رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«ياملك السلام.. اعطنا سلامك»

12-4-2017 | 13:10


بقلم –  رامى عطا

من الملاحظ، وبشكل واضح، تزايد وتيرة الحوادث الإرهابية خلال الفترة الأخيرة، وبالأخص عقب ثورة ٣٠ يونيه ٢٠١٣م، ما بين حوادث إرهابية تشهدها سيناء على الحدود الشمالية الشرقية، وحوادث أخرى متفرقة في عدد من مدن الداخل، مؤخرًا في القاهرة وطنطا والإسكندرية، وهي حوادث استهدفت كمائن للشرطة وعددًا من رجال الجيش، بالإضافة إلى عدد من دور العبادة الخاصة بالمواطنين المصريين المسيحيين، ربما أبرزها حادث الكنيسة البطرسية بالعباسية قبيل عيد الميلاد المجيد (ديسمبر ٢٠١٦م) وكنيسة مار جرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية قبيل عيد القيامة المجيد (أبريل ٢٠١٧م).

وثمة مجموعة من الملاحظات الرئيسية التي قد تصلح تفسيرًا للظاهرة الإرهابية التي باتت تطل علينا بين الحين والآخر، هنا وهناك، ما يتطلب وقفة مجتمعية حاسمة.

أولًا: ثمة تحول نوعي في طبيعة الحوادث الإرهابية التي شهدها المجتمع المصري، فمن مواجهة رجال الشرطة والسُيّاح الأجانب في فترة سابقة، إلى حوادث الاعتداء على المواطنين الأقباط رغبة في زعزعة الأمن والاستقرار وضرب علاقات الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، ثم مواجهة الجيش، ومؤخرًا حوادث تفجير الكنائس من الداخل، وهو تطور يحمل الكثير من الخطورة بلا شك على أمن وسلامة هذا الوطن، ما يتطلب يقظة أمنية كبيرة، توازيها دراسة أكثر عمقًا لسُبل الإرهاب وآلياته في ظل التطورات الأخيرة المتلاحقة، عبر مشروع بحثي يتبناه علماء النفس والاجتماع والتاريخ والسياسة والإعلام وخبراء الأمن ورجال الدين وغيرهم ممن له صلة بتحليل وتفسير تلك النوعية من الجرائم.

ثانيًا: تتنوع مخاطر الإرهاب لتشمل أبعادًا سياسية واقتصادية واجتماعية، تؤثر على حاضر الوطن ومستقبله، وتؤكد لنا أن الأعمال الإرهابية موجهة ضد الجميع من مسلمين ومسيحيين، رجال الشرطة والجيش والمواطنين المدنيين الأبرياء، الرجل والمرأة، الشباب والشيوخ والأطفال، فالإرهاب بتبعاته لا يخص فئة دون أخرى.

ثالثًا: علينا أن نعترف أن الديانة الإسلامية، ومعها كافة الأديان، بريئة من جريمة الإرهاب، ذلك أن جوهر الأديان هو الدعوة لقيم المحبة والتسامح والتعاون والسلام وغيرها من قيم العيش المشترك البناء، بينما تتسم العناصر الإرهابية برؤى متشددة وأفكار متطرفة يبثونها في خطاباتهم وأفعالهم على السواء، فالإرهابي ليس هو الشخص الذي يقوم بأعمال عنف فحسب لكنه أيضًا من يصرح بخطاب تكفيري يرفض الآخر ويدعو لنبذه ويفتح المجال لممارسة العنف ضده.

رابعًا: من يتتبع تاريخ الإرهاب في المجتمع المصري يكتشف كيف أن الحوادث الإرهابية لم تستطع، على الرغم من بشاعتها، أن تضرب العلاقات المشتركة بين مكونات الجماعة الوطنية المصرية، وهي علاقات تاريخية تمتد لقرون كثيرة مضت وتستمر في الحاضر وتتطلع لمستقبل أفضل وتجاوز توترات الحاضر، بل على العكس فإن تلك الحوادث ساهمت في تقوية هذه العلاقات ودعمها بشكل إيجابي، ولعل المتابع لشبكات التواصل الاجتماعي (مثل: فيس بوك وتويتر) يمكنه إدراك ذلك بسهولة، بالإضافة إلى الاتصال الشخصي وممارسات الحياة اليومية بين المواطنين بعضهم بعضًا، فعقب حادثتي كنيسة طنطا وكنيسة الإسكندرية الأحد الماضي، الذي وافق الاحتفال بأحد الشعانين، سارع المواطنون المسلمون إلى تقديم واجب العزاء لإخوانهم المسيحيين واستنكار تلك الأحداث الغريبة والتبرؤ منها ورفضها كلية.

خامسًا: يومًا بعد آخر يتأكد لنا أن مواجهة الإرهاب عملية مشتركة، تتطلب تضافر كافة القوى وتكامل كل الجهود ومشاركة الجميع من جيش وشرطة ووزارات معنية مثل الثقافة والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي والأوقاف، ومؤسسات المجتمع المدني، والمواطنين في القلب من كل مؤسسة.

سادسًا: حقيقة واضحة وضوح الشمس وهي أن الإرهاب عمل دولي، شهدته الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية والعربية، وهنا لابد من «عولمة» المواجهة في إطار من التنسيق الدولي بين الدول والمؤسسات الدولية.

سابعًا: إذا كان الحل الأمني مطلوب ومهم في التعامل الآني مع حوادث الإرهاب على المستوى القريب، فإن الحل على المستوى البعيد يتطلب تضافر كافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وتشمل الأسرة والمؤسسات الدينية والتعليمية والشبابية والإعلامية والرياضية، وغيرها، من أجل حماية الشباب والنشء الصغير من الوقوع في فخ التشدد والتطرف والتحول إلى إرهابيين.

أعزائي.. على أبواب عيد القيامة المجيد، الذي يحتفل به المواطنون المصريون المسيحيون، أقدم تهنئة وعزاء، أو عزاء وتهنئة، إذ لست أدري على وجه الدقة أيهما يسبق الآخر، لكن من المؤكد أن الوطن أولى وأبقى، داعين الله سبحانه وتعالى أن يرحم جميع الشهداء الأبرار من رجال الجيش والشرطة والمواطنين المدنيين الأبرياء، وأن ينعم بالسلام على وطننا الغالي مصر.

صلاة..

من صلوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي يرددها المصلون كثيرًا طوال فترة أسبوع الآلام «يا ملك السلام أعطنا سلامك قرر لنا سلامك واغفر لنا خطايانا».