة محمد علي الحكيم وزير خارجية جمهورية العراق
وقال ابو الغيط ما زال "حال الأزمة" يخيم على المنطقة العربية .. فهناك جبهات مفتوحة، وجراح لم تندمل في اليمن وسوريا وليبيا، وهناك الملايين من اللاجئين والنازحين تمثل معاناتهم اليومية، وبخاصة النساء والأطفال من بينهم، الكلفة الإنسانية الأفدح لاستمرار هذه النزاعات التي لا زالت تهدد حياة الإنسان ووحدة الأوطان.
واضاف إن بعض هذه الصراعات ازداد تأزماً.. فالجرح إن لم يُعالج انتشر وتوغل في الجسد ، قائلا " لقد دخلت المعارك العسكرية التي تشهدها المناطق المحيطة بالعاصمة طرابلس شهرها السادس.
وحول الوضع في ليبيا ، دعا الي اخراج ليبيا من هذه الأزمة المتفاقمة موضحا ان المطلوب اليوم هو خفض فوري للتصعيد الميداني، والتوصل إلى وقف دائم وثابت لإطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة كما أنه مطلوب أيضاً، منا جميعاً.. وفي ضوء الشرخ الكبير الذي أحدثته التطورات الأخيرة في نسيج المجتمع الليبي.. أن نقف مع أشقائنا الليبيين ونعمل على استعادة جسور الثقة المفقودة بينهم .
كما طالب بالخروج بمقاربة شاملة لتسوية الوضع الليبي في مجمله وتوحيد المؤسسات المنقسمة واستكمال المرحلة الانتقالية باستحقاقاتها الأمنية والسياسية والدستورية.
وحول الوضع في اليمن قال ابو الغيط "شهدنا انقسامات جديدة تهدد وحدة التراب اليمني التي نسعى جميعاً لصيانتها وفي هذا الخصوص، فإننا نُرحب بتجاوب الأطراف المختلفة مع دعوة المملكة العربية السعودية للحوار ووقف المواجهات المؤسفة التي آلمنا جميعاً اندلاعها في بعض محافظات الجنوب.
واكد إن الجامعة تتمسك بخيار السلام في اليمن.. وتدعم الشرعية الدستورية للحكومة برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي ، مضيفا إن العملية السلمية التي تقودها الأمم المتحدة في الحديدة تمثل خطوة جيدة لتخفيض التصعيد العسكري وبناء الثقة إلا أنها لا زالت تصادف عراقيل يضعها الطرف الحوثي الذي نحمله مسئولية التدهور المطرد في الوضع الإنساني.
وقال لقد ظهر واضحاً خلال الفترة الماضية أن الطرف الحوثي لا يملك قراره وإنما يتلقاه من دولةٍ أخرى، داعيا إيران بأن ترفع يدها عن الساحة اليمنية وأن تكف عن دعم الميلشيات بالمال والسلاح، وأن تتوقف عن تحويل الأرض اليمنية إلى منصة لتهديد أمن واستقرار الدول المجاورة.
واكد إن اليمن وأهله جزءٌ لا يتجزأ من الأمة العربية ، فاليمن عمق استراتيجي للأمن العربي كان وسيظل، وعلاقات اليمن مع جواره العربي هي الباقية والتدخلات الخارجية من قوى غير عربية عرض سيزول في يوم قريب لأن أغلبية الشعب اليمني ترفض هذه التدخلات وتتمسك بعروبتها.
واضاف" لقد اتخذت التدخلات الإيرانية في الشئون العربية صورة أكثر خطورة وتهوراً في الشهور الماضية، إذ تجاوزت إشعال الأزمات داخل الدول إلى تهديد أمن الملاحة وإمدادات الطاقة في منطقة الخليج العربي، وقد اجتمع القادة العرب في قمة مكة في آخر مايو الماضي لإدانة كافة الاعتداءات الإيرانية على مبدأ حرية الملاحة البحرية في المياه الدولية في الخليج العربي وخليج عمان.. ومعروض أمام مجلسكم الموقر مشروع قرار في هذا الشأن الذي يهم العرب جميعاً.
وحول القضية الفلسطينية قال ابو الغيط " لقد كانت السنوات الثلاث الماضية زمناً ضائعاً بالنسبة للقضية الفلسطينية فبدلاً من أن ننخرط في عملية سلمية جادة وفق مرجعيات واضحة، وجدنا أنفسنا ندور في حلقات مفرغة من انتظار خطط يُعلن عنها ورؤى يجري التبشير بها، بينما الواقع على الأرض لا يبشر بخير أو يدعو للتفاؤل ، مؤكدا إن الخطة الوحيدة التي نراها تُنفذ اليوم للأسف هي خطة تصفية القضية والتضييق الشديد على أصحابها وتنطلق هذه الخطة من رؤية مقلوبة للوضع مفادها أن المشكلة تكمن في الشعب الخاضع للاحتلال، لا في القوة القائمة به، أو في واقع الاحتلال نفسه.
واضاف قائلا : هكذا يتصور أصحاب هذه الرؤى أن الضغوط على الفلسطينيين والتضييق عليهم، كفيلةٌ بحملهم على القبول بما لم يقبلوا به في السابق وعوضاً عن العمل على إنهاء الاحتلال –وهو جوهر النزاع منذ عام 67- يصر بعض الأطراف على معالجة القضية بتقويض أركانها الرئيسية التي تحظى بإجماع دولي .
ونوه بمرور ما يقرب من العامين على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.. فكم من الدول حذت حذوها؟..دولة أو دولتان ، قائلا إن الإجماع الدولي لا زال راسخاً في شأن كون القدس الشرقية أرضاً محتلة وقضية من قضايا الحل النهائي، لا يجري حسمها بالإعلانات الأحادية ولا بنقل السفارات والمكاتب التمثيلية إليها.
واضاف لقد قطعت الولايات المتحدة تمويلها عن الأونروا فتداعت الدول لسد الفجوة التمويلية وتحاول اليوم أن تلتف على التفويض الممنوح للوكالة بموجب قرار دولي صادر عام 1949 .
واكد أن التصويت على تجديد التفويض في شهري نوفمبر وديسمبر القادمين سيعكس الإجماع العالمي الرافض لإنهاء دور الوكالة في إعاشة 5.5 مليون فلسطيني، أو التلاعب بصفة اللاجئ لتفريغ قضية اللاجئين من مضمونها.
وقال إن لدى إسرائيل في اللحظة الحالية غطاء سياسياً توفره لها الولايات المتحدة، بما يمكنها من الاعتداء على الأراضي العربية في بعض دول المنطقة كما شهدنا خلال الأسابيع الماضية... إنه نوع من اللعب بالنار وسلوك استعراضي لا غرض من ورائه إلا الدعاية الانتخابية.. ونحذر من أن استمرار مثل هذه التصرفات الهوجاء يهدد بإشعال المنطقة بصورة لن تكون في صالح أمن أو استقرار أي طرف.
وعن سوريا قال ابو الغيط " نجد أن بعض القوى الإقليمية التي تسعى إلى اغتنام الفرص، وتحقيق مكاسب على حساب العرب في لحظة مرتبكة، تُمارس نوعاً من الانتهازية السياسية التي ستترك آثارها في ذاكرة الشعوب قبل الحكومات .
واكد إن الحل في سوريا لا يكون بتقطيع أوصال الوطن السوري إلى مناطق نفوذ تحت هيمنة أجنبية وإنما بتسوية شاملة على أساس القرار 2254 تضمن للوطن وحدته وتكامل ترابه.. وتُعطي السوريين جميعاً، في داخل الوطن وخارجه، الأمل في أن الوطن السوري سيعود حاضناً لكافة أبنائه بلا إقصاء وبغض النظر عن انتمائهم السياسي أو الديني طالما لم ينتهجوا الإرهاب سبيلاً .
وقال إن هذا هو المشروع السياسي الوحيد الذي يقود لاستعادة الوطن السوري، شعباً وأرضاً وسيادة. ط
وحول الوضع في السودان قال ابو الغيط "تحقق اتفاق سياسي أثلج الصدور وطمأننا على المستقبل، إنني أهنئ الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها قبل يومين، والتي جاءت حصيلة اتفاق سياسي بين المكونات السودانية أثبت أن مجتمعاتنا قادرة على تجاوز الأزمات عبر الحوار.. وأن الصراع والاحتراب الداخلي مرهون باختياراتنا وقراراتنا وليس قدراً محتوماً.
من جانبه اكد وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم ، ان الظروف المعقدة التي تمربها المنطقة العربية بجب الا تنسينا قضية العرب المركزية وهي قضية فلسطين ، مشددا علي موقف العراق الثابت لدعم حقوق الشعب الفلسطيني واقامة دولته المستقلة.
وقال في كلمته عقب ترؤسه اعمال مجلس جامعة الدول العربية علي مستوي وزراء الخارجية اليوم بالقاهرة ، ان العالم ينشغل الان بقضية امن الممرات المائية في الخليج العربي وتأمين تدفق الطاقة او انشاء قوة بحرية في منطقة الخليج العربي ، قائلا " لا نؤيد المخططات التي تؤدي لرفع حالة التوتر في المنطقة مشددا علي ان دول الخليج قادرة علي حماية الملاحة وتدفق الطاقة في هذه المنطقة العربية.
واستعرض جهود بلاده بشأن مكافحة ارهاب داعش ، مؤكدا انه بحاجة الي دعم الاشقاء العرب لاستئصال هذه الافة والتصدي لها.
وشدد علي رفض العراق القاطع للوجود التركي علي اراضيه ويعمل علي انهائه بشتي الوسائل.
وادان الوزير العراقي اعتداء المحتل الاسرائيلي ضد الدول العربية ، مؤكدا حقه في الدفاع عن النفس ايمانا من العراق بمبادئ الدول العربية وميثاق الجامعة العربية.
ومن جانبه دعا وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولى الصومالي احمد عيسى عوض"رئيس الدورة السابقة للمجلس" الدول العربية لوقفة اكثر جدية الى جانب القضية الفلسطينية ،محذرا من زوالها اذا لم نكن جادين في دعمها وستكون النتيجة لايحمد عقباها.
وقال ان القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولوياتنا ،مؤكدا على ضرورة إنهاء الاحتلال وضمان حق الشعب الفلسطيني.
وحذر مما يتعرض له المسجد الاقصى من اعتداءات اسرائيلية متكررة فضلا عن ما يتعرض له الشغب الفلسطيني من هدم البيوت وتهجير الاهالى.
وعلى صعيد الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن شدد عوض على ضرورة العمل على تحقيق الوحدة الترابية والسلام والسيادة لهذه الدول ومنع التدخل في شؤونها وتحقيق السلام والاستقرار بها .
ودعا الى ضرورة تفعيل الدور العربي في تلك الازمات ووضع تصورات عربية لحلحلة هذه القضايا والوصول لحلول سياسية ووقف اراقة دماء الشعوب العربية ،مطالبا الجامعة بأن يكون دورها اكثر فاعلية كبقية المنظمات الأخرى.