بقلم – محمد حبيب
بالتزامن مع وقوع تفجير كنيستى «مارجرجس» بطنطا و«مارمرقس» فى الإسكندرية، دشن بعض رواد موقع تويتر، هاشتاج «إرهابكم بيجمعنا»، وذلك ردا على التفجيرين الإرهابيين اللذين أسفرا عن وقوع عشرات الشهداء والمصابين الأحد الماضي.
عبر المشاركون فى هذا الـ«هاشتاج» عن حالة فريدة ونادرة يتميز بها الشعب المصري، وهى أن «الإرهاب بيقوى المصريين، ويزيد من ترابطهم، وتماسكهم»
«إرهابكم بيجمعنا ويفكرنا إننا شعب واحد والإرهاب لا دين له»
« إرهابكم بيجمعنا» لم يكن فقط «هاشتاج» أطلقه رواد تويتر وكفى، أو شعارا تم صكه لتجاوز الحادث، إنما واقع شاهناه فى طنطا والإسكندرية وفى محافظات أخرى، ففى مشهد مؤثر بمدينة طنطا هب مسلمون وأقباط معا من أجل التبرع بالدم للمساهمة فى إنقاذ ضحايا الاعتداء الإرهابى الذى هز كنيسة مار جرجس، فبعد ساعات قليلة من تفجير الكنيسة ، توافد المسلمون والمسيحيون إلى مسجد المنشاوى بطنطا، ليس من أجل صلاة الجنازة على أحد الضحايا، ولكن من أجل التبرع بالدم لإنقاذ المصابين فى الاعتداء الإرهابي.
وصدحت ميكروفونات المساجد «يا أهالى طنطا تبرعوا بالدماء لضحايا تفجير الكنيسة، أنقذ نفسا بدم وهبه الله لك بدون حول منك ولا قوة، التبرع بمستشفى المنشاوى العام»..وبالقرب من المسجد، اصطف شباب وفتيات وكبار وصغار السن أمام مكان التبرع بالدم، ولم يتردد مسيحيون فى دخول المساجد من أجل التبرع بالدم.
وغرد شباب «طنطاوي» على تويتر لمناشدة المتبرعين بالتعجيل إلى إنقاذ مصابين تم نقلهم إلى مستشفى المنصورة.
وحكى لى أصدقاء من طنطا، كيف بادر الشباب المسلم على اختلاف توجهاتهم السياسية إلى التوجه إلى المستشفيات التى يوجد فيها مصابون وتحتاج إلى نقل الدم، للتبرع بالدم ومناشدة أصدقائهم ومعارفهم للمجيء للتبرع، موضحين لهم مكان المستشفى الذى يحتاج للمساعدة، بسبب ارتفاع عدد الضحايا الذى خلفه التفجير، مشيرين إلى أن هذا هو أقل ما يمكن تقديمه للمسيحيين فى عيدهم الذى تحول إلى ذكرى أليمة على أعتاب أسبوع الآلام، بدلا من الفرحة فى أعقاب «الصوم الكبير».
لم يختلف الحال فى الإسكندرية ، فعقب تفجير المرقسية، شهد محيط الكنيسة، تواجد مئات المتظاهرين من المسلمين والمسيحيين، بمختلف المراحل العمرية متحدين الخوف والإرهاب، مرددين هتافات «مسلم ومسيحى إيد واحدة» وشيَّع المسيحيون والمسلمون معا شهداءهم.
وحتى فى جنازات شهداء الشرطة المسلمين الذين كانوا يحرسون الكنيسة المرقسية تحققت مقولة «إرهابكم بيجمعنا» ففى محافظة البحيرة شيّع الآلاف، جثمان الرائد عماد الركايبى، مسئول تأمين كنيسة المرقسية بالإسكندرية، الذى استشهد فى الحادث الإرهابى، كما جرى تشييع عريف الشرطة أمنية رشدى فى الإسكندرية ، وأطلقت السيدات من شرفات المنازل الزغاريد أثناء مرور الجنائز، بينما ردد المشاركون فيها هتافات «لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله»، و«لا إله إلا الله.. الإرهاب عدو الله».
ولأول مرة، قامت إذاعة القرآن الكريم بتغطية الأحداث الإرهابية بالكنائس، وقال حسن سليمان، رئيس شبكة القرآن الكريم، إن الشبكة سترصد التاريخ القبطى والإسلامى من خلال القرآن والأحاديث النبوية وتفسيرات كبار العلماء، وأكد أن ميكروفون الإذاعة سيظل مفتوحاً لآراء المستمعين المعتدلة التى ترفض الإرهاب.
وزار وفد من الأزهر كنيسة مار جرجس بطنطا، وضم الوفد أمين مجمع البحوث الإسلامية ورئيس قطاع المعاهد الأزهرية وعددا من المشايخ فى محافظة الغربية، وذلك بتوجيه من شيخ الأزهر.
وقبل ذلك أجرى شيخ الأزهر اتصالا هاتفيا بالبابا تواضروس لتقديم التعزية فى ضحايا التفجيرين الإرهابيين، مؤكدا إدانة الأزهر الشريف لهذين الحادثين الإرهابيين اللذين ترفضهما شريعة الإسلام وكافة الشرائع السماوية.
وكان من أبرز المشاهد نزول المسيحيون لأداء صلاة أول ليلة فى أسبوع البصخة المقدسة «أسبوع الآلام» فى طنطا وفى الإسكندرية، فى تحدٍ واضح للإرهاب المقيت.
لا نبالغ إذا ق لنا إن هذه الحوادث الإرهابية تقوى مناعة الجسد المصرى وتزيد تماسك ووحدة المسلمين والمسيحيين، حالة تشبه «الجغرافيا البشرية»، فالمسيحيون يختلطون فى البيوت والعمل والمقاهى مع المسلمين ، والموروث الثقافى والشعبى المشترك بينهما كبير. المصريون أصبحوا لا يهابون التفجيرات لأنهم اعتادوا على مثل هذه التصرفات، وتكاتف المسلمين والمسيحيين ليس جديدا عليهم لأنهم كلما شعروا بأن هناك خطرا يهدد مجتمعهم وتماسكهم سارعوا إلى اتخاذ الإجراءات والتصرفات التى تؤدى للحفاظ على هذا البلد ، ورسالتهم للإرهابيين لن تتحقق أهدافكم ، فـ«إرهابكم بيجمعنا».