غدا.. تونس تكتب التاريخ وتختار من يسكن "قصر قرطاج"
عبر إجراء ثاني
انتخابات رئاسية بعد الثورة ومواصلة مسار الانتقال الديمقراطي، الذي انطلق منذ عام
2011، حيث يختار أكثر من 7 ملايين ناخب تونسي من بين 26 مرشحا للرئاسة يمثلون مختلف
الأطياف السياسية والفكرية، رغم إعلان اثنين من المرشحين، هما محسن مرزوق وسليم الرياحي،
انسحابهما لصالح المرشح المستقل عبد الكريم الزبيدي، إلا أن القانون الانتخابي يمنع
إلغاء ترشحهما من ورقة الاقتراع ومن عملية الفرز والإعلان عن النتائج.
وعلى مدار 11 يوما،
هي عمر الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية، حرص المرشحون على التواصل بشكل مباشر
مع الناخبين والتسويق لبرامجهم في مسعى لإقناعهم بأنهم هم الأصلح لتولي هذا المنصب
بالغ الأهمية، والذي يتربع على قمة هرم السلطة.
كما نظمت التلفزة
التونسية بالاشتراك مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا) والهيئة
العليا المستقلة للانتخابات على مدار 3 أيام مناظرات تليفزيونية تحت عنوان (الطريق
إلى قرطاج.. تونس تنتخب)، تابعها أكثر من 3 ملايين مشاهد تونسي، وفق إحصائيات التلفزة
التونسية، لإفساح المجال أمام المرشحين لتوضيح رؤيتهم في شتي القضايا، إلى جانب مساعدة
الناخب التونسي على حسم قراره بعد الإصغاء لأفكار المرشحين والمفاضلة بينهم.
ومن جانبه، أعرب
أبو بكر الصغير الكاتب الصحفي والمحلل السياسي التونسي، في تصريح لموفدة وكالة أنباء
الشرق الأوسط إلى تونس، عن رأيه بأن هذه المناظرات لم تفلح في القضاء على حيرة الناخب
التونسي تجاه المرشحين، إلا انه أقر مع ذلك بأن السجال السياسي الذي دار خلال المناظرات
أضاف لبعض المرشحين وسحب من رصيد البعض الآخر، كما كشف عدم صلاحية البعض لهذا المنصب.
واعتبر الصغير
أن منصب رئيس الجمهورية يتطلب مواصفات ومؤهلات خاصة لا تتوفر سوى في 3 أو 4 مرشحين
فقط من بين الـ26 الذين يخوضون السباق، وهذا ما ستعكسه نتائج الانتخابات.
وفي سياق متصل،
أعرب عدد من المراقبين عن مخاوفهم من إمكانية عزوف الناخبين عن ممارسة حقهم الانتخابي
كما حدث خلال الانتخابات البلدية، لاسيما مع ضبابية المشهد وتشابه البرامج الانتخابية
للمرشحين، إلى جانب انشغال المواطنين بالاستعداد للعام الدراسي الجديد ومشاغل الحياة
اليومية.
ومع انطلاق عملية
الاقتراع في الخارج، سجلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مشاركة نحو 10 آلاف تونسي
في اليوم الأول من الاقتراع، وكان الإقبال على التصويت في البلدان العربية مقبولا،
نظرا لتزامن هذا اليوم مع العطلة الأسبوعية، بينما كان الإقبال متواضعا في فرنسا، حيث
تتواجد أكبر الجاليات التونسية، بسبب إضراب في قطاع النقل.. لكن من المتوقع أن يشهد
اليوم الثاني والثالث إقبالا أكبر نظرا لحلول العطلة الأسبوعية في بلدان أوروبا وأمريكا.
وتجرى الانتخابات
الرئاسية بصورة مبكرة، بعدما كان مقررا لها 17 نوفمبر المقبل، نظرا لوفاة الرئيس الباجي
قايد السبسي في 25 يوليو الماضي، ما عجل بموعد الانتخابات الرئاسية من أجل ضمان تولي
رئيس جديد منصبه في غضون 90 يوما، وفقا لما يقتضيه الدستور.
وتعد هذه الانتخابات
الرئاسية الـ11 في تونس والثانية بعد الثورة التونسية "ثورة الياسمين" في
2011، بعد الإطاحة بنظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، حيث أجريت الانتخابات
الأولى في 2014، وفاز فيها الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.
ويخوض سباق الترشح
الرئاسي هذه المرة 26 مرشحا، من أبرزهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد مرشح حزب (تحيا تونس)،
والرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، وعبد الفتاح مورو رئيس مجلس النواب بالإنابة، ووزير
الدفاع المستقيل عبد الكريم الزبيدي، ورئيس الحكومة الأسبق مهدي جمعة.