خبراء دوليون: التعافى الاقتصادى بعد مرحلة النزاعات بأفريقيا يتوقف على الانسجام الاجتماعى وتعزيز الاستثمارات الخاصة.. والمجتمع الدولي يحتاج إلى إعادة النظر في وسائل توفير الدعم للدول في تلك المرحلة
أكد المشاركون في جلسة "تمويل التعافي الاقتصادي بعد النزاعات" التي عقدت ضمن فعاليات منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين اليوم أن تمويل التعافي الاقتصادي خاصة بعد النزاعات المسلحة يعد عملية غير عادية حيث يتطلب حشد طاقات تلك المجتمعات والتعاون مع المجتمع الدولي والمؤسسات المانحة لمواجهة التحديات الاقتصادية والفجوات التمويلية التي تواجه الدول النامية أو الأقل نموا، أو تلك التي تمر بمرحلة تحولات من الصراع إلى السلام.
وأضافوا أن التحول من مرحلة الصراعات إلى مرحلة السلام يجابه بتحديات عديدة تتمثل في هشاشة قدرات الدولة ومؤسساتها والبنية التحتية والبشرية المدمرة، وتمزق العقد الاجتماعي لتلك الدول وتنامي التوقعات بشكل غير واقعي ومبالغ فيه.
وأشاروا إلى أن المخاطر المتنامية بشأن إحتمالات الانزلاق إلى نزاعات أو إلى حالة طويلة من عدم الاستقرار يضعف قدرة الدول التي خرجت من نزاعات مسلحة على جذب الاستثمارات الخاصة سواء المحلية أو الأجنبية.
وأوضح أن المجتمع الدولي يحتاج إلى إعادة النظر في وسائل وطرق توفير الدعم للدول في مرحلة ما بعد النزاعات من أجل تعزيز عمليات بناء السلام وبناء الدول والتنمية المستدامة ومنع اندلاع النزاعات مجددا.
ودعا الخبراء المشاركون بالجلسة المجتمع الدولي أيضا إلى تطوير أدوات خلاقة لإطلاق العنان لإمكانيات القطاع الخاص بما فيها ضح المزيد من الاستثمارات وتوفير الخدمات وفرص التشغيل وتحسين مستويات المعيشة وتوفير المزيد من الموارد المالية للحكومات من خلال الضرائب باعتباره شريكا في السلام والتنمية المستدامين.
وشددوا على أهمية اتخاذ إجراءات فعالة لضمان الاستقرار المالي والتخفيف من حدة الصدمات الخارجية والتصدي لمشكلة أعباء الديون غير المستدامة لإتاحة الفرصة لاستغلال الموارد المحلية في الاستثمارات الاجتماعية والاقتصادية الضرورية وتحقيق التعافي الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتعزيز الانسجام الاجتماعي.
وأضافوا أن إرساء أسس النمو الاقتصادي المستدام والشامل لا يمكن تحقيقه إلا بعد التوصل لتسوية سلمية للصراعات وتنفيذ اتفاقيات السلام.
وأشاروا إلى أن عملية التخطيط للأمن الاقتصادي للشعوب يعد أمرا حيويا لا يقل في أهميته عن الأمن البشري وخاصة فيما يتعلق بإرساء دعائم السلام المستدام.
وأضافوا أن التخطيط للتعافي والنمو الاقتصادي يستلزم البدء في اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك منذ اليوم الأول لانتهاء النزاعات، مشيرين إلى أن اعتبارات الأمن الاقتصادي تستلزم تكاملها مع المساعدات السياسية والأمنية الرامية إلى حفظ السلام بما فيها علميات حفظ السلام.
وخلال الجلسة قالت أماني أبو زيد مفوضة البنية التحتية والطاقة بمفوضية الإتحاد الأفريقي إن السلام والأمن لن يؤتي ثماره بدون تحقيق التنمية وتطوير البنية التحتية.
وأضافت أن تكلفة العنف والنزاعات في العالم خلال عام 2018 بلغا 14.1 تريليون دولار تقريبا، وهو رقم ضخم جدا يستطيع العالم توفيره وتوجيهه للبنية التحتية والتنمية ليعيش الجميع في رخاء، مؤكدة أن نصيب القارة الأفريقية من هذه التكلفة يتجاوز تريليونى دولار وهو مبلغ كفيل بحل مشاكل البنية التحتية في القارة بأكملها سواء على مستوى الطاقة أو الطرق أو المواصلات أو الصرف الصحي.
واعتبرت أبو زيد أن الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس السيسي أطلق قبل عدة أسابيع برنامجا واحدا حول تنمية البنية التحتية في أفريقيا يتسم بالشمولية والإعتماد على تكنولوجيا الحديثة ويهدف لأن تكون القارة الأفريقية مترابطة وقوية، ويعزز من قدراتها التنافسية على المستوى العالمي.
وأوضحت أن الطاقة هي أساس أي تنمية ولا بد من تكاتف الجهود من أجل العمل على حل أزمات الطاقة في المنطقة، مشددة على أن السلام والأمن والتنمية باتت موضوعات مترابطة لا يمكن فصل أي منها عن الآخر.
وأوضحت أنه عند التفكير في حل النزاعات وإحلال السلام لا بد ألا يتم ذلك إلا من خلال خطة متكاملة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومن جانبه أكد أوسكار فرنانديز تارانكو مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشئون دعم بيان السلام أهمية منتدى اسوان للسلام والتنمية المستدامين باعتباره مدخلا حقيقيا لتنفيذ اجندتي السلام والتنمية في أفريقيا، مشيرا إلى ضرورة الربط بين حقوق الإنسان والتنمية المستدامة ونشر السلام.
وقال إن السلام المستدام هو مفهوم يفرض نفسه على المنظمات الإقليمية والدولية، وإن منتدى اسوان هو خطوة مهمة لتكريس مفهوم السلام ودعمه بأفريقيا.
وأشار إلى ان الصراعات في أفريقيا تؤثر بالتأكيد على الموارد الطبيعية للدول، وأن هذه الموارد هي من أساسيات تحقيق التنمية المستدامة، مطالبا الفاعلين الأساسيين الإقليميين والدوليين إلى التعاون مع أفريقيا لحل المشكلات التي تعيق تحقيق التنمية وأبرزها الفقر وانتشار النزاعات بالقارة.
ولفت إلى أن الامم المتحدة تقوم بدور كبير في افريقيا حيث استثمر صندوق بناء السلام حوالي 500 مليون دولار على مدى 3 سنوات منها 30% في افريقيا.
قال خالد الشريف نائب رئيس التنمية والتكامل الاقليمى والاعمال بالبنك الأفريقي للتنمية إن أفريقيا قارة غنية بمواردها الطبيعية ولكن الشعوب الأفريقية تعاني من الفقر المدقع، ففي أفريقيا 55 دولة منها 18 دولة يعيش سكانها على أقل من 2 دولار يوميا.
وأشار إلى ان أفريقيا تعاني من تحديات تتطلب رؤية يمكن من خلالها وضع الأسس والاستراتيجيات لتحقيق التقدم والتنمية مشددا على أهمية التحول من تصدير المواد الخام غير المصنع إلى تصنيعها داخليا قبل تصديرها لتعزيز قيمة الصادرات.
ولفت الشريف إلى ضرورة التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص لتعزيز السبل الرامية إلى مواجهة التحديات الأفريقية وجذب الاستثمارات إلى أفريقيا لنشر السلام ومن ثم تحقيق التنمية المستدامة.
حضر الجلسة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ومساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية المهندس شريف إسماعيل ووزراء الخارجية سامح شكري والكهرباء والطاقة الدكتور محمد شاكر والري والموارد المائية الدكتور محمد عبد العاطى ورئيس مجلس حكماء الإتحاد الأفريقي عمرو موسى.