عقد الدكتور مصطفى
مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مؤتمراً صحفياً حضره طارق عامر، محافظ البنك المركزي، والدكتورة
هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور محمد معيط، وزير المالية،
والدكتور رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، وأسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، وأحمد
كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية والتطوير المؤسسي.
وفي مستهل المؤتمر،
أكد رئيس الوزراء أن الفترة الماضية شهدت التركيز على تداعيات فيروس كورونا، وكنا نوجه
دوماً رسالة، بأن الحكومة تعمل بالتوازي على محور الاقتصاد المصري، للحفاظ على المُكتسبات
الكبيرة التي تحققت خلال السنوات الماضية، فيما يخص الإصلاحات الاقتصادية التي قامت
بها الدولة المصرية، والتي حققت نجاحات كبيرة أشاد بها العالم كله، بما يمكننا من الوقوف
على أرض صلبة في مواجهة التداعيات السلبية الكبيرة المصاحبة لفيروس كورونا، والتي أثرت
سلباً على كل اقتصاديات العالم.
وأوضح مدبولي أنه
بعد انتهاء برنامج الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، في يونيو الماضي، استقر
يقين المجموعة الوزارية الاقتصادية على أهمية البناء على المكتسبات الكبيرة التي تحققت
في قطاعات الاقتصاد المختلفة، لافتاً إلى أن ذلك دعا الحكومة إلى بدء نقاشات بشأن برنامج
آخر، مع صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومؤسسات مالية دولية أخرى، هدفه أن تقوم
هذه الجهات بالاستمرار في تقديم الدعم لمصر في تحقيق ذات برامج الإصلاح الهيكلي، وفي
بداية هذا العام تقدمت الحكومة بطلب برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي، يتضمن جانب
دعم فني فقط، ولكن بعد مرحلة تداعيات فيروس كورونا، ظهر الاحتياج لأن يكون هناك دعم
مالي أيضاً إلى جانب الدعم الفني.
وأشار رئيس الوزراء
إلى أن الحكومة على عهدها تتحرك من إدراك لطبيعة
المرحلة الاستثنائية التي يمر بها العالم، وتفرض آثارها السلبية على الاقتصاد
العالمي، ورغبة في الحفاظ على المُكتسبات التي تحققت، فإن هذه الخطوة تعدُ إجراء احترازياً،
فلا أحد حتى هذه اللحظة يستطيع أن يجزم بميعاد انتهاء هذه الأزمة، والتي تفرض تداعياتها
الكبيرة محلياً على قطاعات مثل السياحة والطيران، وقد تمتد إلى المتحصلات من النقد
الأجنبي.
وشدد الدكتور مصطفى
مدبولي على أن الاقتصاد المصري نجح في الصمود بفضل الإجراءات التي اتخذتها الدولة خلال
السنوات الأربع الماضية، وهو الأمر الذي يظهر جلياً في توافر
السلع، وعدم اهتزاز أسواق النقد، على النحو الذي عانت منه بعض الدول خلال الفترة السابقة،
لافتاً إلى أن الحُكومة تتحسب للمُستقبل، وتتخذُ خُطوة احترازية تجنباً لأية تداعيات،
لذا ستبدأ مباحثاتها مع الصندوق لمناقشة الخطوات التنفيذية خلال الأيام القليلة.
من جانبه أكد محافظ
البنك المركزي خلال المؤتمر الصحفي، أن القطاع المصرفي المصري استعاد الكثير من قوته
خلال السنوات الماضية، ويتمتع بمزايا جعلته قادراً اليوم على القيام بدور كبير في الأزمة
الراهنة، موضحاً أن القطاع المصرفي تمكن على مدار السنوات الماضية من بناء رؤوس أموال
البنوك واحتياطاتها بشكل كبير لتصل اليوم إلى حوالي 450 مليار جنيه، كما يملك القطاع
المصرفي مبالغ سيولة بأكثر من تريليون جنيه.
وأشار عامر إلى
أن هذا الوضع في القطاع المصرفي مكنه من مساندة القطاع الخاص في السوق، ومساندة القطاع
الحكومي، وكذا المواطنين بالنسبة للخدمات المصرفية والتمويل والادخار، وذلك نتيجة استباق
الأحداث وعدم انتظار مفاجآت تنتج عن الأزمات.
وبالنسبة للوضع
النقدي، أشار محافظ البنك المركزي إلى أن الحكومة المصرية مع البنك المركزي، وبالتعاون
مع مؤسسات دولية، اتخذت إصلاحات اقتصادية ضخمة، كانت ناجحة للغاية، وأشاد بها الجميع
في الخارج، وكانت سبباً في قدوم الأسواق وتدفق الأموال إلى السوق المصري من كل اتجاه،
وفتحت أمامنا مجالات كبيرة للتمويل الدولي، وأصبح لدينا مرونة كاقتصاد في الحصول على
التمويل الدولي، ومجال لتعويض الخسائر في بعض القطاعات التي تتضرر جراء الأحداث وعلى
راسها قطاع السياحة.
وأضاف عامر أن
صندوق النقد الدولي متحمس جدا لأن الاقتصاد المصري يملك مصداقية كبيرة بسبب النجاح
المتميز للبرنامج الاقتصادي، مشيراً إلى أن برنامج التمويل لمدة سنة فقط، يتيح الاستفادة
من تمويل جديد، فالاحتياطات تساعد على تحمل الصدمات، وكنا نصدر سندات دولية لتعظيم
الاحتياطيات لكثرة الاضطرابات في الأسواق العالمية.
وخلال المؤتمر
أشار وزير المالية إلى أن الأداء الخاص بالموازنة العامة للدولة والمالية العامة للدولة
يتعامل بشكل جيد مع تداعيات أزمة فيروس "كورونا"، سواء على المستوى المحلى
أو العالمي، مؤكداً على أن مواجهة الأزمة تطلبت انفاقاً زائداً، وهو ما أثر على بعض
الإيرادات نتيجة للإغلاق والظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
وأضاف وزير المالية
أننا نسعى في ظل الظروف الاستثنائية الحالية للحفاظ على ما تحقق من نتائج إيجابية من
تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذى تم تنفيذه بنجاح كبير، وأشادت به العديد من المؤسسات
الدولية ، موضحاً أن هذا النجاح هو ما وفر للدولة المصرية مساحة مالية جيدة، وجعلها
قادرة على التعامل مع أزمة فيروس "كورونا" بشكل جيد، مشيراً إلى أنه تم أجراء
العديد من المباحثات مع صندوق النقد الدولي، وتم الاتفاق على تقديم دعم فنى وتمويل،
وذلك سعياً للحفاظ المكتسبات التي حققها الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية، وصولاً
لتعافى الاقتصاد المصري بصورة سريعة عقب الانتهاء من هذه الأزمة، والعودة للنمو بالمعدلات
المعتادة له.
وأشارت الدكتورة
هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى أن الأزمة الحالية تُعد غير مسبوقة
وتتسم بشكل كبير بعدم اليقين، مُوضحة أن الدولة المصرية والمجموعة الاقتصادية قامت
بوضع سيناريوهات مختلفة لوضع الاقتصاد المصري في إطار التداعيات السلبية لهذه الأزمة.
ولفتت وزيرة التخطيط إلى أن الاقتصاد المصري ومؤشرات
الأداء الخاصة به كانت في أفضل حالاتها حتى بداية مارس 2020 قبل هذه الأزمة سواء كان
مؤشر النمو على المستوي القومي أو مؤشرات النمو القطاعية ـومؤشرات البطالة وغيرها.
وأوضحت الوزيرة
أن تأثير هذه الأزمة على كل القطاعات ليس بنفس النسبة، حيث يوجد قطاعات تأثرت بشكل
سلبي مثل التي حصل لها إغلاق كلي أو جزئي، مُضيفة أن الاقتصاد المصري لديه القدرة والمرونة
لأن اقتصادنا متنوع ويوجد قطاعات بها قدر كبير من المرونة وتتمتع بميزة نسبية مثل قطاع
الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة، وجزء من القطاعات الصناعية.
وفي ذات الصدد،
نوهت الدكتورة هالة السعيد إلى أنه تم وضع عدد من السيناريوهات، قائلة: "نتوقع
إن شاء الله انه بنهاية هذا العام سيحقق الاقتصاد المصري 4,2% معدل نمو وهو من أفضل
معدلات النمو على مستوي العالم، وذلك نتيجة للإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمساندة
القطاعات التي تضررت من آثار هذه الأزمة".
كما أشارت وزيرة
التخطيط إلى أنه تم البدء في العمل على مجموعة من السيناريوهات الخاصة بما بعد الأزمة،
نظراً لأن الاقتصاد العالمي كله بعد الأزمة سيختلف عن قبلها، مُضيفة في الوقت نفسه
أن الحكومة لا تضع هذه السيناريوهات وحدها، قائلة: "إننا منفتحون مع المجتمع الأكاديمي
والمدني والقطاع الخاص وذلك للمشاركة في شكل الاقتصاد العالمي بعد كورونا".
وقالت الدكتورة
هالة السعيد: إن هناك قطاعات سيكون لها الأولوية وسيُركز عليها العالم بعد هذه الأزمة،
لافتة إلى أن الدولة المصرية قامت بالفعل بالاستثمار في بعض القطاعات مثل قطاع تكنولوجيا
المعلومات، وهو ما يتضح من خلال عملية التعلم عن بعد واستخدام تكنولوجيا المعلومات
في التجارة وفي الاقتصاد بشكل عام، مُضيفة أيضاً أن قطاع الصحة والقطاعات الدوائية
والطبية سيكون لها أولوية.
وفي ختام كلمتها
خلال المؤتمر الصحفي، قالت وزيرة التخطيط إن السيناريوهات التي تعمل المجموعة الاقتصادية
على وضعها تتضمن شكل التكتلات الاقتصادية العالمية، والتجارة الدولية وسلاسل التوريد
ومدي انعكاسها على الأزمة، هذا بالإضافة إلى العمل على استمرار الإصلاحات الهيكلية
التي ستُحقق استدامة في معدلات النمو وضمان التشغيل.
وأشارت وزيرة التعاون
الدولي خلال المؤتمر الصحفي إلى أن ما يمر به العالم من أزمة انتشار فيروس "كورونا"
، جعل العديد من المؤسسات الدولية تتعاون في تنفيذ العديد من المبادرات المختلفة لمواجهة
هذا الفيروس، مؤكدة على التنسيق والتعاون مع تلك المؤسسات، مشيرة إلى برنامج التعاون
مع كل من البنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي، والبنك الأوروبي للاستثمار، مشددة على
الحرص على التواصل المستمر مع تلك المؤسسات لإلقاء الضوء على ما قامت به الدولة المصرية
من جهود في مواجهة أزمة فيروس "كورونا" على كافة الأصعدة الصحية والاقتصادية.
وأشارت الوزيرة
إلى أن التمويل الذى يأتي من المؤسسات الدولية يكون أقل في التكلفة من أي تمويل آخر،
مضيفاً أن ما تشهده الأسواق العالمية من اضطرابات يؤثر على تكلفة الإقراض، وهو ما يجعلها
مرتفعة مقارنة والذى يتم إتاحته من جانب المؤسسات الدولية.
وفي ختام المؤتمر
الصحفي، أشار الدكتور مصطفي مدبولي إلى أن الوضع الحالي والجهد الكبير الذي قامت به
الدولة المصرية خلال السنوات الأربع الماضية، منذ بدء منظومة الإصلاح الاقتصادي، هو
الذي أدي إلى وجود ثقة في الدولة من كل المؤسسات الدولية، وهو ما جعل هذه المؤسسات
تُبادر بالترحيب بمساعدة ودعم مصر، حرصاً منها على استمرار نجاح هذه التجربة التي تعتبرها
المؤسسات الدولية "نموذجاً" يجب أن تحتذي به دول العالم النامي.
وأكد رئيس الوزراء
أننا كمجموعة اقتصادية كنا حريصين على وضع سيناريوهات في حالة استمرار هذه الأزمة لمدي
زمني طويل، قائلاً: "يجب أن نكون مُتحسبين، ونتخذ إجراءات احترازية واستباقية
نضمن بها عدم حدوث أي تأثر في الاقتصاد المصري، ولا يحدث أيضاً أي تأثير سلبي على المكتسبات
التي تمكننا من تحقيقها والتي أصبح المواطن قادراً على الشعور بها، مثل ثبات الأسعار
والأسواق، ووجود وفرة من السلع والخدمات".
ولفت رئيس الوزراء
إلى أن كل ما سبق هو نتيجة الجهود التي قامت الحكومة بتنفيذها في الفترة الماضية، مُشدداً
على حرص الدولة المصرية والمجموعة الاقتصادية على استمرار هذه المكتسبات، وهو ما يدعونا
إلى اتخاذ كافة الإجراءات الاستباقية والاحترازية بما يضمن استمرار نجاح مصر في التعافي
والانطلاق والتقدم، قائلاً: " في ضوء التوقعات والآمال التي من الممكن أن تشهد
عودة وفتح مجالات العمل في مطلع شهر يونيو، نأمل أن نكون قادرين على سرعة التعافي وتعويض
الفترة الصعبة التي يمر بها العالم كله في خلال الفترة السابقة بسبب تداعيات فيروس
كورونا".
واختتم رئيس الوزراء
المؤتمر الصحفي مُتقدماً بخالص التهاني للمصريين بمناسبة حلول شهر رمضان، مُتمنياً
من الله أن يوفق مصر ويُسلمها من كل سوء.