«الاتحاد من أجل المتوسط»: مصر دولة رائدة بالمنطقة لنجاحها في الإصلاح الاقتصادي وتحسين معدلات النمو
أكد أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط السفير ناصر كامل، أن الاستراتيجية القومية التي وضعتها مصر من أجل تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة يجعل النظر إليها على أنها دولة "رائدة" في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف السفير ناصر كامل - في تصريحات له اليوم السبت بمناسبة انعقاد المنتدى الإقليمي الرابع للاتحاد من أجل المتوسط - إن الاقتصاد المصري يتسم بالديناميكية الكبيرة حيث حققت مصر معدلات نمو مرتفعة أعطتها أهمية خاصة لتؤثر بشكل إيجابي على الآليات والأطر العامة للاتحاد من أجل المتوسط.
وحول وضع ومكانة مصر داخل الاتحاد وبمنطقة المتوسط، أكد الأمين العام على أن مصر تعد دولة قوية صاحبة مواقف واضحة إزاء كل التحديات التي تواجه منطقة المتوسط، وتتعاون مع الاتحاد في المجالات كافة وعلى رأسها قطاع تمكين المرأة والمناخ والتوظيف، لافتا إلى أنها قد عادت منذ العام 2014 لتتبوأ مكانتها الطبيعية في محيطها العربي والإفريقي والمتوسطي.
وأكد أن مصر تتواجد بفاعلية في كافة محافل الاتحاد من أجل المتوسط ولها حضور قوي ومؤثر في كل أنشطته، كما أن صوتها مسموع بجميع محافل الاتحاد، لاسيما في المنتدى الإقليمي - الذي يعقد على مستوى وزراء خارجية دول الاتحاد - لما تمثله مصر من نموذج لدولة بجنوب المتوسط نجحت في تحقيق عملية إصلاح اقتصادي رائدة ومعدلات نمو ناجحة وفي خفض مستويات البطالة بشكل مؤثر.
وفيما يتعلق بالمنتدى الإقليمي الرابع المرتقب الخميس ببرشلونة، كشف الأمين العام عن أن وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد سيقومون خلال المنتدى بإعداد الأرضية اللازمة لانطلاقة جديدة للتعاون الأورومتوسطي، بإعادة تحديد أولويات الاتحاد في المرحلة القادمة وذلك عقب مرور ثلاث سنوات على خارطة طريق عمل الاتحاد والتي تم اعتمادها في 2017 .
وأشار إلى أن المنتدى الإقليمي الرابع يعد فرصة للاستماع إلى آراء ومقترحات وزراء الخارجية حتى تستطيع المنظمة ترجمة هذه الاّراء إلى برامج عمل يتم وضعها أمام الوزراء في النسخة الخامسة للمنتدى عام 2020 تزامنا مع احتفال الاتحاد من أجل المتوسط العام المقبل بمرور ٢٥ سنة على استحداث هذا الإطار من التعاون الأورومتوسطي وهو ما أطلق ببرشلونة عام ١٩٩٥ ويعرف باسم "عملية برشلونة".
وأضاف إن المنتدى الإقليمي الرابع سيشهد كذلك إعادة تقييم ومراجعة التقدم المحرز في مجالات التعاون كافة التي يغطيها الاتحاد اتصالا بالتكامل الإقليمي وموضوعات التعاون الرئيسية في مجالات البيئة والمناخ والتوظيف وتمكين المرأة.
ولفت إلى أنه للعام الرابع على التوالي ينعقد المنتدى الإقليمي للاتحاد، وهو ما يشير إلى انتظام آلية اتخاذ القرار على أعلى مستوى بالمنظمة وهو مستوى وزراء الخارجية، ويعد دلالة كذلك على مدى التزام الدول الأورومتوسطية بأهمية التعاون في إطار الاتحاد من اجل المتوسط، منوها بأن مستوى حضور وزراء الخارجية في المنتدى في نسخته الرابعة هذا العام هو الأعلى على الإطلاق مقارنة بالسنوات الثلاث الماضية.
وأوضح أن المنتدى الإقليمي سيتناول إضافة إلى الشق السياسي رفيع المستوى على مستوى وزراء الخارجية، جانبا آخر فني حيث يتم كل عام تنظيم حدث جانبي لتسليط الضوء على أحد القضايا الرئيسية في المتوسط، مشيرا إلى أن هذا العام قد تم اختيار قضية تأثير التغيير المناخي على منطقة المتوسط، لأن العالم كله أصبح أكثر إدراكا للتحديات المرتبطة بالتغيير المناخي أو الاحتباس الحراري و الدليل على ذلك قمة المناخ التي عقدت على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك الشهر الماضي وشارك فيها عدد من قادة العالم.
وقال" إنه نظرا للإدراك المتزايد لدى كافة الدول بأهمية التعاون في هذا المجال، فسيتم عرض دراسة خلال المنتدى الإقليمي الخميس المقبل حول تأثير التغيرات المناخية في منطقة المتوسط وكيفية مواجهتها، موضحا أن الاتحاد من أجل المتوسط وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة قد أسهم في تشكيل مجموعة علمية متخصصة مكونة من 80 عالما وعالمة من دول الاتحاد من أجل المتوسط ويقودها عالم ألماني وعالمة تونسية، وهذه المجموعة قد قامت بهذه الدراسة على مدار السنوات الثلاث السابقة لبحث تأثيرات ظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري على دول المنطقة الأورومتوسطية تحديدا.
وأضاف" وبالتالي كان من الملائم أن نوظف الاهتمام الإعلامي باجتماع وزراء الخارجية في المنتدى الإقليمي لنعرض نتائج هذه الدراسة وتوصيات مجموعة العلماء لحكومات الدول الأعضاء فيما يتصل بما هو مطلوب من إجراءات للتعامل مع ظاهرة التغير المناخي والحد من آثارها السلبية".
ولفت إلى أن هذه الدراسة التي تعرض لأول مرة هي الأولى من نوعها لأن معظم الدراسات المتعلقة بتغير المناخ، تكون مرتبطة بتعريف جغرافي قاري أي على مستوى القارات، إلا أنه لأول مرة تنظر دراسة إلى منطقة المتوسط كمنطقة واحدة وهذا هو الواقع العلمي لأن المنطقة الأورومتوسطية هي كتلة واحدة متشابكة ومترابطة فيما يتصل بهذه القضية.
ونبه أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط، في حواره الخاص مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن من أبرز خلاصات هذه الدراسة هو التحذير من أن منطقة المتوسط هي ثاني أكثر المناطق بالعالم تأثرا بظاهرة التغير المناخي بعد "منطقة انتارتيكا" وهي القارة القطبية الجنوبية.
وكشف السفير ناصر كامل عن أن قضية تغير المناخ ستكون أحد المحاور الرئيسية لتحرك الاتحاد من أجل المتوسط العام المقبل نظرا لأن هذه الدراسة توضح بدلائل الحاجة الملحة لتعاون إقليمي معزز وموثق لتتمكن المنطقة بشكل متكامل من مواجهة الآثار السلبية لهذه الظاهرة.
وأضاف إن الاتحاد سيركز خلال الفترة القادمة بجانب قضية المناخ على موضوعين رئيسيين وهما: توظيف الشباب وتمكين المرأة خاصة، وذلك لأن هناك حماسا شديدا من قبل دول جنوب البحر المتوسط وفِي مقدمتها مصر لوضع المرأة في مكانها اللائق من ناحية التعليم وفرص العمل والمشاركة السياسية والاضطلاع بمسئوليات تنفيذية.
وعن أبرز التحديات بمنطقة المتوسط، أوضح السفير ناصر كامل أن الإرهاب والهجرة غير الشرعية مازالا من أهم التحديات وذلك رغم أن حدة هذه الظواهر قد انخفضت إلى حد كبير العام الماضي، مضيفا" نعمل بالاتحاد من أجل المتوسط على معالجة هذه المشاكل من جذورها، وهي مشكلات مرتبطة بالتفاوت في النمو الاقتصادي بين شمال وجنوب البحر المتوسط و بقضية توظيف الشباب في الجنوب، وكذلك متصلة بقضية المناخ حيث إن تغير المناخ قد أدى إلى نزوح أفارقة في الدول التي تتعرض لموجات جفاف غير مسبوقة واستخدامهم منطقة جنوب المتوسط كمعبر للهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي".
وتابع" إن الاتحاد يعمل على مواجهة التحديات وحل المشكلات عبر بحث المسببات وتعريف وتحديد المناطق التي يمكن بسبب تعرضها لتغير المناخ أو لظروف اقتصادية صعبة أن تكون مصدرة للهجرة".
وأكد على ضرورة البحث عن حلول غائبة في التعامل مع بعض القضايا، مثل تنظيم الهجرة الشرعية وعدم الاكتفاء بضبط الهجرة غير الشرعية، وكذلك إنشاء اتفاقية شاملة لمنطقة تجارة حرة أورومتوسطية، فحتى الآن لا توجد سوى اتفاقيات تجارة حرة بين دول الجنوب كلا على حدة مع الاتحاد الأوروبي.
وحول تقييمه لمستوى العلاقات والتعاون بين دول شمال وجنوب المتوسط، نوه السفير ناصر كامل إلى وجود تقدم في العلاقات و قدر كبير من التعاون بين دول الشمال والجنوب في الكثير من القضايا، مذكرا بأن الشريك الاقتصادي الأول لجنوب دول البحر الأبيض المتوسط هو الاتحاد الأوروبي.
وأضاف" إن انخراط مؤسسات الاتحاد الأوروبي والاتحاد من أجل المتوسط في رعاية وتشجيع وتعزيز أطر للتعاون في جميع المجالات مع جنوب المتوسط موجودة بالفعل وتعمل بشكل متميز، إلا أنه مازال هناك الكثير من العمل يتعين القيام به ليصل التعاون بين ضفتي المتوسط للمستوى المأمول ويعود بالنفع على شعوب منطقتنا".