نظرية تكرار البصمة الداعشية .. تؤكد استمرار تفجير الكنائس
بقلم – د.ناجح إبراهيم
أولا : المسيح بن مريم رسول من أولى العزم من الرسل من لا يؤمن برسالته من المسلمين لا يعد مسلماً، هذا الرسول الكريم هل سنسعده بقتل أبنائه من النساء والأطفال والرجال، ألا يخاف أمثال هؤلاء من غضب الله وأنبيائه.
.. الدماء هى الخط الأحمر الذى ينبغى للجميع أن يتوقف عنده، وأعتقد أن هذه الدماء المعصومة التى تسيل كل يوم فى مصر هى سبب الشؤم والخراب والدمار الاقتصادى والاجتماعى والسياسي، الذى أصابها، فكل طائفة تستبيح الأخرى وتريد إقصاءها من الحياة كلها، الدم الحرام هو أكبر معصية على الإطلاق بعد الشرك بالله ، ولزوال الدنيا أهون على الله من قتل نفس بغير حق ، فالله لن يرضى عن قوم يقتل ويفجر بعضهم بعضاً، أو يسجن ويعذب بعضهم بعضاً.
ثانياً: إذا كان الإسلام قد أقر غير المسلمين على أديانهم وعقائدهم وكنائسهم ومعابدهم فكيف يجرؤ متطرف أحمق غادر على تفجير الكنيسة التى أوجب الله على المسلمين حمايتها ، فلم يأمر الإسلام بحماية ورعاية المساجد فحسب، ولكن حماية وحراسة الكنائس ألم يقل الله تعالى « وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا» والصوامع هى بيوت الرهبان المسيحيين، والبيع هى كنائس المسيحيين، والصلوات هى معابد اليهود ومفردها «صلوتاً «، وجعل دفاع المسلمين عنها دفاعا مشروعا عن الدين والأوطان، ونوعاً من الدفاع الشرعى المحمود.
.. فى يوم عصيب و طويل طول الألم من أيام مصر الأحد ٩ أبريل ٢٠١٧ تم تفجير كنيسة مارجرجس بطنطا ... و هو نفس اليوم ٩ أبريل الذى افتتحت فيه أول صلاة منذ قرابة سبعين عاما فى نفس الكنيسة ..
أيام الصفاء والوداد بين المسلمين والأقباط أحالتها الخلايا الداعشية إلى أيام كدر وبكاء وعويل و تساؤلات حائرة ....لماذا؟ و كيف ؟؟ ولمصلحة من يجرى ذلك ؟ وبأى ملة يدين هؤلاء الذين يحترفون القتل ويمتهنونه بدلا من مهنة الإحياء التى أمر الله بها كل عباده « و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا»
بدأت الأحداث الجسام بمقتل أبو أنس سالم سلام حمدين القائد الفعال
والمؤثر فى تنظيم داعش بسيناء فى عملية نوعية نادرة .
كان أبو أنس يلقب ب «بن لادن سيناء» لقرب الشبه بينه وبين بن لادن
وكذلك التأثير فى تنظيمه ..
كان التنظيم قد اصطدم بالأهداف الصلبة مثل الجيش والشرطة فى سيناء فمنى بخسائر جسيمة ... و أدرك أن استمراره فى مهاجمة هذه الأهداف الصلبة ستنهى التنظيم تماما ..
عمد إلى ما يسمى بالأهداف الرخوة مثل السياحة أو الكنائس ... توقفت السياحة بعد تفجير الطائرة الروسية ... و ما يدخل مصر منها يؤمن تأمينا جيدا .. بقيت الكنائس و المسيحيون .. استهدفوا أقباط العريش مضايقات مطاردات وقتل .. حتى اضطروهم للخروج من مثلث العريش رفح والشيخ زويد ..
بدأوا فى استهداف الكنائس جربوا فى الكنيسة البطرسية ..نجحت التجربة .. حققت دويا هائلا .. سمع العالم كله بداعش مصر .. اهتزت مصر
والعالم ألما للحادث أطربهم ذلك وأسعدهم ..صمموا على الثأر لقائدهم .. لم يكن لهم وجود يذكر فى محافظة الغربية والإسكندرية ... تتمتعان بهدوء أمنى كبير منذ فترة ..كانت الشرقية و القليوبية والأطراف الشمالية للقاهرة الكبرى معقلا للتكفيريين و الدواعش قضت الدولة عليهم وخاصة بعد اكتشاف وتدمير أكبر وكر لداعش فى القاهرة الكبرى فى عرب شركس بالقليوبية وتدمير مجموعات أنصار الشريعة بالشرقية ...
كونت داعش خلايا جديدة فى الغربية والإسكندرية .. الخلية لا تحتاج لأكثر من أربعة .. انتحارى و ثلاثة يساعدونه فى اللوجستيك
الخلية التى فجرت الكنيسة البطرسية لم يزد عددهم عند أربعة كل خلية تفجر كنيسة يمكن أن تهز مصر والعالم كله .. والأهداف الرخوة موجودة فى كل مكان .. و التأمين عليها بسيط ورخو مثل الهدف ...لا بوابات إلكترونية ولا كاميرات إلا فى الكنائس الكبرى ... هناك معضلة كبرى فى تأمين الكنائس ودور العبادة عموما فالأصل أنها مفتوحة للجميع
والتشديد والتدقيق الأمنى قد يتسبب فى ضيق المصلين والمترددين
وخاصة فى أيام الأعياد والمناسبات والاكتظاظ .. كيف تؤمن هذه الآلاف بدقة دون أن تضايق أحدا أو تعطل دخولهم و خروجهم و هم بالآلاف فى الأعياد و المناسبات هذه معضلة ..
بنفس الطريقة التى تم تفجير الكنيسة البطرسية تم تفجير كنيسة طنطا ..
وسيتم تفجير أخرى .. هناك نظرية عند داعش هى «نظرية تكرار البصمة» .. نجحت تجربة الدهس فى فرنسا فكررتها داعش حتى أصبحت أسلوبا متبعا فى العالم ينفذه كل انتحارى دون توجيهات أو تعليمات .. ونجحت داعش فى تفجير البطرسية ففجرت كنسية طنطا وحاولت تفجير كنيسة الإسكندرية لولا يقظة الأمن السكندرى وتصديه بصدره العارى للمحاولة .. و تقديمه تضيحات كبرى ..
ستتكرر محاولات تفجير الكنائس فى مصر بعد حين و لن تتوقف تطبيقا لهذه النظرية .. فلا ينخدع البعض بالتوقف قليلا
عملية طنطا والإسكندرية عمليات مخططة بدقة توقيتا ومكانا وزمانا وثأرا
ورسالة .. داعش عادت إلى الدلتا مرة أخرى .. و حاولت تكرار تجربة كنيسة القديسين مرة أخرى فى الإسكندرية .. نفس التنظيم هو الذى نفذ القديسين من قبل .. و لعبت نظرية المؤامرة وقتها بالعقول فاتهموا فيها حبيب العادلى الذى يعتبر أول من أضير من هذا التفجير .. واليوم تعود نظرية المؤامرة مرة أخرى إلى العقل المصرى الذى يعشق هذه النظرية التى تريحه و يقول أحدهم وهو للأسف أستاذ فى كلية الطب أن الحكومة هى التى دبرت ونفذت هذه التفجيرات لتغطى على موضوع تيران وصنافير.. عقول ساذجة لن تتحرر من أسر هذه النظرية البغيضة ... و يؤسفنى أن نظرية المؤامرة أصبحت مرضا عضالا فى الأطراف السياسية فى مصر
وغيرها ..
كان البابا تواضروس فى كنيسة مارمرقس بالإسكندرية .. لولا انتباه ضباط تأمين الإسكندرية وأخذهم الحذر بعد تفجير طنطا مباشرة لوقعت كارثة كان يمكن أن تقصم ظهر مصر .. وتحدث شرخا فى علاقة المسلمين بالمسيحيين لا تندمل أبدا .. الذى لم تتعلمه داعش أن الإسلام لم يأت ليقتل الناس و لكن ليحييهم و لم يأت لينفرهم و لكن ليبشرهم .. و لم تعلم أن كل الأنفس سواء فى العصمة دون تفرقة «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا»
نفس المسلم و المسيحى واليهودى والبوذى و الهندى و السنى والشيعى
والسلفى واﻹخوانى والجيش و الشرطة سواء فى العصمة .. و الأصل فى النفوس العصمة و ليس اﻹهدار.. و الأصل اﻹحياء و ليس القتل أو الموت أو الذبح
كيف نعيب على بشار وهو يقتل النساء والأطفال وتبيح داعش ذلك لنفسها .. ألم يستح أبو دجانة صاحب رسول الله أن يضرب بسيف رسول الله امرأة رغم أنها كانت تحارب فى صفوف المشركين وهو يرسى هذه القاعدة الأخلاقية العظيمة «أكرمت سيف رسول الله أن أقتل به امراة «
يا قوم الإسلام لا يناقض نفسه أبدا فهل يدخل الإسلام امراة مسلمة النار فى هرة حبستها فلم تطعمها أو تتركها تأكل من طعام الأرض وحدها وفى الوقت نفسه يجيز قتل النساء والأطفال أو المسيحيين فى أيام أعيادهم .. ألم يأمر الله بالدفاع عن الكنائس كما ندافع عن المساجد « وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا « فذكر كنائس النصارى و معابد اليهود .. يا قوم لقد رأى رسول الله عصفورة قلقة مضطربة فأدرك أنها تبحث عن أفراخها فقال «من فجع هذه فى أولادها ردوا عليها أفراخها» فقام صحابى برد أفراخها إليها
وقد أخذهم ليربيهم و يسعدهم ..
فالإسلام الذى أبى أن يفجع عصفورة فى أولادها هل يبيح لأحد أن يقتل الأطفال و النساء والشيوخ .. و يزرع اليتم والمآسى والاحزان فى كل مكان ..
الداعشيون الذين يزرعون الموت والمتفجرات لا حل لهم إلا الموت أما الذين قبض عليهم فى مظاهرة أو دخلوا السجن لانتماء سياسى مجرد أو لم تتلوث يداه بالدماء فهؤلاء الحوار معهم أجدى والمصالحة لهم أولى
وانفع فلتحتضن الدولة هؤلاء وتحارب بهم الإرهاب و داعش و ترميهم عن قوس واحدة
يا قوم قتل الأبرياء ليس من الإسلام فى شئ
تفجير الكنائس التى يجب علينا حمايتها من أعظم اﻵثام والمنكرات.
يا قوم .. الدماء هى الخط الأحمر التى ينبغى على الجميع التوقف عنده فى نزاعاتهم أو صراعاتهم أو خلافهم.
يمكننا أن نختلف فى الدين أو المذهب أو العرق و لكن ذلك لا يبيح لأحد أن يريق دماء الآخر .
يا قوم كفى تشويها للإسلام والدين لقد جعلتم الإسلام مضغة فى كل فم وجعلتم الناس يشكون فى الشريعة الإسلامية و جدواها فى صلاح المجتمع.