أكد مركز الأزهر
العالمي للفتوى الإلكترونية ، أن التَّنمُّر من السّلوكيات المرفوضة التي تُنافي قيمتي
السَّلام وحُسْن الخُلق في شريعة الإسلام ، وأنَّ الإصابة بفيروس كُورونا ليست ذنبًا
أو خطيئة ينبغي على المُصاب بها إخفاءها عن النَّاس كي لا يُعيَّر بل هو مرض كأي مرض
ولا منقصَة فيه وكلُّ إنسانٍ مُعرَّض للإصابة به ، ونتائج إخفاء الإصابة به من قِبَلِ
المُصَابين "كارثيَّة".
وأفتى المركز اليوم
، السبت ، بحرمة إيذاء المُصاب به أو الإساءة إليه أو امتهان من تُوفِّي جرَّاءَه وبوجوب
إكرام بني الإنسان في حَيَاتِهم وبعد مَوتِهم .. داعيا إلى ضرورة تقديم الدَّعم النَّفسيّ
لكلِّ مُصابي كُورونا وأُسَرهم ؛ سيما جنود هذه المعركة من أطباء وممرضين وإلى تكاتف
أبناء الوطن جميعًا للقيام بواجبهم كلٌ في مَيدانِه وبما يستطيعه إلى أن تتجاوز مِصرنا
الحبيبة هذه الأزمة بسَلامٍ وسَلامةٍ إنْ شاء الله تعالى.. داعيا المولى عز وجل أنْ
يمُنَّ على كُلِّ مُصابٍ بالشِّفاء وأنْ يتقبَّل المُتوفِّين في الشُّهداء وأنْ يكشفَ
عنَّا وعن العالمين البَلاء؛ إنَّه سُبحانه ذو مَنٍّ وكَرَمٍ وآلاءٍ.
وذكر المركز في
الفتوى: أن الإسلامُ أَعلَى مِن قيمة السَّلام وأرشدَ أتباعه إلى الاتصاف بكلِّ حَسَنٍ
جميل والانتهاء عن كلِّ فاحش بذيء حتى يعمَّ السَّلامُ البلاد ، ويَسْلَم كل شيء في
الكون من لسان المؤمن ويده ، ولا عجبَ -إذا كانت هذه رسالة الإسلام- أن يكون أثقل شيء
في ميزان المؤمن يوم القيامة هو حُسن خُلُقِه، قال صلى الله عليه وسلم : «أَثْقَلُ
شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ
لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّ».
وأوضح أن التَّنمُّر
لمن لا يعرفه هو: شكلٌ من أشكال الانتقاص والإيذاء والسُّخرية يُوجَّه إلى فرد أو مجموعة
ويؤثر بالسَّلب على صحتهم وسلامتهم النَّفسيَّة -هذا بشكل عام-، وهو لا شك سُلوكٌ شائنٌ
، ويزداد هذا السُّلوك إجرمًا وشناعةً إذا عُومل به إنسانٌ لمجرد إصابته بمرض هو لم
يختره لنفسه وإنَّما قدَّره الله عليه، وكُلُّ إنسانٍ مُعرَّض لأن يكون موضعه -لا قدَّر
الله- وقد حرَّم الإسلامُ الإيذاء والاعتداء ولو بكلمة أو نظرة؛ فقال تعالى: {..وَلا
تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} ، وقَالَ سيِّدُنا رَسُولُ اللَّهِ
ﷺَ: «لَا ضَرَرَ
وَلَا ضِرَارَ» [سنن ابن ماجه].
وأشار إلى أن الضَّرر
الذي وجَّه الإسلام لإزالته ليس الجسديّ فقط وإنما وجَّه - كذلك - لإزالة الضَّرر النفسيّ
الذي قد يكون أقسَى وأبعد أثرًا من الجَسَديّ .. قائلا : "إن الإسلامُ دعا المُسلمَ
إلى الأخذ بأسباب السَّلامة وإتباع إرشادات الوقاية حين مُعَاملة مريضٍ مُصَابٍ بمرضٍ
مُعدٍ وقال في ذلك الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم : «وفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ
فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ» [صحيح البخاري] ، كما أنه عليه الصلاة والسلام دعا في الوقت
نفسه إلى الحِفاظ على صِحَّة المريض النَّفسية فقال صلى الله عليه وسلم في شأن الجُذام
أيضًا -وهو مرض معدٍ-: «لا تُدِيمُوا النَّظرَ إلى المَجْذُومينَ» [سنن ابن ماجه] ؛
أي لا تُطيلوا إليهم النَّظر، ولا تُّكرِّروا النَّظر لمَوَاطن المَرضِ كي لا تتسببوا
في إيذاء المَريضِ بنظراتكم، ولا شَكَّ أنَّ الانتباه لمُعاملة المريض وأُسرته، وعدم
انتقاصهم بكلمة أو تصرُّف خُلقٌ رفيعٌ مأمورٌ به من باب أولى".
وشدد المركز على
أن الإسلام دعا إلى احترام بني الإنسان وإكرامهم أصحاء ومرضى أحياءً وأمواتًا فقال
تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..} [الإسراء: 70] ، ودعا كذلك إلى مُداوة
المرضى، والإحسان إليهم، والتَّألم لألمهم؛ فقال عليه الصلاة والسلام : «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ
فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى
مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [مُتفق عليه].