مصر وأفريقيا.. تاريخ من النضال والعلاقات القوية.. (نوادر الصور)
ثوابت كثيرة وتاريخ كبير بجانب
الحضارة، جعل لمصر دور قيادي في المنطقة العربية والقارة الأفريقية، وظهرت هذه
القيادة المصرية في شخص الرئيس جمال عبد الناصر الذي أصر على تنفيذ مبدأ هام من
مبادئ ثورة يوليو وهو القضاء على الاستعمار، وقد نالت مصر استقلالها المؤقت في
أكتوبر 1954، وتنفست هواءً نقيا في 18 يونيو 1956 مع رحيل آخر جندي بريطاني منها تنفيذا لمرحلة الجلاء التي تم توقيعها قبل 20 شهرا من يوم الجلاء.
دبت في أفريقيا حركات التحرر التي ساعد
فيها ناصر، وقد شهدت العلاقات المصرية الأفريقية تطورا كبيرا في عهده، وليصبح
للأفارقة قوة واحدة دعا ناصر إلى تكوين منظمة الوحدة الإفريقية، والتي أصبحت في ما
بعد "الاتحاد الأفريقي"، واللافت للنظر أن الدول الإفريقية نفسها ترى في
مصر الحصن الآمن وقائد أفريقيا، فقد ازدادت العلاقات بين مصر وغانا بروابط نسب أيضا، حيث تزوج الزعيم الغاني كوامي نكروما من السيدة فتحية رزق المصرية التي أصبحت سيدة
غانا الأولى في نهاية عام 1957 ، ومع حركة التمرد التي واجهت نكروما استطاع ناصر
أن يحضرها وأولادها في طائرة خاصة لتعيش في مصر.
لم تكن فقط السيدة فتحية قرينة الزعيم
نكروما هي التي احتضنتها القاهرة وأولادها، بل أيضا لجأت زوجة المجاهد
الثائر لومومبا هي وطفلها إلى الزعيم عبد الناصر هربا من الكونغو ليأمر ناصر بأن
تعيش في الحصن المصري في القاهرة، وكان الثائر لومومبا قد تعرض للاغتيال في يناير
1961 على يد المحتل البلجيكي، وخوفا من تعرضها للقتل هي وطفل لومومبا الوحيد لجأت
زوجته إلى أحضان مصر.
وكان لابد من تفعيل دور الاتحاد
الأفريقي نظرا للروابط التاريخية والدينية التي تربط دول الجوار ببعضها، فكان
مؤتمر الوحدة الإفريقي الأول الذي أقيم في أديس أبابا عام 1963 والذي ترأسه الزعيم
جمال عبد الناصر، والذي حرص بدوره على زيادة أواصر الصداقة والروابط القوية بين
القاهرة وأديس أبابا، فما من محفل مصري إلا وكان امبراطور أثيوبيا هيلا سيلاسي على
رأس الحضور في القاهرة.
ووجب التنويه أنه قبل تفعيل دور
الاتحاد الأفريقي كانت هناك خطوات تمهيدية تتمثل في مؤتمرات دولية أفريقية احتوتها
مصر، ومنها مؤتمر الشعوب الأفريقية الذي عقد في القاهرة عام 1961، وفي نفس العام
تم إيفاد العميد أحمد إسماعيل في جولة زار فيها العديد من الدول الإفريقية تحت
مسمى خبراء القيادة الأفريقية، وفي الدار
البيضاء عقد مؤتمر القمة الأفريقي في 15 يونيو 1962، وبعد رحيل الرئيس جمال عبد
الناصر، سار الرئيس أنور السادات على نفس النهج، وداوم على تمثيل مصر كرئيس لمنظمة
الوحدة الإفريقية لسنوات طويلة.
واستعاد الرئيس عبد الفتاح السيسي دور
مصر الريادي في أعقاب توليه رئاسة مصر، فليست دور الجوار الأفريقي فقط أحد دوائر
الأمن المصري، بل هناك روابط تاريخية في الأرض والمصير، ورأى الرئيس تفعيل
العلاقات المصرية الأفريقية على محاور رئيسية منها أنه أولى دول حوض النيل اهتماما
خاصا بعد توليه رئاسة الإتحاد الأفريقي، من خلال بحث سبل التنمية وتبادل المصالح
المشتركة، أما العلاقة المصرية بدول القرن الأفريقي فقد لاقت نشاطا في مجالات
الصحة والتعليم والزراعة، وكذلك دول الجنوب الأفريقي والحزام الإسلامي ووسط وغرب
أفريقيا، وأعطى الرئيس تعليماته بدوام التنسيق على المستوى الأمني في أفريقيا مع
التركيز على مشروعات التنمية، لأنها قاطرة النمو الإقتصادي.