"جيهان عبد الرحمن" نائب محافظة القاهرة عن المنطقة الجنوبية: المشكلة تابعة لوزارة الري
"دينا عبد العزيز" عضو مجلس النواب عن دائرة حلوان: لم يأتني إخطاراً بالواقعة
"عبد الحميد الدمرداش" وكيل لجنة الزراعة: لا أمتلك فكرة عن الموضوع
"صلاح عز" رئيس قطاع تطوير وحماية النيل: ننتظر الموافقة الأمنية بالإزالة
الدكتور عبدالعاطي الشافعي، رئيس جمعية حرّاس النيل وخبير الموارد المائية: هناك حالة تحدي واضح لسلطة الدولة
يتعرض نهر النيل لحالة صارخة من الانتهاك، حيث يغتصب على مرأى ومسمع من الجميع، مساء كل يوم، لتستمر مشاهد جريمة جديدة من مسلسل التعدي على النهر الخالد، بداية من أمام مساكن منتصر بحدائق حلوان، وحتى ما بعد ركن فاروق على طريق الكورنيش بالمحافظة، العمل يجري على قدمِ وساق لاستكمال ردم أجزاء كبيرة من نهر النيل للانتفاع بها فيما بعد، عن طريق بيعها بمبالغ طائلة أو إقامة أبراج بالمليارت، دون النظر للخطورة المترتبة على غلق شريان حياة المحروسة وسر بقائها.
"البداية"
واقعة التعدي لم تكن الأولى في هذا الجزء من نهر النيل، كما يروي، ياسر خير، أحد سكان المنطقة بحلوان، والذي قال:" إن بداية التعدي كان عام 2008، عندما قام الدكتور حسن حمدتو، رحمه الله، الذي كان يستأجر مساحة 15فدان أرض من وزارة الزراعة بمبالغ زهيدة لا تتعدى 400 جنيه سنوياً، بردم حوالي 29 فدان، حيث قام الطبيب المشهور، صاحب مستشفى دار الشفاء، بعمل جسور من الحجارة في نهر النيل وتقسيمها إلى مربعات، ليستكمل ابنه مسيرة الردم من بعده."
لغز "منيل شيحة"
الدكتور عبدالعاطي الشافعي، رئيس جمعية حرّاس النيل وخبير الموارد المائية، إن هناك 54 ألف حالة تعد على نهر النيل، مشيرا إلى أن الحملة القومية لإنقاذ نهر النيل والتي انطلقت في 5 يناير من العام الماضي، حيث مضى عليها 14 شهراً، لم يتم إلا إزالة 9 آلاف حالة تعدِ فقط، ومازالت التعديات قائمة ومستمرة، في حين استجد أكثر من 15 ألف تعدِ على النيل، لافتا إلى حالة التحدي الواضح لسلطة الدولة وقدرتها وهيبتها.
وأضاف "الشافعي" أن وزارة الموارد المائية والري إمكانياتها وقدراتها محدودة، وبالتالي يجب على كل أجهزة الدولة ان تتكاتف لإزالة هذه التعديات التي تمثل وجهاً قبيحاً لمصر في كل أنحاء العالم، موضحا أن القوانين ضعيفة جدا وأغلب عقوباتها غرامات هزيلة، كما أن العقوبات لا تمنع ولا تردع، مطالباً مجلس النواب بسن تشريعات وقوانين بها عقوبات صارمة ومشددة، وتكون العقوبات في القانون جنائية وليست جنحة، بحيث إن المتعدي ينذر لإزالة التعدي بنفسه وإن لم يقم بإزالته يتم إزالة التعدي على نفقته الخاصة حتى يكون عبرة لغيره، كما أن العقوبة لا بد أن يكون فيها السجن لأن الاعتداء على النهر هو الاعتداء على الأمن المائي المصري كله وحياة مصر والمصريين، مناشداً الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يضع مشروع حماية النيل هو المشروع القومي التالي بعد مشروع قناة السويس، ويضعه على أجندة أعماله، وأن ينشئ مجلس قومي رفيع المستوى تحت رئاسة الرئيس شخصياً لحماية نهر النيل وحراسته.
كما أشار إلى أن نهر النيل تفرق دمه بين القبائل، فكلما يحدث مشكلة، ويتم إلقائها على وزارة معينة، تتنصل منها وترميها على الأخرى، وزارة الزراعة تلقيها على الري، والري تلقيها على الزراعة والتنمية المحلية، منوها إلى أن كل وزارة تلقي بالعبء على كاهل الوزارة الأخرى، وبالتالي لا يوجد جهة واحدة تتجمع بها اختصاصات نهر النيل.
وأكد على أن مشكلة التعدي على نهر النيل في منطقة حدائق حلوان لا تعد شيئاً في مقابل، القصور الخاصة برجال الأعمال الكبار، في منطقة منيل شيحة، حيث أنهم يقيمون بدولة داخل الدولة، بحسب تعبيره.
لا حياة لمن تنادي
أهالي حي حلوان والمعصرة عانوا كثيراً من غياب المسئولين وتقاعسهم عن أعمالهم المنوطة بهم، فرؤساء الأحياء غائبون عن تلك المشكلات، ومعاملة الموظفين والمسئولين لأهالي حلوان معاملة سيئة للغاية تظهر وكأن المواطنين عبيد يذهبون للتسول منهم.
وبرغم الشكوى التي تقدم بها المدعو، سمير العسال، أحد المتضررين من التعدي على نهر النيل بمنطقة حلوان، إلى مجلس النواب، والذي بادره بالرد على الشكوى برسالة من وزارة الموارد المائية والري، قطاع تطوير وحماية نهر النيل، تفيد بأنه تمت المعاينة من قبل الإدارة العامة لحماية نيل القاهرة الكبرى وأنه تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المخالفات والتعديات الموجودة بالمنطقة محل الشكوى، إلاً أن أعضاء مجلس النواب عن دائرة حلوان وغيرهم من مسئولي الري والزراعة، لم يكن لديهم أي فكرة عن الموضوع، وهو ما أظهر حالة من التسيب والتستر والمماطلة من قبل المسئولين تجاه قضايا التعدي على نهر النيل، خاصة إذا كان المتعدي من أصحاب النفوذ والمال.
نواب النوم في العسل
الدكتورة جيهان عبد الرحمن، نائب رئيس محافظة القاهرة عن المنطقة الجنوبية، أبدت دهشتها بمجرد مهاتفتها، والاستفسار عن الواقعة، حيث تساءلت: "ردم للنيل فين؟ ومين اللي بيردم؟" وأضافت: " ارجعي لوزارة الري، التعديات تبع وزارة الري وليست تبعي، كويس تابعي وماتسكتيش".
أما دينا عبد العزيز، عضو مجلس النواب عن دائرة حلوان، فقد أبدت عدم معرفتها بالواقعة، قائلة: "عندما يأتيني اخطاراً من أي شخص موثق بالصور، يتم التواصل على الفور مع الوزير المختص"، مشيرة إلى أنها قد تعاملت مع وزير الموارد المائية والري، الدكتور محمد عبد العاطي، في قضية مشابهة وتم التصرف وإزالة التعديات، أما هذه الحالة فلم يأت بها أي إخطار، مضيفة: "أرجو إرسال صور التعديات حتى يتم إرسالها للوزير المختص وهو بنفسه سيتولى الأمر."
وقال عبد الحميد الدمرداش، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب: "أنا ماعنديش أي فكرة عن الموضوع، وإذا كان هناك أية تعديات، فلابد من إبلاغ وزارة الموارد المائية والري، أو إرسال شكوى لرئيس مجلس النواب، الدكتور علي عبد العال، وبدوره يقوم بتحويل الشكوى إلى اللجان المختصة بالمجلس، والتي بدورها تباشر دورها الرقابي، وتستدعي الوزير المختص."، مؤكداً على أنه: لا يمكن أن يكون هناك فساد بهذا الشكل ويتم التستر عليه، بحسب تعبيره.
ومن جهته، قال المهندس صلاح عز، رئيس قطاع تطوير وحماية النيل بوزارة الموارد المائية والري: " إنه لا أحد يستطيع أن يقوم بردم مجرى النيل ، لكن من الممكن أن يكون هناك أرض منخفضة ويتم رفعها عن طريق الردم، وأمثال هؤلاء يتم اتخاذ الإجراءات معهم، بعد الموافقة الأمنية، مشيراً إلى أنه تم تنفيذ 5 حالات تعدِ على النيل في المنوفية، و5 في الغربية، و في المنيا، وإزالة 20 حالة تعدِ في قنا، بما يعادل 36 حالة إزالة، لافتاً إلى أن العداد وصل إلى13417 قرار إزالة تم تنفيذهم خلال العامين الماضيين، مؤكداً على أنه لا يوجد أية حالة تعدِ على النيل إلا ويتم تحرير محضر مخالفة لها، وقرار بإزالتها، إلا أنه لا يتم تنفيذ الإزالة إلا بعد الموافقة الأمنية منعاً لحدوث أي صدام مع المعتدين."
ويبقى سؤال هو الأهم، متى سيتم اتخاذ القرارات الصارمة واجبة التنفيذ بالإزالة والتعامل مع نهر النيل بمقدار أهميته لمصر والمصريين؟!.