رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


استخبُّوا فى حضن الإله

12-4-2017 | 12:57


بقلم – مدحت بشاي

بالدم اللى على ورقهم سال / فى قصر الأمم المتحدة / مسابقة لرسوم الأطفال / أيه رأيك فى البقع الحمرا / يا ضمير العالم يا عزيزى / دى لطفلة مصرية سمرا / كانت من أشطر تلاميذى / دمها راسم زهرة / راسم راية ثورة / راسم وجه مؤامرة / راسم خلق جبارة / راسم نار / راسم عار.

هكذا كتب الرائع « صلاح جاهين « عقب مجزرة « مدرسة بحر البقر « التى نعيش ذكرى مرور٤٧ سنة على ارتكابها هذا الأسبوع، وكانت بعنوان « الدرس انتهى، لموا الكراريس « .. لقد كانت جريمة اغتيال براءة الطفولة بتلك الوحشية الغادرة على أولاد مدرسة بحر البقر حدثاً هز ضمير العالم فى كل الدنيا حتى ضمير حلفاء الكيان الصهيونى المجرم مُرتكب فعل المجزرة لم يتوانوا عن إعلان رفضهم لتلك الجريمة.

محمد عبد المعطى كان من أطفال بحر البقر اللى نجوا، والتقت به صحفية اليوم فى ذكرى المذبحة، فقال عن اليوم ده « فضلت ٢٢ يوما فى غيبوبة والرئيس عبد الناصر جاب لى حقنة من ألمانيا وأرسل لى ٥ جنيهات فى جواب ميرى « .. وغيرها ذكريات كثيرة حكى عنها من عاشوا ذلك الحدث البشع، إنهم كانوا ضحايا للوحشية الإسرائيلية، التى قصفت طائراتها مدرستهم عام ١٩٧٠ بخمس قنابل وصاروخين، حملتها طائرات الفانتوم الأمريكية لتمزق أجسادهم، فامتزجت أشلاؤهم ودماؤهم بالكراريس والكتب وساندوتشات قليلة فقيرة لم يمهلهم القدر لتناولها قبل المجزرة التى راح ضحيتها ٣٠ طفلا شهيدا، بينما تركت بصماتها على أجساد ٥٠ طفلا آخرين قضوا حياتهم بأجساد مشوهة ومعاقة.

تأتى ذكرى مجزرة مدرسة بحر البقر، ونحن نعايش حدوث مجازر لا تقل بشاعة ووحشية وضراوة عن مجزرة بحر البقر لأشقاء وأولاد أو أحفاد أطفال تلك المدرسة، وإذا كان المجرم فى الحالة الأولى عدوا تاريخيا غادرا مُحتلاً لسيناء ، فالعدو الآن منا ــ وياللبشاعة والوضاعة والنذالة ــ مصرياً كان أو عربياً ..

لقد كنا نعيش مع العدو الإسرائيلى حالة عداوة تاريخية ــ ولا زالت على الأقل على المستوى الشعبى والإنسانى ــ فما بيننا هو صراع وجود تاريخى سقط على إثره ضحايا على مدى عقود سوداء، وهو ما يبرر وجود تلك الحالة من الكراهية البغيضة، أما فى الحالة الثانية فعدونا من أولاد وأحفاد حسن البنا وما نلاقيه منهم من مشاعر الكراهية البغيضة شديدة السواد للبشر والحجر والجمال والإبداع على أرض الوطن نجد صعوبة فى تفسير حالة تناميها مع مواطنيهم بشكل عام، ومع الأقباط بشكل خاص.

مع تكرار أحداث استهداف الأقباط وكنائسهم وبيوتهم ومتاجرهم وتكرار ردود فعل مؤسسات الدولة ومشاهد الجنازات والجلسات العرفية نجد تعليمات واضحة من رئيس الجمهورية .. الرئيس يوصى بعدالة ناجزة فتأتى متأخرة أو لا تأتي، يطالب بتعديل قوانين لتتوافق مع ماجاء فى الدستور ولا من مجيب من جانب البرلمان .. يصرخ الرئيس ألماً ويقول « سأحاجيكم يوم القيامة لو لم تصلحوا من شأن الخطاب الدينى، وكأنه كان يصرخ فى وادى المتاهات .. يطالب الأقباط فى مصر بعدم تغييبهم فى مناهج التاريخ فلا يعقل اختفاء وإسقاط ٦ قرون، ولا من يسمع ولا من مجيب .. يعلنون ألمهم من غياب وجودهم فى وسائل الإعلام حيث لا برامج دينية مسيحية ولا إذاعة لقداس الأحد على الهواء فهم كم مهمل مهما تنامى دورهم الوطنى والإنسانى .. يصرخ المجتمع المدنى لمتخذ القرار أن ألغوا وجود الأحزاب الدينية استجابة لمواد الدستور فيكون رد الفعل منح تلك الأحزاب ما يريدون من فرص ظهور سياسى وإعلامى !

تعال عزيزى قارئ مجلتنا « المصور » أطلعك على فحوى رسالة شاب مسيحى يائس محبط بعد أحداث الإسكندرية وطنطا ــ اكتبها بحروفه ــ وقد انتشر وجودها على صفحات التواصل الاجتماعى .. كتب الفتى» متغيرش صورة البروفايل بتاعك كالعادة .. متشيروش وتنشروا صور الأشلاء والجثث .. متكتبوش أخبار نصها حقيقى ونصها مزيف .. متنشروش الاكتئاب بين الناس .. الناس مش ناقصة .. متعملوش زى أصحاب أيوب اللى قال لهم « مُعزون مُتعبون كلكم ».. اللى عنده كلمة حلوة تدى سلام وراحة للقلوب المتألمة يقولها .. واللى معندوش يسكت .. اللى حصل هيتكرر .. والعالم من ضيق إلى ضيق .. الحل مش فى الكلام والبكا والشكوى ، الحل فى الصلاة .. الشهيد اللى سبقنا على السما لو اتكلم هيقول نفس اللى قاله يسوع المصلوب « لا تبكين على بل ابكين على أنفسكن » .. اللى بعيد عن ربنا يقرب واللى عايش فى خطية يتوب .. استخبوا فى حضن ربنا .. فى حضن الكنيسة .. انزلوا البصخة .. عزوا بعضكم البعض .. أغضبوا ولا تخطئوا .. صلوا وبس ...»

هل ترون يا فخامة الرئيس أن الحل فى مجلس أعلى لمقاومة الإرهاب؟! هل سيدعى حقا لعضوية المجلس علماء الاجتماع وعلوم السياسة والنفس والإعلام من رموز الاستنارة ؟... وإذا تم ضمهم هل ينصت لهم رموز مؤسساتنا الدينية والدخول فى حوار وطنى حقيقى ؟.

سيدى الرئيس، لقد كان لنا فى المجلس الأعلى للتعليم حدوتة سيئة، فقد ضم مجموعة هامة من أهل الخبرة والكفاءة وكانت له توصيات، فهل عمل بها وزراء التعليم والتعليم العالى والبحث العلمى ؟!

وبمناسبة المشهد الجميل الطيب لمشاركة أقباط ومسلمى طنطا فى حفر وتجهيز مقابر للشهداء على أرض لمطرانية بسرعة ومودة وحب وتعاون، أذكر بأبيات أمير الشعراء أحمد شوقى.

الحق أبلج كالصباح لناظر

لو أن قوما حكموا الأحلاما

أعهدتنا والقبط إلا أمة للأرض واحدة تروم مراما

نعلى تعاليم المسيح لأجلهم ويوقرون لأجلنا الإسلاما

هذى ربوعكم وتلك ربوعنا متقابلين نعالج الأياما

هذى قبوركم وتلك قبورنا متجاورين جماجما وعظاما

فبحرمة الموتى وواجب حقهم عيشوا كما يقضى الجوار كراما

الدين للديان جل جلاله ولو شاء ربك وحد الأقواما.