«الاقتصاد المصري ما بعد الكورونا».. الدولة تتجه نحو تحقيق نهضة صناعية وزراعية.. وبرلمانيون: مصر بيئة جاذبة للتنمية الصناعية.. وقادرون على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية
أثبتت الازمة المالية العالمية الحالية نتيجة انتشار فيروس الكورونا عالميا ضعف السياسات المالية الحالية، فمن المتوقع أن تحقق الكثير من دول العالم معدلات نمو بالسالب، ما يشكل دافعا للاقتصاد المصري بأن ينوع مصادر دخله ، بجانب " قناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج والسياحة"، لذا كان توجه الرئيس السيسي منذ اليوم الأول لتوليه المسئولية، الاهتمام بالزراعة والصناعة باعتبارها عصب أى اقتصاد فى العالم.
توفير بيئة جاذبة للنهوض بالصناعة
أبدى النائب سمير البطيخي عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، سعادته بشهادة صندوق النقد الدولي، الذي أكد أن مصر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط المتوقع أن يصل معدل النمو بها الى 2 % ، في ظل حالة الانكماش لاقتصاديات باقي الدول في المنطقة.
وأكد البطيخى في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الدولة تتجه إلى توفير البيئة الجاذبة للصناعة، وكذلك توفير المستلزمات اللازمة لتحقيق نهضة اقتصادية تساهم في تقوية عصب الاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن مجلس الوزراء والبنك المركزي أصدرا عددا من القرارات كانت في صالح النهوض بالصناعة المصرية، وخاصة في ما يتعلق بحل مشاكل المصانع المتعثرة، حيث أصدر البنك المركزي عده قرارات منها ايقاف القائمة السوداء للمصانع المتعثرة بالبنوك، بجانب وقف جميع المطالبات القضائية لهذه المصانع من أجل التيسير عليها.
كما قام مجلس الوزراء بإصدار عدد من القرارات للنهوض بالصناعة ومنها تخفيض سعر الغاز المليون وحده حرارية، وكذلك تخفيض أسعار الكهرباء بالنسبة للمصانع كثيفة الاستهلاك.
وشدد البطيخي على ضرورة تعويض عدد من صناعات المنتجات التي يتم استيرادها، بمحاولتها إنتاجها داخل مصر عن طريق توفير الامكانيات المطلوبة لذلك، حتى يمكن الاستفادة منها في توفير العملة الصعبة والارتقاء بالمنتج المحلي.
ولفت البطيخى أن الدولة تولى اهتماما كبيرا بالمشروعات الصغيرة والمشروعات متناهية الصغر، سواء من جانب الحكومة أو من جانب مجلس النواب، حيث اتجهت الدولة إلى إقامة عدد من التجمعات الصناعية الكبرى التي تضم عدد من المشروعات الصغيرة، مثل المنطقة الصناعية للجلود بالروبيكي، والمنطقة الصناعية لصناعة الأثاث بدمياط، بجانب توفير عدد من المبادرات الداعمة لتشجيع الصناعات الصغيرة والتي كانت آخرها مبادرة البنك المركزي.
وطالب البطيخى، الشباب باستغلال هذه الفرص، عن طريق تغيير تفكيره نحو التوجه للعمل في القطاع الخاص باعتبار المستقبل الواعد لمصر.
الصناعات الصغيرة عصب النهوض بالاقتصاد
وقالت الدكتورة هدى الملاح مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إن الاهتمام بالصناعة بات أحد أهم الموارد للنهوض بالاقتصاد القومي، حيث يولى الرئيس السيسي هذا الملف اهتماما كبيرا.
وأشارت الملاح في تصريح لـ"الهلال اليوم" إلى أنه مع انغلاق كل دولة على نفسها، بسبب أزمة انتشار فيروس كورونا، باتت فرص الاستيراد صعبة للغاية، ومن ثم بات لزاما علي دولة أن تعتمد على نفسها في محاولة لتوفير بدائل للمواد المستوردة من الخارج عن طريق ما يسمى في علم الاقتصاد بـ"الاحلال محل الواردات"، موضحة أنه لا يوجد أي منتج إلا وتغذيه موارد وسيطة، وهي المواد التى تنفق مصر ملايين الدولارات من أجل استيرادها.
وأضافت إنه يجب على الدولة الاهتمام بالصناعات الصغيرة التي تعتبر فرصة كبيرة لتشغيل الشباب والحد من البطالة، وذلك عن طريق تذليل جميع العقبات التي تعوق إتمام تلك المشروعات، في ظل التعثر الذي طال المصانع الكبيرة بسبب أزمة فيروس كورونا، حيث أصبح من الصعب عليها توفير تكاليف الانتاج في الوقت الحالي.
ولفتت الملاح إلى أن أهم العقبات التي تواجه نجاح المشروعات الصغيرة بجانب أزمة توفير القروض التى بدأت الدولة على حلها، تلك المتعلقة بتأسيس المشروعات الصغيرة من توفير مكان وسجل تجاري وجميع ما يتعلق بمشاكل البيروقراطية، التي تقف دائما حائلا امام إنجاح المشروعات الصناعية في مصر.
وطالبت الدولة بضرورة رعاية أصحاب المشروعات متناهية الصغر التي يتراوح رأس مالها ما بين 10 آلاف الى 20 ألف جنيه، حيث تعتبر تلك المشروعات العماد الرئيسي لنمو الصناعة في الوقت الحالي، حيث لا تحتاج إلى كثير من الإجراءات والتعقيدات .
وأكدت الملاح على ضرورة الاهتمام بمورد الصادرات باعتباره موردا حيوياً في النهوض بالاقتصاد المصري، مشيرة إلى أن الرئيس السيسي أجرى العديد من الجولات في عدد كبير من الدول الصناعية ومنها ألمانيا من أجل نقل تلك التجارب ومحاولة الاستفادة منها.
وشددت على ضرورة انفتاح مصر على أفريقيا باعتبارها سوقا كبيرا للتصدير وذلك عن طريق تذليل جميع العقبات التي تواجه التصدير إلى إفريقيا، وعدم ترك السوق الإفريقية للكثير من الدول، مثل ألمانيا والصين وفرنسا والتي بدأت التوغل في إفريقيا باعتبارها سوقا واعدة.
كما شددت الملاح على ضرورة الاستفادة بالشكل الأمثل من الثروات الطبيعية والمواد الخام الموجودة في مصر، عن طريق التوسع في إنشاء مصانع للاستفادة منها، بدلا من تصديرها كمواد خام وإعادة استيرادها على هيئة مواد مصنعة بقيمه دولارية أعلى، مطالبة بضرورة أن تكون مصر بلدا للتصنيع، لا بلدا لتجميع المواد الصناعية المستوردة.
الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية
وأشاد النائب رائف تمراز عضو لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية بمجلس النواب، برؤية الرئيس السيسي للنهوض بالزراعة، مثمناً توجيهات الرئيس بزيادة رقعة مشروع المليون ونصف فدان إلى مليوني فدان بزيادة 500 ألف فدان.
وشدد تمراز في تصريحات لـ"الهلال اليوم"، على ضرورة عودة مصر كدولة منتجة زراعيا، حيث يعد ذلك الطريق الوحيد للنهضة الاقتصادية في ظل الانهيار الاقتصادي الذى أصاب العالم بسبب أزمه انتشار فيروس كورونا، لافتا إلى أن الاقتصاد الزراعي بات الأهم خلال الوقت الحالي، خاصة أن مصر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية لقصب السكر والبنجر والقمح والذرة.
وطالب الحكومة بمنح الفلاحين، وخاصة صغار المزارعين مزيدا من التسهيلات، مثل حق الانتفاع من الأراضي الزراعية بأسعار ميسرة، لافتا أن بيع هذه الأراضي سواء عن طريق المزادات أو للمستثمرين لن يسهم في النهوض بالزراعة المصرية، بسبب عدم قدرة المزارع الصغير الذي يعتبر أساس العملية الزراعية في مصر على شراء هذه الأراضي.
وأكد تمراز أن قرار الدولة بمنح صغار المزارعين للأراضي بحق الانتفاع، سوف يشجع المزارعين، على الخروج الى الصحراء وبالتالي زيادة الرقعة الزراعية في مصر.
كما طالب وزارة الزراعة و مركز البحوث الزراعية بإنتاج تقاوي قصيرة العمر، حيث يسهم هذا النوع من التقوى في زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية، فعلى سبيل المثال سيزيد إنتاج محصول القمح من 9 مليون أردب إلى 13 مليون أردب.
ولفت تمراز إلى ضرورة تطبيق الخريطة الصنفية بحيث يتم زراعة كل نوع من المحاصيل الزراعية مع التربة التي تتناسب مع طبيعته، مما يسهم في زيادة القيمة الإنتاجية للمحصول الزراعي، مطالبا الإدارة المركزية بالقاهرة بضرورة تطبيق القرار ـ لم يطبق حتى الآن في مصرـ بالرغم من أنها سيسهم في زيادة القيمة الإنتاجية للمحصول بزياد تصل إلى 30 % .
وتابع: "ينبغي كذلك مد المزارعين بسُلف بدون فوائد أو بفوائد قليلة، أسوة بما قامت به الحكومة مع أصحاب المصانع"، متسائلا: لماذا لا يتم التعامل مع الفلاحين كما يحدث مع المستثمرين، من أجل مساعدتهم في الحصول على مستلزماتهم الزراعية التي ستنصب في النهاية في صالح الاقتصاد الوطني للدولة.
وطالب بضرورة مد الفلاحين برؤوس المواشي عالية الإنتاج، مشيرا إلى أن خلط رؤوس المواشي المصرية مع رؤوس مواشي أجنبية، سوف يسهم في زياده إنتاجية الألبان واللحوم، مما ينعكس علي الاقتصاد المصري في تقليل استيراد مصر من رؤوس الماشية مستقبلا.
آن الأوان لأن ننتج محاصيلنا بأيدينا
وقالت النائبة جواهر الشربيني، عضو لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية بمجلس النواب، إن الرئيس السيسي يؤكد دائما على ضرورة الاهتمام الفلاح المصري والتعرف على مطالبه، مضيفة إن الدولة تولى اهتماما كبيرا للنهوض بالزراعة عن طريق طرح عدد من المشروعات الكبرى التي يتابعها الرئيس السيسي بنفسه، ومنها مشروع المليون ونصف مليون فدان، ومشروع الصوب الزراعية، بجانب مشروعات الثروة السمكية.
وشددت الشربيني فى تصريح لـ"الهلال اليوم"، على ضرورة أن تعود مصر من جديد إلى الزراعة، وآن الأوان أن ننتج محاصيلنا بأيدينا، مؤكدة على أن مصر بلد زراعي في المقام الأول، حيث ترتكز الصناعة على الموارد الزراعية.
وأوضحت أن المادة 29 من الدستور المصري نصت على "ضرورة تحديد أسعار المحاصيل الزراعية بمدة كافية وتوفير المستلزمات الزراعية للفلاحين، لافتة أن قانون الزراعة التعاقدية لا يزال حبيس الأدراج لدى الحكومة.
ولفتت الشربيني أنه رغم أن مصر دولة مصدرة للأسمدة الكيماوية، إلا أن الفلاح المصري يحصل على 3 "شيكارة" من الأسمدة، بينما يقوم بشراء الباقي من السوق السوداء، وهو ما يفوق قدرته المادية، مطالبا الشركات المصدرة للأسمدة بعدم التصدير إلا بعد اكتفاء الفلاح من احتياجاته من الأسمدة.
وطالبت بضرورة جلوس الحكومة و لجنة الزراعة والري بالبرلمان، مع الفلاحين لوضع خريطة جديدة للزراعة المصرية تتناسب مع الخطط الطموحة التي تسير مصر في اتجاهها، مشددة على ضرورة تفعيل دور الجمعيات الزراعية التي فقدت دورها ولم يعد لها دور في مساعدة الفلاح.
وشددت على ضرورة دعم الفلاح المصري باعتباره الركيزة الأساسية للنهوض بالزراعة المصرية، وذلك عن طريق تذليل جميع العقبات التي تقف أمامه، مشيدة في الوقت ذاته بالجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة في القيام بإزاله التعديات على الاراضي الزراعية.
وطالبت بتفعيل الرقابة من أجل الحفاظ على رقعة الأرضي الزراعية عن طريق توقيع عقوبات مشددة على كل من يحاول التعدي على الأراضي الزراعية .
ولفتت الشربيني أنه رغم ما يمر به العالم من أزمات بسبب انتشار فيروس كورونا، فإن مصر لم تسجل أي نقصا في المواد الغذائية او الزراعية بسبب الخطط المدروسة التي أدت الى تماسك مصر ووقوفها على أقدامها في وجه الأزمة.