كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في عددها الصادر اليوم الجمعة أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تضغط لإعادة فتح جزء كبير من البلاد الشهر المقبل، وهو ما يثير مخاوف بين خبراء الصحة والاقتصاديين من عودة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) إذا عاد الأمريكيون إلى حياتهم الطبيعية قبل القضاء على الفيروس نهائياً.
وقالت الصحيفة (في تقرير لها نشرته على موقعها الالكتروني) إن ترامب يسعى، من وراء الكواليس ومن منطلق اهتمامه الشديد بحالة الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني تدهورا ملحوظا خلال الآونة الأخيرة، إلى تفعيل استراتيجية لاستئناف النشاط التجاري بحلول الأول من مايو...وفقًا لأشخاص مطلعين على المناقشات.
وأضاف هؤلاء الأشخاص أن ترامب حاول، في خلال المكالمات الهاتفية التي أجراها مع المستشارين الخارجيين، تعويم مسألة إعادة فتح جزء كبير من البلاد قبل نهاية هذا الشهر، أي قبل انتهاء موعد التوصيات الفيدرالية الحالية لتجنب التجمعات الاجتماعية والعمل من المنزل ... وأكدوا أن الرئيس الأمريكي يراجع بانتظام أرقام البطالة وأسواق الأسهم، ويشكو من أن هذه التوصيات ربما تضر برئاسته ومسألة إعادة انتخابه.
وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء الأشخاص تحدثوا، مثل غيرهم من المصادر المطلعة، بشرط عدم الكشف عن اسماءهم لعدم السماح لهم بالتحدث عن مناقشات داخلية.
وكان ترامب قد أعلن في مؤتمره الصحفي اليومي حول تطورات كورونا داخل الولايات المتحدة أن بلاده كانت في "قمة التل"، وقال:" آمل أن ننفتح - يمكنك أن تطلق عليه مرحلة الافتتاحية - قريبًا جدًا جدًا جدًا ، قريبًا جدًا، أنا أتمنى".
وقال مسؤولون إن ترامب يستعد للكشف عن فرقة العمل الثانية لمكافحة فيروس كورونا. فيما أعرب العديد من الوزراء الأمريكيين في الأيام الأخيرة علناً عن أملهم في أن أوامر الحكومة بإبقاء السكان في منازلهم وإجبار الشركات غير الضرورية على الإغلاق يمكن أن يتم تخفيفها جزئيًا على الأقل الشهر المقبل.
وردا على سؤال عما إذا كان يعتقد أنه من الممكن أن تكون البلاد مفتوحة للعمل الشهر المقبل، قال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين: نعم أعتقد. وقبل ذلك بيوم، وصف النائب العام وليام بي بار بعض أوامر الإقامة في المنزل والقيود الأخرى بأنها "شديدة القسوة" ودعا إلى إعادة تقييمها الشهر المقبل.
وفي هذا، أضافت "واشنطن بوست" أن البيت الأبيض لن يمكنه أن يعيد فتح البلاد من جانب واحد. وعلى الرغم من أن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أصدرت توجيهات فيدرالية تنصح الناس بتجنب التجمعات الاجتماعية والعمل من المنزل واستخدام خيارات الاستلام والتوصيل للغذاء، فإن مسؤولي الدولة هم الذين فعلوا القانون لتنفيذ هذه المقترحات.
ومن المقرر أن تنتهي إرشادات مراكز السيطرة على الأمراض في 30 أبريل، ولكن للولايات حرية اختيار مساراتها الخاصة. فيما أكد الأشخاص المطلعون على الأمر أن مستشاري البيت الأبيض وضعوا سيناريوهات لن تكون فيها بعض الولايات "الساخنة" مستعدة لإعادة فتح أبوابها بالسرعة نفسها. وكانت هناك بالفعل مناقشات حادة، حيث حذر خبراء الصحة العامة وبعض المستشارين الرئاسيين من إعادة الفتح في وقت قريب جدًا، في حين أن الأعضاء الرئيسيين في الفريق الاقتصادي للرئيس - وبعض المحافظين والمقربين من دوائر نائب الرئيس يضغطون من أجل عودة أسرع إلى الوضع الطبيعي.
ومن بين الذين يدفعون لإعادة فتح الاقتصاد، وفقًا لكبار مسؤولي الإدارة، كان مارك شورت، كبير مستشاري ترامب، الذي جادل بأنه سيكون هناك عدد أقل من الوفيات مما تظهره النماذج ، وأن البلاد قد بالغت في رد الفعل...وفقًا لأشخاص مطلعين على تعليقاته.
مع ذلك، نقلت الصحيفة الأمريكية عن أنتوني فوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، قوله:" إن بعض الأماكن قد يعاد فتحها في وقت أقرب من غيرها، وأن نيويورك التي تضررت بشدة، على سبيل المثال، لا يجب أن تخفف قيودها حتى يكون هناك "انخفاض حاد للغاية" في عدد الاصابات الجديدة.
وحذر خبراء آخرون في مجال الصحة من أن إنهاء الإغلاق قبل الأوان سيكون كارثياً؛ نظرا لآن القيود لم يكن لديها الوقت الكافي لتحقق النتائج المرجوة وأن القادة الأمريكيين لم يعززوا قدرتهم على توفير بدائل لأوامر البقاء في المنزل- مثل إجراء الاختبار الشامل، على نطاق واسع تتبع المخالطين للمرضى وإنشاء الحجر الصحي المستهدف الذي تم استخدامه في دول أخرى لقمع الفيروس.حتى أن أحد أكثر النماذج تفاؤلاً، والذي استخدمه البيت الأبيض والمحافظون، يتوقع أن يبلغ عدد القتلى 60400، ولكن فقط إذا تم الاحتفاظ بالقيود الصارمة الحالية حتى نهاية مايو.
مع هذا، كانت هناك دلائل ناشئة على أن إجراءات التباعد الاجتماعي التي فرضتها حكومات الولايات والمدن قد أبطأت انتشار العدوى، التي قتلت أكثر من 16 ألف أمريكي. وقد لاحظ المسؤولون الفيدراليون أن ولاية واشنطن وكاليفورنيا كانتا من بين الولايات الأولى التي شهدت حالات إصابة بالفيروس ولكنهما لم يعانيا من المستويات العالية من العدوى والوفاة التي يعاني منها آخرون، مثل نيويورك ونيوجيرسي. فيما أكد نائب الرئيس مايك بنس يوم أمس الخميس أن المسؤولين بدأوا في رؤية "استقرار" في بعض المناطق الأكثر تضررا.