معرض القاهرة الدولي للكتاب.. قِبلة المثقفين في مصر والعالم لأكثر من نصف قرن
حاملًا شعار "أفريقيا.... ثقافة التنوع" يسطح نجم عُرس مصر الثقافي السنوي، "معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال٥١"، لامعًا على مشارف القاهرة الجديدة من داخل مقر مركز مصر للمعارض الدولية بمنطقة التجمع الخامس، اعتبارًا من اليوم الأربعاء، وحتى الرابع من شهر فبراير المقبل ٠٠ يسطع ليكون كما كان دائمًا وعلى مدى أكثر من نصف قرن قِبلة المثقفين في مصر والعالم ٠
ويستمد معرض القاهرة الدولي للكتاب مكانته الدولية من تطلعه الدائم للمستقبل، حيث أبرمت الهيئة المصرية العامة للكتاب الكثير من الصفقات والاتفاقيات، التي بدورها حولت المعرض من مجرد سوق لبيع الكتب إلى مهرجان ثقافي كبير يشارك به كبار رواد الفكر والأدب والفن، كما أصبح ملتقى للندوات والمناظرات والاحتفالات الفنية والثقافية واللقاءات الفكرية التي تميزت بالنقاش الموضوعي العميق في مجال الثقافة وغيرها من الموضوعات المطروحة على الساحة، وغدى هذا الحدث الثقافي موضع اهتمام كبير من الجمهور المصري والمتخصصين من رجال الفن والأدب على السواء ٠
ويُعد المعرض الدولي للكتاب أداة لدعم العلاقات الثقافية والتجارية الدولية بين مصر ودول العالم ، حيث لم يقتصر دوره على عرض الروافد الثقافية المتعددة في كافة فروع العلم والمعرفة وفي مختلف المجالات من مصر والدول العربية والأجنبية المشاركة، بل تحول إلى مناسبة ثقافية كبرى يشترك فيها كبار رواد الفكر والأدب والفن عن طريق تنظيم ملتقى فكري وثقافي، حيث تبذل الهيئة المصرية للكتاب قصارى جهدها لتوفير مقومات النجاح لهذا العُرس الثقافي لتنقل لأبناء مصر كل جديد في الفكر الإنساني، وذلك بعرض أحدث ما صدر في السوق العالمية والعربية من كتب ودوريات علمية وقواميس ووسائط إلكترونية، إلى جانب إنتاج جمهورية مصر العربية ٠
لقد لعب المعرض منذ افتتاحه لأول مرة في عام ١٩٦٩ وحتى دورته الحالية دورًا تنويريا لنشر المعرفة وتوفير أجواء ثقافية وفنية عبرت عن مصر والعالم العربي، وتتميز دوراته بالتركيز على الكتاب كي يستعيد عرشه المفقود ويصمد أمام التحديات التي يفرضها الكتاب الإلكتروني، كما يركز على الفن بكل أنواعه، وصناعته من سينما ومسرح وغناء وفن تشكيلي باعتباره القوى الناعمة، ويحتفي بالمفكرين والروائيين والشعراء ورموز الفكر وكل من له دور في بناء عقل الوطن، ويهتم برصد اهتمامات المبدعين والنقاد والقراء من الشباب بالمبادرات الثقافية مع إقامة ندوات حول إشكاليات الكتابة الجديدة ٠
٥١ عاما مرت على إقامة أول معرض للكتاب في مصر، ففي عام 1969، وبالتزامن مع الاحتفال بمرور ألف عام على بناء القاهرة، قرر وزير الثقافة الراحل الدكتور ثروت عكاشة والأب الروحي للمعرض الاحتفال بهذه المناسبة أحتفالًا ثقافيًا رغم الظروف السياسية العصيبة التي كانت تمر بها مصر، خلال الفترة من 1967 وحتى 1969، وعهد إلى الدكتورة سهير القلماوي بتنفيذ الفكرة، ليصبح مقره في أرض المعارض القديمة بمنطقة الجزيرة، وهو موقع دار «الأوبرا» الحالي .
واكتسب انطلاق المعرض طابعًا سياسيًا منذ اللحظات الأولى، حيث اعتبر المبادرين بفكرته أن الثقافة وتبادل الخبرات المعرفية، من أهم وسائل مواجهة العدوان الإسرائيلي بعد هزيمة عام ١٩٦٧ ٠
وفي العام الذي أعلنته منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو )، عاما دوليا للكتاب (عام ١٩٧٢)، قام الدكتور عبدالقادر حاتم، وزير الثقافة والإرشاد القومي الأسبق، بافتتاح الدورة الرابعة، وفي عهده اعتبرت هذه المنظمة الأممية أن "معرض القاهرة" يمثل ثاني أهم ثلاثة معارض دولية في العالم، وبالتالي أصبح المعرض المصري دوليا ٠
ومنذ الدورة الأولى للمعرض تتولى الهيئة المصرية العامة للكتاب عملية الإشراف على تنظيمه، لتتسع آفاقه عاما بعد عام، ويمضى من نجاح إلى نجاح أكبر حتى وصل إلى اليوم لعامه الحادي والخمسين، حيث بدأت المشاركة بـ5 دول عربية وأجنبية، مثلها 100 ناشر، على مساحة 2000 متر، لتصبح الآن ٣٥ دولة يمثلها ناشرين من جميع أنحاء العالم، لعرض كل ما ينشر من إصدارات في الدول المشاركة، وتعرض فيه الكتب في شتى فروع العلم والمعرفة من مصر والدول العربية والأجنبية، بالإضافة إلى عدد من الدول الأفريقية المشاركة هذا العام للمرة الأولى ٠
وهذا العام، وفيما تكون دولة السنغال" هي ضيف شرف المعرض الذي يفتتح أبوابه لاستقبال الجمهور اعتبارا من يوم غد الخميس، تزامنا مع بدء عطلة منتصف العام الدراسي بالمدارس والجامعات، يكون المفكر الراحل جمال حمدان هو شخصية المعرض، الغائب بجسده عن دنيا البشر، والحاضر بموسوعته شخصية مصر : دراسة في عبقرية المكان المكونة من أربعة أجزاء، والمتميز بقدرته على التفكير الاستراتيجي، وبامتلاكه قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل متسلحا في ذلك بفهم عميق لحقائق التاريخ ووعي متميز بوقائع الحاضر٠