الراحل .. الصديق .. شديد الإحساس بمصر الوطن .. سمير فريد
كتب : يحيي تادرس
في البداية:
لتعذرني - عزيزي القارئ عن تذكري بالتفصيل والتواريخ بعض الأحداث التي قادتني إلي الاقتراب بشدة إن جاز التعبير مع الراحل الأقرب للصديق - سمير فريد - لكن هناك أحداثا جسام وتاريخا مليئاً بالظلمات لابد من ذكرها:
3 سبتمبر 1981
ملحوظة ( في كتاب خريف الغضب يصفها الجورنالجي العظيم محمد حسنين هيكل:
(القارعة
ما القارعة
وما أدراك ما القارعة:
القرآن الكريم - سورة القارعة)
..
في هذا اليوم تحديدا تصدر قرارات اعتقال عشوائية لعشرات من أبرز المثقفين والكتاب ورجال الدين في سابقة لم تحدث ولن تحدث بإذن الله - في مصر.
.. وإلي جانب من طالتهم الاعتقالات - كان هناك من طالتهم - ظلاله القاتمة وأخذهم الخوف بأنهم قريبا سيلحقون بمن تمتليء بهم وقتها المعتقلات
.. من بين هؤلاء كان: سمير فريد
.. كان معظم أصدقائه - وزملائه يتجنبونه - رعبا مما قد يحدث لهم إذا كان غضب السادات (يبدو هذا في كل صوره وقتها ساحقا ماحقا ومنذرا بل رهيبا.
..
في ذلك التوقيت أو قبله تمت خطوات (مهرجان القاهرة السينمائي - وكنت كما تسعفني الذاكرة - قد تم اختياري (أمينا) للجنة اختيار الأفلام مع عدد من أبرز النقاد السينمائيين، والاعتراف بالحق فضيلة:
لم أدع يوما بأنني ناقدا مبرز - له رؤية - وأعتقد أنه تم اختياري - لثقة الأستاذ الراحل سعد الدين وهبة الشخصية في شخصي - إلي جانب نشاط التليفزيون ومنصبي (أمين مركز الثقافة السينمائية).
المهم:
أحسست بأن هناك شخصاً جديراً بأن ينضم إلي الأعضاء - ناقدا مثقفا دارساً وله رؤية وحضور - هو .. سمير فريد
و..
عرضت الأمر علي «سعد الدين وهبة» - فوافق علي الفور
.. وحين عرضت الأمر علي الأستاذ سمير (فوجئت بالدموع تملأ عينيه) إذ كان هذا القرار يعني الخروج من عزلته وخوفه وتوقعاته.. بالمعتقل
...
كان اختياره موفقا - بكل المقاييس - إذ أضاف للمهرجان وهجاً وحساً راقياً وتوهجاً - كان المهرجان في أشد الحاجة إليه
..
وتمر السنوات حتي عام 1992
حين فوجئت بتكريمي - تكريماً شديد الخصوصية - من المركز الكاثوليكي وأهداني - جائزة شرف شخصية من لجنة برئاسة (سمير فريد).
..
بعدها - وبعد اغتيال السادات - وأحداثه معروفة وقرار الرئيس مبارك بالإفراج عن المعتقلين - أصبحنا نتقابل في مقهي (رباعيات الخيام) - بالزمالك - نتبادل آراء في كل مناحي الشأن المصري حينذاك.
...
ولم أعتبر طوال علاقتي به - أنني التقي بناقد سينمائي له (طعم خاص) - بل بمصري شديد القلق - علي (مِصره) - ومصرنا - يمتلك القدرة علي استشراف - مقدرات الوطن..
بالطبع - هناك من هو أقدر مني علي الكتابة عن (أبعاده) كناقد - لكنني أكتب عنه - كإنسان..