حمدي رزق: مسلسل «الاختيار» أيقونة فنية جمعت العائلة من جديد.. وأعادت رونق دراما الوطن الجميل
نجح المسلسل الرمضاني «الاختيار»، الذي يروي قصة الأسطورة الشهيد "أحمد صابر المنسي"، في الوصول لمشاعر ووجدان قلب كل مصري ثائر، وحر، وغيور على أرض وطنه العزيز، حزينًا على الدماء الطاهرة التي سالت على أرض سيناء المقدسة.
بدأ الكاتب الصحفي الكبير "حمدي رزق" مقاله برسمة جمالية خلابة، صممها في ذهنه، وصالت وجالت حتى خرجت توصف مدى إبداع الفنان "أمير كرارة".
وأكد رزق، أن النجاح الذي وصل إليه "كرارة" لا ينافسه نجاح على الإطلاق، حيث أتقن دور "المنسي" لدرجة جعلت من المسلسل «أيقونة فنية» جمعت العائلة من جديد حوله، على الرغم من الإعلانات المليئة بالسخف والإبتذال التي تفصلنا عنه لبضع دقائق.
وأوضح رزق، في مقاله، أن إبداع "كرارة" في رسم الصورة الواقعية وتحوليها إلى الشاشة الرمضانية ببشاشة وجه البطل الشهيد "المنسي" قد أعادت خلق الدراما المصرية من جديد، حيث استعادت الرونق والصورة الذهنية لشخصية البطل والرمز الثائر المناضل بداخل وجدان الأمة العربية بأكملها.
واستطرد رزق، خلال مقاله، عن مدى التجسيد الرائع بين صورة البطل الشهيد، والإرهابي الخائن، مؤكدًا ما تركه "المنسي" على عاتقنا من بطولة أسطورية ستظل تجري في عروقنا مجرى الدم، ويرددها اللسان أبد الدهر، ومن ثم تُقشعر الأبدان عند سماع صوته وهو يردد "قالوا إيه علينا دول.. وقالوا إيه".
وتقدم بوابة "الهلال اليوم" مقال الصحفي الكبير "حمدي رزق" كما يلي:
"عزيزة ونادرة الأدوار التى ترسم نجما، وترفعه عنان السماء، وتمنحه محبة،
ويصير فى القلوب والأعين عزيزا مقدرا، مثل هذه الأدوار يرقبها الفنان
النجم، يتربص بها، يقتنصها، وما إن يظفر بها يتعايش، يتقمص، يتماهى، تحل فى
روحه الشخصية، فلا تبين الفارق بين الأصل والصورة.
لا يحتاج الممثل «أمير كرارة» لأدوار بطولة بعد «بطولة المنسى»، دور الشهيد
البطل ليس دورا عاديا، استثنائيا كان المنسى، ومحظوظا من يجسده على الشاشة
الصغيرة، الطيبون يشاهدون الحلقة أكثر من مرة فى الْيَوْمَ والليلة، كلما
عرض المنسى أو تصادف ظهوره من بين ركام الإعلانات السخيفة، تعلقت الأعين
بهذا النجم الخاطف.
محظوظ كرارة، وعلى قدر حظه على قدر تعبه وإخلاصه فى حب المنسى، لكى تثير
أغوار فدائى من هذا الصنف الفاخر، وتتلبس روحه حتما ولابد من أن تحبه أولا
حتى يسرح فى روحك، فتطل علينا بوجه المنسى البشوش وهو يلقى علينا آيات
الوطنية وهو فى رقة النسيم على المحبين، وهبوب الريح العاصف على الأعداء فى
الأنفاق المظلمة.
الحالة الوطنية التى يجسدها المنسى كل ليلة فى مسلسل رمضان الأول
«الاختيار» تعوض جدبا وتصحرا أصاب الدراما التلفزيونية عن إدراك المعنى
الكامن فى شهادة هؤلاء الأبطال «علشان إحنا نعيش.. علشان مصر تعيش»، مضى
زمن أسود اختلطت فى أيامه الأوراق، حدث خلط مريب، الخيانة حسبت بطولة،
والشهادة باتت صكوكا توزع على اللصوص فى الحارات المزنوقة، و»الخاين « تجسد
رمزا ثوريا نضاليا يبهر المرجفين وطنيا..
«الاختيار» استعادة وجوبية واجبة مستوجبة للروح الوطنية التى تشوهت بفعل
فاعل، استعادة روح «رأفت الهجان»، دراما الوطن الجميل، والعزة والكرامة
والقيمة فى زمن قلة القيمة، والترخص، والابتذال، رونق الدراما يتأتى من
الأعمال الكبيرة عن البطولات الكبيرة، ما قدمه المنسى من فداء تعجز عن
تجسيده الدراما، ولكن محاولة كرارة سيكتب لها النجاح، بطولة مضمونة النجاح
لأنها بطولة المنسى الذى حرك محركات البحث الإلكترونية، بحثًا عن اسمه
ورسمه ونشيده الوطنى، قالوا إيه علينا دولا وقالوا إيه.
التيمة الرئيسيّة التى ذهب إليها «الاختيار» والمفارقة والمقارنة بين وطنية
«المنسى» وخيانة «عشماوى» خليقة بالتدبر، والتوقف والتبين، كيف يسطع
المنسى شهيدا ويرتقي، وكيف يقبر عشماوى ويلفظ، الفارق بين الشهيد والخاين،
فارق كبير، هذا فى أعلى عليين، وهذا فى أسفل سافلين، المنسى درس للوطنيين،
وتحذير للخونة المجرمين، هناك فى الحدود أسود تكشر عن أنيابها، هناك بطل
اسمه المنسى ترك البطولة لأقرانه والأمانة فى أعناق أشباله.. و.. «آن
الأوان يا ولدى /.ما عاد إلا المعاد/ تنفض الشركة واصل / وينزاحوا الكلاب /
عايزنى أكون أبوك / بتديب لى ثار أخوك / والأهل يبلغوك / دميعا السلام..
واه يا عبد الودود".