أكد خبراء أن مذكرات التفاهم والمباحثات التي عقدت خلال زيارة رئيس بيلاروسيا مصر تعمل على تعزيز التعاون بين البلدين، وخاصة أن مينسك شريك قديم للقاهرة منذ عهد الاتحاد السوفييتي السابق، موضحين أن تعاون البلدين يخدم تطوير القطاع الصناعي في مصر في ظل اهتمام الدولة بهذا القطاع، بما يلبي احتياجات السوق المحلي ويعزز الصادرات المصرية.

وأجرى الرئيس البيلاروسي ألكساندر لوكاشينكو زيارة إلى مصر استغرقت يومين، عقد خلالها جلسة مباحثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، واصطحبه السيسي في جولة بالعاصمة الإدارية الجديدة صباح اليوم, كما شهد الرئيسان التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة رفيعة المستوى للتشاور السياسى، فضلا عن مذكرة تفاهم بين مصر وبيلاروسيا لإنشاء لجنة رفيعة المستوى والبرنامج التنفيذى فى مجال التعليم العالى والتعليم ما بعد الجامعى، ومذكرة تفاهم بين البنك المركزى المصرى والبنك الوطنى البيلاروسى واتفاقية للتعاون والدعم المتبادل للجمارك.

وأكد السيسي أن اللقاءات الأخيرة أعطت دفعة قوية للعلاقات، وخاصة الإنتاج المشترك لاسيما منتجات التصنيع، كما استعرض السيسى الفرص الاستثمارية المتاحة فى المشروعات القومية الكبرى وخاصة قناة السويس ومجال البتروكيماويات وسعى مصر إلى تحول مصر إلى مركز إقليمى للطاقة.

بيلاروسيا شريك قديم لمصر

وفي هذا الشأن، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن بيلاروسيا هي شريك قديم لمصر منذ عهد الاتحاد السوفييتي السابق، واستمرت العلاقات المصرية معها بعد انهيار الاتحاد واستقلالها عام 1991، مضيفا إن زيارة رئيس بيلاروسيا مصر تأكيد لهذه العلاقات والسياسة الخارجية المنفتحة التي تنتهجها القيادة المصرية.

وأوضح بيومي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الزيارة تناولت شتى مجالات التعاون، حيث شهدت مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره البيلاروسي أمس هذه المجالات، كما عقد مجلس الأعمال المشترك بين البلدين، وتفقد رئيس بيلاروسيا بصحبة السيسي اليوم العاصمة الإدارية الجديدة.

وأكد أن بيلاروسيا سوق مهم للمنتجات الزراعية المصرية وخاصة في فصل الشتاء، كما أنها مهمة في التعاون خاصة في الصناعات الثقيلة كالجرارات والمحاريث الزراعية والمعدات والمركبات العسكرية، موضحا أن بيلاروسيا دولة غنية ويمكن أن توجه المزيد من استثماراتها إلى مصر.

وأشار إلى أن مجال السياحة أيضا مهم في العلاقات بين البلدين، فمصر ثاني أكبر دولة يقبل عليها السياح البيلاروسيين، موضحا أن القضايا السياسية المشتركة أيضا بين البلدين عديدة، فبيلاروسيا هي شريك تقليدي في دعم القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فهي صوت مهم في الأمم المتحدة.

تعزيز التعاون والتبادل التجاري

فيما قال الدكتور أشرف سنجر، أستاذ العلوم السياسية، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن بيلاروسيا دولة صديقة وشريك تجاري واقتصادي لمصر وبين الدولتين اتفاق في الرؤى على القضايا السياسية ومكافحة الإرهاب، مضيفا إن الزيارات المتبادلة بين رئيسي الدولتين هي أربعة زيارات.

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذه الزيارات المتبادلة والتي كان آخرها زيارة رئيس بيلاروسيا مصر ليومين، تعكس التواصل المستمر بين البلدين والتقارب بين رئيسيها، مضيفا إن هذه الزيارة نتج عنها عدد من الاتفاقيات الاقتصادية لتعزيز التعاون العلمي والزراعي والصناعي وغيرها من المجالات.

وأكد أن بيلاروسيا هي شريك تجاري مهم لمصر، فهي دولة تشهد تنوعا في الاقتصاد والتكنولوجيا وخاصة التكنولوجيا الزراعية، وهو مجال مهم للدولة المصرية، خاصة وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي يستهدف تنويع مجالات الاقتصاد المصري وألا يقتصر على مجال واحد، بما يدعم الناتج المحلي ومعدل النمو المصري الذي بدأ يتجاوز 6% حاليا.

وأضاف إن الزيارات المتبادلة تحمل أبعاد اتفاقيات للتعاون العلمي وتبادل الخبرات وبناء تعاون كبير وخاصة في مجال السياحة، موضحا أن التبادل التجاري بين البلدين زاد بشكل كبير خلال السنوات الماضية ووصل إلى 140 مليون دولار، وهو معدل جيد حيث أن عدد سكان بيلاروسيا يبلغ نحو 10 ملايين نسمة.

وأشار إلى أن تشكيل لجنة رفيعة المستوى في إدارة الحوار السياسي بين البلدين أمر مهم في ظل قناعة بيلاروسيا أن مصر دولة داعمة للاستقرار والسلام وأن التجربة المصرية في مقاومة الإرهاب والهجرة غير الشرعية أعطت نموذجا ملهما وأنه يمكن الاعتماد على مصر والوثوق في دورها في هذا الشأن.

وأضاف إن الصحافة البيلاروسية ترى الرئيس السيسي أنه رجل دولة يسعى للسلام وتطوير دولته بل وتطوير القارة الأفريقية، موضحا أن مصر عادت دولة قائدة ورائدة في المنطقة العربية والأفريقية.

تطوير القطاع الصناعي

ومن جانبه، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن العلاقات المصرية البيلاروسية قوية وجاءت زيارة رئيس بيلاروسيا لتؤكد عمق هذه العلاقات بما قد يدعم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين خلال الفترة المقبلة، موضحا أن التعاون الصناعي بين مصر وبيلاروسيا مهم للغاية للاستفادة من خبراتها في صناعة الجرارات والآلات والمعدات.

وأكد في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذا التعاون مهم في ظل اهتمام الدولة بقطاع الصناعة، حيث شهدت الزيارة توقيع عددا من الاتفاقيات بين الدولتين في مجالات مرتبطة بقطاع الصناعة والتعليم، موضحا أن ذلك سيدعم قطاع الصناعة وتعزيز قدرة مصر على تطوير صادراتها بدلا من تصدير مواد أولية.

وأشار إلى أن هذا تبادل الخبرات مع بيلاروسيا في مجال التصنيع سيخدم السوق المحلي وكذلك تعظيم الصادرات المصرية للخارج ومن بينها منطقة التجارة الحرة الأفريقية، موضحا أن ذلك سيؤدي لمرود إيجابي على الاقتصاد المصري.

وأوضح أن رغبة بيلاروسيا في إقامة مشروعات مشتركة وثقتها في الاقتصاد المصري يفتحان الباب لدول أخرى سواء أوروبية أو غير أوروبية، لأنه إن لم يكن هناك استقرار ومناخ مشجع على الاستثمار فلم تكن بيلاروسيا لتقبل على توقيع هذه الاتفاقيات وتسعى لمزيد من التعاون وتعظيم التبادل التجاري مع مصر وإقامة مشروعات مشتركة.