تبنت وزارة الآثار خطة طموحة جديدة هدفها إعادة استخدام مباني الأسبلة الأثرية بهدف زيادة الوعي الأثري خاصة عند الأطفال المقيمين في محيط المناطق الأثرية.
واستهدفت الخطة عددًا من الأسبلة داخل حدود القاهرة التاريخية لإقامة أماكن تتسع لأكثر من ١٢طفلًا داخل كل سبيل لحضور ورش فنية وحلقات للتعريف بتاريخ مصر على مر العصور.
الخطة الجديدة تحاول إعادة الدور الأصلي للأسبلة بعد أن توقف العمل بها، وكان الهدف من إقامة السبيل في العصر الإسلامي تنفيذ أوامر الله وعمل صدقه جارية، وهو سقي ابن السبيل. واستلهمت عمارة السبيل عناصرها ومكوناتها من الوصف القرآني للجنه وعيونها، لكن إلى جانب دوره في توفير المياه العذبة للمارة كان دوره في إرواء عطش العلم ليصبح مكانًا مخصصًا لدروس القرآن والقراءة والكتاب "كتاب".
وأقدم مثال موجود لسبيل يعلوه كتاب هو سبيل اسنبغا (1370 م)، وقد يعلو السبيل سكن للمزملاتي أو قاعه لصاحب المبني، كما كان يعين في بعض الأحيان قراء لقراءة القرآن في الأسبلة والحق ببعضها ميضأة.
ويوضح الأثري محمد عبد العزيز مدير مشروع القاهرة التاريخية، أنه في نهاية القرن التاسع عشر، وبهدف الحفاظ على المبانيذات القيمة التاريخية في القاهرة، قامت لجنة حفظ الآثار العربية باعتبار مباني الأسبلة ضمن كثير من المباني التاريخية الأخرى آثارا، وأوقفت الاستخدام الأصلي لهذه المباني، فصارت مزارا فقط.، وبهذا لم تعد تخدم عابري السبيل والمارة بإسقائهم، ولم تعد تسمع في الشارع من نوافذها أصوات الأطفال وهم يقرأون القرآن، واليوم نرى مباني الأسبلة والتي في أغلبها أعمال معمارية فنية تقترب من أن تكون أعمالا نحتية عمرانية صغيرة في الحجم والمقياس ومتميزة في الشكل والزخارف والتفاصيل، خالية لا تستخدم، أو حتى يتم التعدي عليها بسبب المشاكل العمرانية والاقتصادية للمنطقة المحيطة بهذه المباني.
ويؤكد قائلا :" تعرض عدد كبير من مباني الأسبلة للتدهور الإنشائي والمعماري أو للتعديات والإشغالات غير المناسبة والتي أدت إلى تدمير أجزاء من هذه المباني المهمة، الأمر الذي دفع وزارة الآثار إلى ترميم عدد كبير من مباني الأسبلة لاسترجاع الصورة الأصلية الجميلة التي كانت عليها"، ولإعادة إحياء مباني الأسبلة والرموز الثقافية التي تمثلها، بإسقائها عطش المارة وتعليم الأطفال القرآن والفقه والعلوم الأخرى، كان لابد من التفكير في استرجاع الوظيفة الأصلية لمبنى السبيل كمركز إشعاع علمي وثقافي للمجتمع.