خبير سياسي: مصر حرصت على المفاوضات المباشرة حول سد النهضة.. ودخول وسيط أحد الحلول
قال الدكتور رمضان قرني، خبير
الشئون الأفريقية، إن المصريين ينظرون لنهر النيل تاريخيا على أنه أصل الحضارة ، فإذا كان نهر النيل يمثل لإثيوبيا مصدر للتنمية والطاقة، فهو أصل
الحياة في مصر، مشيرا إلى أنه حينما تحددت حصة مصر بنهر النيل عبر الاتفاقيات
التاريخية الموقعة كانت واضحة بشكل كبير ضمن اتفاقيات وقعت مع الدول ومنها إثيوبيا
مع الإمبراطور منليك.
وأضاف في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، إن رفض إثيوبيا للاتفاقيات التاريخية هو حديث مغالط ويخالف الواقع
التاريخي، فضلا عن أن هناك مبدأ في الاتحاد الأفريقي وهو موروثية هذه الاتفاقيات
التي تمت في الفترة الاستعمارية وخاصة اتفاقيات الحدود، والتشكيك في هذه
الاتفاقيات يفتح بابا من الجدل داخل القارة بأكملها.
وأكد أن حصول مصر على حصة 55.5
مليار متر مكعب من مياه النيل، كان عندما بلغ عدد سكان مصر حينها قرابة 40 مليون نسمة لكن الآن فالعدد يقارب
مائة مليون نسمة ومن ثم دخلت مصر مرحلة الفقر المائي، والتقليل من هذه الحصة هو
أمر في غاية الخطورة لذلك أكدت مصر أن قضية مياه النيل هي حياة ووجود.
وأشار إلى أن مصر بدأت المفاوضات
بروح التعاون والعدالة والقواعد القانونية والأعراف الدولية المنظمة للأنهار الدولية،
وكان الحرص المصري أن تكون المفاوضات مباشرة مع الطرفين الإثيوبي والسوداني ولم
تكن هناك رغبة في خروج المفاوضات عن هذه الأطراف، مضيفا إن إثيوبيا شرعت في بناء
سد النهضة تحت عدة مسميات في 2011.
وأضاف إن هذه الفترة كانت مصر
تعاني من حالة غياب الدولة، كما أن توقف المفاوضات والمباحثات جاء في الفترة التي
تعيشها السودان منذ أكتوبر 2018 حتى اللحظة الراهنة، مشيرا إلى أن هذه التوقيتات
تؤكد عدم وجود حسن نية لدى الجانب الإثيوبي، فيما أكدت مصر مرارا مبادئ حسن النية
وروح التعاون وهو ما نص عليه اتفاق المبادئ.
وأكد أن المادة الخامسة من اتفاق
المبادئ تتناول عن عملية إدارة السد، إلا أن الطرف الإثيوبي قدم رؤى مخالفة عما تم
الاتفاق عليه في 2015، مشيرا إلى أن البيان المصري أمام البرلمان وعقب المفاوضات يوضح
أننا أمام أفق مسدود من المفاوضات مع الطرف الإثيوبي.
وأشار الخبير السياسي إلى أنه
بالرغم من ذلك لا تزال مصر في مرحلة المفاوضات ولم تنسحب منها، ولا تزال تعلي
قواعد القانون الدولي، ولا زال أمامنا ثلاث آليات تتحرك بصددها مصر، مضيفا إن
الآلية الأولى هي الدعوى لاجتماع تساعي لوزراء الخارجية والري ورؤساء أجهزة مخابرات
الدول الثلاث.
وتابع أن هذا الاجتماع ربما يكون
خطوة للدعوة إلى قمة رئاسية في الفترة المقبلة، لأن القضية هي قضية سياسية وليست
فنية، مضيفا إن الآلية الثانية وهي وفقا لاتفاق المبادئ والمادة العاشرة دخول وسيط
رابع، في ظل التصريحات الأمريكية بالدعوة لروح التعاون في المفاوضات وترحيب مصر
بهذا الطرح، واحتمالية دخول الطرف الأمريكي كوسيط، والذي قد يكون أحد حلول الأزمة
إذا فشلت الحلول المباشرة.
وقال إن الطرح الدولي للقضية أمام
مجلس الأمن وعرض مدى إضرار هذه الأزمة بحياة المواطنين والأمن الإقليمي المصري
والشرق الأوسط وحوض النيل ككل هو الآلية الثالثة، مؤكدا أن الطرف الإثيوبي لا زال
يؤكد أن هناك مفاوضات، ومن المهم تفعيل الآلية السياسية ما قد يؤدي للوصول إلى
توافقات وتفاهمات جديدة احتراما لاتفاق المبادئ الموقع في 2015.