تبدأ غدا السبت جولة جديدة من المفاوضات حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية، تجدد معها الأمال بشأن حدوث انفراجة للوضع في شبه الجزيرة الكورية بعد أن بدا أن الجانبين وصلا إلى طريق مسدود مع فشل المفاوضات بينهما في العاصمة الفيتنامية هانوي في شهر فبراير الماضي.
وفي تطور مفاجئ، ورغم إجراء كوريا الشمالية عدة تجارب على إطلاق صواريخ باليستية أخرها أمس الأول الأربعاء بإطلاق صاروخ بوكجوكسونج-3 من على متن غواصة، أعلنت بيونج يانج يوم الثلاثاء عقد محادثات مع واشنطن يوم غد السبت على مستوى العمل، وتلاها أمس الخميس تأكيد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعقد محادثات في وقت قريب دون تحديد موعد محدد.
وتوجه مسئولون من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية اليوم الجمعة إلى العاصمة السويدية ستوكهولم لعقد محادثات أولية قبيل عقد محادثاتهم النووية الرسمية على مستوى العمل، غير أنه لم يتم الإعلان عن وقت ومكان اجتماع اليوم، والذي بدا أنه إشارة من الجانبين إلى رغبتهما في التركيز على المحادثات بعيدا عن التأثيرات الخارجية.
وتأتي هذه المحادثات بعد توقف دام عدة أشهر، بسبب عدم تقارب وجهات النظر في المفاوضات وإصرار كلا الجانبين على التمسك بموقفه، والذي بدا أنه تأثر بالاتفاق النووي مع إيران وانسحاب الإدارة الأمريكية منه، بالإضافة إلى التوترات الناجمة عن ردود فعل كوريا الشمالية الغاضبة إزاء التدريبات العسكرية المشتركة لكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
وكانت المفاوضات بين الزعيم الكوري الشمالي كيم يونج أون والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في العاصمة الفيتنامية هانوي قد فشلت بسبب إصرار كوريا الشمالية على رفع العقوبات قبل التخلي عن برنامجها النووي والصورايخ الباليستية، وإصرار واشنطن على تخلي بيونج يانج عن برنامجها قبل رفع العقوبات.
وعلى الرغم من اللقاء الذي جمع بين ترامب وكيم على المنطقة الحدودية بين الكوريتين في اواخر يونيو الماضي والذي ظهر فيه الزعيمان بصورة ودية، كما أنه ولأول مرة يدخل رئيس أمريكي كوريا الشمالية إلا أن العلاقات ظلت متوترة بين الجانبين في ظل التعنت المستمر في المواقف.
إلا أنه يبدو أن هناك أمرا مغايرا في المفاوضات المرتقبة ورغم إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ باليستي من على متن غواصة في إصرار من كوريا الشمالية على موقفها، إلا أن الرئيس الأمريكي قال إن المفاوضات ستجرى كما هو مخطط له.
وذكرت صحيفة رودونج المتحدثة باسم حزب العمل الحاكم في كوريا الشمالية بأنه ليس مجرد استعراض لأسلحتنا الاستراتيجية فقط بل هو أيضا بيان صارم موجه الى العالم أجمع الأمر الذي فسره المراقبون بأن كوريا الشمالية تعتزم عدم قبول مطالب الجانب الأمريكي أحادية الجانب وذلك مع التركيز على استعداداها بالقوة العسكرية الكافية لمواجهة الضغوط من القوى المعارضة لها.
ويبدو أن الرئيس الأمريكي يسعى لتغيير سير الأحداث وتخفيف الضغوط الداخلية المتعلقة بالتحقيق الذي يسعى إليه الديمقراطيون من أجل عزله، على خلفية طلبة من الرئيس الأوكراني فتح التحقيق في قضايا تتعلق بمنافسه الديمقراطي جو بايدن وابنه الأمر الذي اعتبر طلب تدخل أجنبي في الشئون الداخلية للبلاد، وذلك من خلال الدخول في مفاوضات مع كوريا الشمالية والسعي لإنجاحها .
وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض في رده على سؤال عما إذا كانت كوريا الشمالية قد قطعت شوطًا كبيرًا في إطلاق الصواريخ البالستية،"إنهم يريدون التحدث، وسنتحدث إليهم قريبا. "سنرى".
بعد ذلك بيوم، أطلقت بيونج يانج صاروخا بالستيا من غواصة جديدا قبالة ساحلها الشرقي في خطوة من المرجح أن تعزز من نفوذها قبل المحادثات عالية المخاطر.
إلى جانب صواريخها الباليستية العابرة للقارات، يُعتبر برنامج الصواريخ الباليستية التي تطلق من غواصات لكوريا الشمالية أحد أكبر التهديدات للولايات المتحدة وحلفائها، بحيث يمكن تمديد مدى الصواريخ النووية الكورية الشمالية. ومن الصعب أيضا اكتشاف هذه الصواريخ قبل خروجها من الماء.
وتوجه كبير المفاوضين النوويين لكوريا الشمالية، كيم ميونج جيل، إلى ستوكهولم عبر بكين يوم الخميس، والذي أعرب عن تفاؤله وقال للصحفيين في مطار بكين الدولي "نحن (نتوجه) إلى مفاوضات على مستوى العمل مع الولايات المتحدة". "بما أن الجانب الأمريكي أرسل إشارة جديدة ، فأنا أحمل توقعات كبيرة وتفاؤلاً، وأنا متفائل أيضًا بالنتائج".
لم يعقد الجانبان مفاوضات رسمية منذ انتهاء القمة الثانية بين ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم يونج أون في فبراير دون التوصل إلى أي اتفاق.
ومن المتوقع أن تركز المحادثات الجديدة على إيجاد أرضية مشتركة بين مطالب الولايات المتحدة لنزع السلاح النووي الكامل والشامل من كوريا الشمالية ومطالب بيونج يانج بتخفيف العقوبات وضمانات الأمن.
وفي حال حققت المحادثات تقدماً، فمن المتوقع على نطاق واسع أن تعقد قمة ثالثة بين ترامب وكيم قبل نهاية العام.
ولم يعلن حتى الأن عن مكان مفاوضات الغد ولا موعدها بالتحديد، ورغم التفاؤل الذي يظهر من الجانبين حول المفاوضات إلا أن شخصية الزعيمين غير المتوقعة دائما ما يكون لها دور بارز في على نتائج أي جولة مفاوضات، وكما أن اللقاء بين الزعيمين على الحدود بين الدولتين لم يكن متوقعا وجاء غريبا، فإن نتائج محادثات الغد غير متوقعة ولا يمكن التكهن بها.