قيادة السيسي للاتحاد الأفريقي تؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية والانفتاح بالقارة السمراء
أسهمت مصر بفاعلية في تعزيز السلام والانفتاح والاندماج الأفريقي مع الاقتصاد العالمي خلال رئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي للاتحاد الأفريقي، والتي بدأت في فبراير 2019، حيث عقدت عددا كبيرا من القمم والمؤتمرات الدولية لتدعيم الشراكة الاستراتيجية بين القارة الأفريقية والقوى الكبرى على أساس المصالح المتبادلة واحترام السيادة الوطنية والتعزيز النوعي للعلاقات الاقتصادية والتجارية ورسم أطر جديدة للتعاون البناء في كافة المجالات.
وأكد الرئيس السيسي منذ توليه رئاسة الاتحاد الأفريقي أن الشراكة مع أفريقيا تعد فرصة حقيقية لتحقيق المكاسب المشتركة واستثماراً رابحاً اقتصادياً وأمنياً وتنموياً، مشيرا إلى أن أفريقيا وهي تحرص على تعزيز تكاملها تبقى منفتحة على العالم، وسنسعى لتعميق التعاون مع شركاء القارة الحاليين لاعتماد خطط تنفيذية قابلة للتفعيل وتعود على شعوب القارة بنتائج ملموسة.
وفي ذلك الصدد.. تضمنت رؤية مصر تجاه قضية التنمية الشاملة في القارة الأفريقية خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي تأكيد أهمية تنمية القدرات البشرية في العمل المشترك وإيلاء الاهتمام الكافي بالشباب الأفريقي الذي يشكل ركيزة مستقبل القارة، وتعزيز الاستثمار فيه بزيادة الاهتمام بالتعليم وتطويره على نحو يتيح للشباب اكتساب المهارات اللازمة للانخراط بكفاءة في سوق العمل ورفع معدلات الإنتاجية والنمو، والتركيز على التحول إلى مجتمعات المعرفة بتطوير مجالات البحث والابتكار.
وحرصت مصر منذ توليها رئاسة الاتحاد الأفريقي على تسوية النزاعات المسلحة داخل القارة.. حيث أطلق الرئيس السيسي مبادرة "إسكات البنادق" خلال القمة الأفريقية الثانية والثلاثين بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا فبراير 2019، والتي تستهدف تخليص قارة أفريقيا من النزاعات المسلحة وتهيئة الظروف المواتية للنمو والتنمية في القارة بحلول عام 2020.
وحظيت المبادرة بدعم أفريقي ودولي، حيث اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2457 الذي رحب فيه بتصميم الاتحاد الأفريقي على تخليص أفريقيا من النزاعات وفق هدفه المتمثل في إسكات البنادق بحلول عام 2020، وخارطة طريق الاتحاد الأفريقي لجعل القارة منطقة خالية من النزاعات بحلول نفس العام.
وفي السياق نفسه.. أكد أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة - خلال كلمة بمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين في ديسمبر الماضي - أن مبادرة إسكات البنادق في قارة أفريقيا بحلول عام 2020 مهمة للغاية، مشددًا على أهمية مشاركة المرأة والشباب في التنمية بتلك القارة.
وسوف تعقد القمة الأفريقية الثالثة والثلاثين بأديس أبابا يومي التاسع والعاشر من فبراير الجاري بمشاركة زعماء 55 دولة تحت شعار "إسكات البنادق: تهيئة الظروف المواتية لتنمية أفريقيا".
وبحثت لجنة الممثلين الدائمين للاتحاد الأفريقي - خلال اجتماعها يومي 21 و22 يناير الماضي - عددا من القضايا الهامة من بينها الإصلاح المؤسسي للاتحاد الأفريقي، وتمويل الاتحاد، والمجالات الرئيسية المتعلقة بعمل الممثلين الدائمين والتي تتمثل في تحسين أساليب العمل الداخلية مع المفوضية، ومتابعة الأهداف والأولويات الرئيسية، ومشاريع الأجندة الأفريقية، وتقارير الأنشطة المختلفة للجانها الفرعية، وتقارير أجهزة الاتحاد الأفريقي وأنشطتها.
ومن ناحية أخرى.. ساهمت الجهود المصرية في تعزيز اندماج أفريقيا مع المجتمع الدولي، ودفع خطط التنمية وتعظيم الاستفادة من موارد القارة من خلال إطلاق اتفاقية التجارة الحرة القارية رسميا خلال القمة الأفريقية الاستثنائية بالنيجر في يوليو الماضي والتي تعد الأكبر على المستوى العالمي منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية عام 1995، حيث يبلغ عدد مستهلكيها 2ر1 مليار شخص، وناتجها المحلى الإجمالي حوالي 4ر3 تريليون دولار، أي 3% من الناتج الإجمالي العالمي، وسوف تسهم منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في زيادة حجم التجارة البينية الأفريقية من 17% إلى 60% بحلول عام 2022، وتقليص السلع المستوردة بشكل رئيسي، وبناء القدرات التصنيعية والإنتاجية وتعزيز مشروعات البنية التحتية بالقارة الأفريقية وخلق سوق قاري موحد للسلع والخدمات وتسهيل حركة المستثمرين ورجال الأعمال بما يمهد الطريق لإنشاء اتحاد جمركي موحد بالقارة السمراء.
وأطلق زعماء الدول المشاركون في "قمة نيامي" ما يسمى بـ"الأدوات التشغيلية لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية" ومن بينها قواعد المنشأ، والتسهيلات الجمركية وآلية رصد وإلغاء الحواجز غير الجمركية، ونظام التسوية والدفع الرقمي، ومرصد التجارة الأفريقي.
وتشير الإحصائيات إلى أن حجم الإنفاق الاستهلاكي بالقارة الأفريقية سوف يصل إلى 4ر1 تريليون دولار عام 2020، بينما سيرتفع إجمالي حجم القوى العاملة بتلك القارة إلى 1ر1 تريليون عامل بحلول عام 2040 ، وستزيد نسبة سكان المدن بأفريقيا إلى 50% بحلول عام 2030.
ومن ناحية أخرى.. أسهمت جهود مصر في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الصين والقارة الأفريقية.. حيث ترأس الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الصيني شى جين بينغ قمة "منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي" بالعاصمة الصينية بكين يومي 26 و27 أبريل عام 2019 بمشاركة زعماء ورؤساء حكومات الدول الأفريقية والصين.
وأكدت الحكومة المصرية دعمها لمبادرة الصين "الحزام والطريق" لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، مشددة على أنها (المبادرة) تتكامل مع جهود مصر التنموية وجذب الاستثمار، وكذلك المشروعات القومية الكبرى الجاري تشييدها وفي مقدمتها محور تنمية قناة السويس الذي يتضمن إنشاء مناطق صناعية ولوجيستية، وموانئ على البحرين الأحمر والمتوسط، فضلاً عما قامت به مصر من طفرة في مجال إنتاج الطاقة بأنواعها المختلفة، وكذا شبكة الطرق، وازدواج الخط الملاحي لقناة السويس، وهي مشروعات في مجملها تعمل على سرعة وتسهيل حركة التجارة.
ومن جانبها، أكدت مصر- في مناسبات عديدة - أهمية التكامل بين مبادرات التنمية المختلفة، لا سيما مبادرة الحزام والطريق، وأجندة تنمية وتحديث أفريقيا 2063، حيث قدمت مصر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس للعالم كمركز لوجيستي واقتصادي، يسهم بفاعلية في تطوير حركة الملاحة الدولية، ويعزز من حرية التجارة العالمية.
وفي السياق ذاته.. أسهمت جهود الرئيس السيسي في دفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول أفريقيا ومجموعة العشرين؛ حيث شارك الرئيس السيسي - في يونيو الماضي - بقمة مجموعة العشرين بأوساكا اليابانية بوصفه رئيسا للاتحاد الأفريقي.
وأكد الرئيس السيسي - خلال القمة - على رؤية أفريقيا تجاه مجموعة العشرين وتفاعلها مع القارة السمراء والتي ركزت على ما يلي:
أولاً:التأكيد على المسئولية الجماعية في مكافحة الإرهاب والتصدي للفكر المتطرف، خاصةً في الدول التي كانت تعاني من نزاعات مطولة، والعلاقة المتلازمة بين الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة، مع الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها.
ثانياً: ما زالت أطر حوكمة النظام الاقتصادي والمالي العالمي، تحتاج إلى إصلاح يعكس مشاركة العالم النامي في عملية اتخاذ القرار بشكل عادل وشفاف، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالدول الأفريقية، مع تأكيد أهمية الحفاظ على النظام التجاري متعدد الأطراف المحكوم بالقواعد.
ثالثاً: الترحيب بالتعاون في إطار شراكات جادة مع مجموعة العشرين لتحقيق التنمية، وفق الخطط والبرامج الوطنية لدولنا، وأجندة 2063 التي تحمل رؤية القارة الأفريقية لتحقيق تنميتها المستدامة، وتتكامل مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 التي توافقنا عليها جميعاً.
رابعاً: تتأسس العلاقة بيننا على المصلحة المشتركة، فالترابط والتشابك الذي يميز عالمنا اليوم جعل من التعاون ضرورة ملحة تحقق المنافع لأطرافه، مع الابتعاد عن أية قيود سياسية تفرض أعباء إضافية، أو محاولات فرض نماذج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
خامساً: رغم التحديات العديدة، فالقارة الإفريقية لديها الكثير مما يمكن أن تقدمه، فهناك إمكانات وسوق واعدة وغيرها من العناصر الجاذبة للعالم الخارجي.
وفي مؤشر قوى على دعم مصر لجهود التكامل التجاري بين الدول الأفريقية ومجموعة العشرين.. أكد الرئيس السيسي - في كلمته خلال قمة مجموعة العشرين بأوساكا - أن دخول الاتفاقية الأفريقية القارية للتجارة الحرة حيز النفاذ في 30 مايو 2019 ينمي من فرص التجارة البينية، ويوسع السوق المتاحة أمام الاستثمار في قارتنا، ويعزز قدراتنا التصنيعية، ويوفر فرص عمل خاصة للشباب، ويزيد من مساهمتنا في سلاسل القيمة العالمية.. مشيرا إلى أن خطط تحقيق التكامل الإقليمي عبر تطوير البنية التحتية الأفريقية، وتنفيذ المشروعات العابرة للحدود، ومشروعات الطاقة، لا سيما الطاقة المتجددة، إنما تأتي على رأس أولوياتنا، وتتسق مع خيارنا الاستراتيجي في السير نحو الاندماج القاري.
وفي السياق ذاته.. عززت الجهود المصرية أيضا التعاون بين دول القارة الأفريقية واليابان من خلال ترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء اليابان شينزو آبى لمؤتمر طوكيو الدولي السابع للتنمية الأفريقية (تيكاد 7) الذي عقد بمدينة يوكوهاما اليابانية بمشاركة زعماء الدول الأفريقية خلال الفترة من 28 حتى 30 أغسطس الماضي.
وركز مؤتمر (تيكاد 7) الذي عقد تحت شعار "دفع التنمية الأفريقية من خلال الشعوب والتكنولوجيا والابتكار" - بمشاركة ممثلين عن الجهات الدولية الداعمة وفى مقدمتها الأمم المتحدة وبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة ومفوضية الاتحاد الأفريقي والبنك الدولي - على ثلاث قضايا رئيسية للتعاون بين الجانبين تمثلت في التحولات الاقتصادية، وتحسين بيئة الأعمال من خلال تشجيع الاستثمارات الخاصة والابتكار، وتعزيز الأمن والاستقرار والسلام بالمجتمعات.
وحث الرئيس السيسي - في كلمته خلال مؤتمر (تيكاد 7) - مؤسسات التمويل الدولية والقارية والإقليمية على أن تضطلع بدورها في تمويل التنمية بأفريقيا، وتوفير الضمانات المالية لبناء قدرات القارة بما يسهم في تعزيز التجارة وزيادة الاستثمار.
وأشار الرئيس السيسي إلى 3 محاور يجب التركيز عليها للإسراع بتحويل أفريقيا للشريك الاقتصادي الذي ننشده جميعاً تتمثل في:
أولا: تطوير البنية التحتية الأفريقية، من خلال تنفيذ المشروعات العابرة للحدود، لا سيما المشروعات المدرجة ضمن أولويات الاتحاد الأفريقي كمشروع ربط القاهرة برياً بكيب تاون، ومشروع الربط الكهربائي بين الشمال والجنوب، وربط البحر المتوسط ببحيرة فكتوريا، ومشروعات السكك الحديدية والطرق، ومشروعات توليد الطاقة المتجددة.
ثانيا: تفعيل كافة المراحل التنفيذية لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، بما يساهم في تخفيض أسعار الكثير من السلع، ويزيد من تنافسية القارة الأفريقية على المستوى العالمي، ومن جاذبية الاستثمارات لتصنيع وتحديث اقتصاديات القارة.
ثالثا: السعي لتوفير المزيد من فرص العمل وزيادة التشغيل الكثيف، لا سيما بالنسبة للشباب، الأمر الذي يتطلب حشد الاستثمارات الوطنية والدولية وجذب رؤوس الأموال وتوطين التكنولوجيا.
وفى سياق متصل.. دعا إعلان يوكوهاما - الصادر في ختام قمة التيكاد السابعة - إلى مواصلة الشراكة بين أفريقيا وشركاء التيكاد لتعزيز التنمية المستدامة والابتكارات والتكنولوجيا والسلام والاستقرار بالقارة الأفريقية، مشيدا بجهود الاتحاد الأفريقي وأعضائه في تعزيز التكامل الاقتصادي، وهو ما جسده بوضوح السريان الرسمي لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية خلال القمة الاستثنائية التي عقدت بنيامي عاصمة النيجر في يوليو الماضي.
ومن ناحية أخرى.. حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على تعزيز المشاركة الاستراتيجية بين قارة أفريقيا ودول مجموعة السبع الصناعية، حيث شارك الرئيس السيسي بوصفه رئيس الاتحاد الأفريقي في قمة "شراكة مجموعة السبع وأفريقيا " التي استضافتها فرنسا في سبتمبر 2019.
وأكد الرئيس السيسي - في كلمته خلال تلك القمة - أن الحديث عن النهوض بإفريقيا ينبغي أن يتأسس على إرادة جماعية تستهدف تسوية أزمات القارة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله، لتأثيراته المدمرة على جميع الأصعدة، لاسيما على جهود التنمية، وهو ما يجب أن يستتبعه مساءلة حقيقية لداعميه ومموليه، جنبا إلى جنب مع الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها، وكل ذلك من شأنه أن يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار، وينأى بالشباب عن التطرف والهجرة غير الشرعية، ليتسنى التركيز على وضع آليات فعالة، للقضاء على الفقر وخفض البطالة، ومكافحة الأمراض المتوطنة، والتصدي لظاهرة تغير المناخ.
وفي السياق ذاته.. حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على إرساء حجر الأساس للتعاون الأفريقي الروسي في كافة المجالات من خلال ترأسه ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين لمنتدى (روسيا – أفريقيا) الاقتصادي الذي عقد بمدينة سوتشي الروسية خلال الفترة من 22 حتى 25 من أكتوبر الماضي بمشاركة زعماء روسيا وأفريقيا.. وبحث المشاركون في المنتدى عددا كبيرا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز علاقات التعاون بين الجانبين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وتدعيم التنمية المستدامة بالقارة الأفريقية، وسبل الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بالجانبين، ومكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للقارات والتحديات والمخاطر الأخرى التي تهدد الأمن الإقليمي والعالمي.
وركز المنتدى على ثلاثة محاور رئيسية وهي "تطوير العلاقات الاقتصادية"، و"إنشاء مشاريع مشتركة"، و"التعاون في المجالات الإنسانية والاجتماعية".
وتشير الإحصائيات إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا ودول أفريقيا ارتفع بأكثر من 17% خلال عام 2018، ليتجاوز 20 مليار دولار، وخلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2017، زاد إجمالي حجم الصادرات الروسية إلى أفريقيا بمقدار 3 أضعاف تقريبا من 5 مليارات إلى نحو 15 مليار دولار.
من ناحية أخرى.. جاءت مشاركة الرئيس السيسي - بوصفه رئيسا للاتحاد الأفريقي - في قمة "مجموعة العشرين وأفريقيا" التي عقدت بالعاصمة الألمانية برلين في نوفمبر الماضي لتوفر زخما إيجابيا للعلاقات بين أفريقيا ودول مجموعة العشرين وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك على أساس المنفعة المتبادلة.
وأكد الرئيس السيسي - خلال القمة المصغرة للقادة الأفارقة المشاركين في المبادرة الألمانية للشراكة مع أفريقيا التي عقدت على هامش قمة مجموعة العشرين وأفريقيا ببرلين - أن "القارة الأفريقية توفر فرصاً واعدة ومتنوعة للاستثمار تجذب الاهتمام العالمي، فلدينا قوة بشرية شابة مميزة في مهاراتها، وسوقاً كبيراً يمثل حافزاً للنفاذ إليه، وموارد متاحة بمختلف القطاعات تيسر من إقامة المشروعات، وموقعا جغرافياً متميزا كنقطة وصل بين القارات، وقد تم تتويج كل تلك المقومات في خطة تنموية متكاملة الأركان هي أجندة أفريقيا 2063 لتجسد خارطة طريق محددة توافقت عليها دول القارة من أجل تلبية التطلعات المشروعة لشعوبها".
من ناحية أخرى.. حرص الرئيس السيسي على تعزيز الشراكة بين القارة الأفريقية وبريطانيا باعتبارها إحدى القوى الاقتصادية الكبرى من خلال ترأسه ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون لقمة الاستثمار البريطانية الأفريقية في لندن في 20 يناير الماضي بمشاركة زعماء ورؤساء حكومات الدول الأفريقية وكبريات الشركات البريطانية.
وركزت القمة على عدد من القضايا الهامة من بينها التمويل المستدام والبنية التحتية، وخطط الاستثمارات المشتركة المستقبلية، والتجارة وخاصة الفرص التجارية والاستثمارية بالقارة الأفريقية، وفرص النمو، وخطط الطاقة النظيفة بأفريقيا.
وأكد الرئيس السيسي - في كلمته خلال القمة - أن دول القارة الأفريقية تؤكد انفتاحها التام للتعاون مع كافة الشركاء، ومن بينهم بريطانيا، لاسيما فيما يتعلق بالمحاور الأربعة التالية ذات الأولوية لقارتنا:
أولاً: تكثيف تنفيذ المشروعات الرامية إلى تطوير البنية التحتية التي تسهم في تحقيق الاندماج القاري، خاصة تلك المشروعات التي تقع ضمن أولويات برنامج تنمية البنية التحتية بالاتحاد الأفريقي، وعلى رأسها محور القاهرة – كيب تاون لربط شمال القارة بجنوبها، ومشروعات توليد الطاقة المتجددة وكافة مشروعات الطرق والربط عبر خطوط السكك الحديدية.
ثانياً: تفعيل كافة المراحل التنفيذية لاتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية بما يسهم في تعزيز حركة التجارة البينية وزيادة تنافسية القارة على الصعيد الدولي، ويقيم سوقا أفريقيا جاذبا للاستثمار الأجنبي.
ثالثاً: الدور المهم للقطاع الخاص المحلي في تعزيز الجهود الوطنية للدول الأفريقية في تحقيق التنمية، باعتباره أحد أهم محفزات النمو للنشاط الاقتصادي، وبالتالي فإن تدشين شراكات بين القطاع الخاص الأجنبي والأفريقي وتذليل أي عقبات في طريقها يعد جزءا لا يتجزأ من استراتيجياتنا الوطنية.
رابعاً: تمكين الشباب والمرأة بدول القارة، وتوفير فرص العمل، باعتبار ذلك ركيزة أساسية لتحقيق التنمية والاستقرار الاجتماعي، وإكسابهم المهارات والخبرات التي تمكنهم من التعامل مع أدوات العصر وتيسير نفاذهم إلى التكنولوجيا المتقدمة لمواكبة التطورات العالمية ذات الصلة، وتعزيزا لحقوق الإنسان بمفهومها الشامل.
وتشير الإحصائيات إلى أن حجم التجارة بين بريطانيا وأفريقيا تجاوز 33 مليار جنيه إسترليني عام 2018، بينما زاد عدد الشركات البريطانية العاملة بالأسواق الأفريقية إلى حوالي 2000 شركة، وارتفع حجم الاستثمارات البريطانية بالقارة إلى حوالى 20 مليار دولار/حوالى 83ر15 مليار جنيه إسترليني/ في العام الماضي.
وعلى صعيد تسوية النزاعات الأفريقية بذلت مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى جهودا مضنية لتسوية الأزمة الليبية حيث استضافت القاهرة في أبريل عام 2019 اجتماع قمة (الترويكا ولجنة ليبيا) بالاتحاد الأفريقي.
وأكد الرئيس السيسي في كلمته خلال تلك القمة "أن من حق جميع أبناء ليبيا أن تطوى صفحة هذه الحقبة المؤلمة، وأن يستعيدوا دولتهم، ويبدأوا مرحلة إعادة البناء. ولن يتأتى ذلك إلا باستئناف الحل السياسي في أسرع وقت ممكن، وتمكين مؤسسات الدولة الليبية، وحدها دون غيرها، من أداء واجباتها، وبحيث يتاح لهذه المؤسسات تلبية مصالح واحتياجات الشعب الليبي الشقيق، وحماية مقدراته، ويتسنى للجيش الوطني والشرطة المدنية القيام بمسئولياتهما في توفير الأمن والاستقرار والقضاء على مخاطر الإرهاب والتشكيلات الحاملة للسلاح خارج نطاق الشرعية، حتى يتوفر المناخ الداعم لمسار سياسي يفضى لانتخابات تستعيد من خلالها البلاد مقومات الشرعية".
وفي السياق ذاته شارك الرئيس السيسي أيضا في قمة مؤتمر برلين حول ليبيا في يناير الماضي بهدف إيجاد مسار جديد يضع حدا للصراع في ليبيا.
وفي إطار جهود مصر لتوفير منصة فعالة لتبادل الآراء ووجهات النظر بشان سبل تعزيز الاستقرار والتنمية بالقارة الأفريقية استضافت مدينة أسوان في ديسمبر الماضي "منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين" بمشاركة الرئيس السيسي وزعماء ورؤساء حكومات ومسئولي الدول الأفريقية، حيث أكد الرئيس السيسي - في كلمته الافتتاحية - أن "مواجهة التحديات والمشكلات بأفريقيا تتطلب منا تضافر كافة الجهود، استناداً إلى المبدأ الأفريقي الراسخ :الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية. ولقد كان إدراكنا لهذا المبدأ دافعاً قوياً للقادة الأفارقة في السنوات الماضية للسعي إلى صياغة خطط واستراتيجيات محددة تهدف إلى تحقيق تطلعات الشعوب الأفريقية في مختلف المجالات.
فمن خلال اجتماعات متواصلة وجهود حثيثة، نجحت أفريقيا في صياغة أجندة التنمية 2063 التي تلبي أهدافها احتياجات أبناء القارة. كما اعتمد الاتحاد الأفريقي مبادرة إسكات البنادق بحلول عام 2020 التي تهدف إلى القضاء على كافة النزاعات والصراعات في القارة مع حلول عام 2020 من خلال إعداد أطر تنفيذية واضحة تعالج جذور النزاعات وتساهم في إعادة الإعمار والتنمية في فترة ما بعد انتهاء الصراع ".
وتؤكد المؤشرات على أن رئاسة الرئيس السيسي للاتحاد الأفريقي عززت بفاعلية جهود إحلال السلام والاستقرار والتنمية والانفتاح والاندماج الاقتصادي بالقارة الأفريقية ورسمت خارطة طريق لتنفيذ الأهداف الواردة في أجندة أفريقيا 2063 وزيادة معدلات الناتج المحلي الإجمالي والتدفقات الاستثمارية بالقارة السمراء، وتدعيم اندماجها مع الاقتصاد العالمي وسط اهتمام بالغ من جانب القوى الكبرى لتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع تلك القارة.